اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

المرحوم عمر علي – الضابط البطل والأنموذج الأمثل لوحدة الشعب

 

لطالما سمعنا باسمه منذ كنا صغار السن، وبعد أن بدءنا نشعر بهول الكارثة وقوة الصدمة وضخامة الخسارة بفقدان معظم أراضي فلسطين، وما حل بشعبها المسكين بعد الحرب مع الصهاينة سنة 1948، ومع كل ما ذكرت من كارثة وصدمة خسارة وعظم مأساة بخسارة الجيوش العربية مجتمعة امام جيش من العصابات المعدة والمجهزة لهذه الحرب في حين لم تكن جميع جيوشنا متهيأة لها، ولكن ما كان يخفف في قلوبنا لوعة الحزن وعمق المأساة، هو ما كنا نسمع، ونعلم من اخواننا أو اولياء امورنا عند تجمعهم في دار احدهم، أو في مقهى، عن بطولات عدد غير قليل من ضباط جيشنا البطل، الذين كانوا رمزاً رائعاً في الشجاعة والاقدام، وخاضوا معاركاً في تلك الحرب صُعق لها العدو لجرءتها وشجاعة منفذيها بأمكانياتهم التسليحية المتواضعة، وأول من كان يذكر من هؤلاء الضباط الشجعان (المرحوم عمر علي) ، وكان هذا الضابط دائماً محل احترام وتقدير عند كل من تكلم عنه وعن بطولاته، وكان لاسمه، ربما دور في ذلك، فهو قد جمع باسمه بين الخليفتين الراشدين العظيمين (عمر وعلي)، أما ما يقرن به من بطولات فهي ترتبط بصورة خاصة بمعركة جنين التي دحر فيها عصابات الصهاينة، وكاد أن يقصم ظهرهم لولا التدخلات، وخطأ القرارات.

 وتمر السنون ويبقى اسمه يتردد في كل مناسبة أو حديث عن بطولات الجيش العراقي في فلسطين، وكيف أنه لو كان ضباط الجيوش العربية كلهم على شاكلة القائد (عمر علي) وبجرأته وبطولته التي كانت مضرب الأمثال لاتخذت الحرب مع الصهاينة شكلا آخر. وبعد أن كنت اسمع به وأعرفه حكايات يرددها الأفواه قدّر الله لي أن التقي به شخصياً في صيفي سنة 1966 و 1967 وكان لقاءً مؤثراً عزز يقيني بما سمعته وعرفته عن هذه الشخصية الشجاعة المؤمنة بقيم الدين الاسلامي، ووطنية الجيش واخلاصه في سبيل المبادئ الوطنية والقومية والاسلامية وحمايتها، كان متحمساً في كلامه وكأنه فعلاً في معركة، يتحدث بشجاعة وينتقد القيادات العربية الحاكمة والمتسلطة على شعوبها وجيوشها، وعندما تجرأت وسألته يرحمه الله عن فلسطين وكيف ضاع معظمها في حرب 1948 ولاحقاً كلها في هزيمة 1967، كان يوضح لي بحماس واسترسال ان القرارات السياسية هي التي قيدت أيدي الجيوش العربية في المبادرة والمباغتة والمهاجمة، فكانت الهزيمة بسبب من ذلك، وليس بسبب من الجيوش وان كانت هزيلة التسلح، لكنها لولا تلك القرارات الهزيلة لحققت النصر او قللت من حجم الهزيمة، وان الوضع بعد هذه النكسة (نكسة حزيران 1967) سوف لن يكون من السهل التقليل من النتائج أو محو الآثار، وصدق حديثه فحتى وقتنا الحاضر تعاني الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب  الفلسطيني والشعب العراقي الامرين من تلك الهزيمة.

اعود إلى جانب آخر من جوانب شخصية هذا العسكري العراقي التي قد يعرفها القليل ولا يعرفها الكثير، منها كما ذكرت في مقدمة كلامي، اسمه الموحد لطوائف المسلمين في العراق والعالم الاسلامي اجمع ، والامر الآخر ما سمعته من بعض اخواننا الكورد الذين يذكرونه بفخر واعتزاز على انه من قوميتهم (كوردي)، فيما يذكره التركمان بفخر واعتزاز، أيضا، على انه كان تركمانياً، وهذا طالما سمعته من الكثير من أخوتي التركمان، في حين لم اسمع من زملائي من يقول عنه انه عربي، وان كنا نحن العراقيين العرب نذكره بفخر واعتزاز لانه كان مثالا للضابط العراقي البطل، وأنا لم استغرب عندما علمت أخيرا انه من العراقيين العرب، لأني اعتقد (والله يرحمه والله اعلم ) انه دائماً يفتخر بكونه عراقيا، ضابطا في جيش العراق البطل؛ ولكونه من ابناء مدينة كركوك فذلك يعزز ما ذكرت من انه يمثل الأنموذج الأمثل لوحدة العراق وكما ينبغي لها أن تكون عليه في كركوك، إنه جمع فخر أبناء قوميات العراق  الثلاثة  الكبار .

وفي ختام مقالتي هذه أدعو وزارة الدفاع ان تعيد الاعتبار لجيش العراق. إن الجسم قد عاد لجيش العراق، وبإمكانها (الدولة) أن تعيد الروح اليه باطلاق اسماء الضباط الابطال من جيش العراق، يرحمهم الله، على أفواج وألوية وفرق جيش العراق، وليكن اسم عمر علي اولها لكونه رمزاً للبطولة والوحدة. ليرحمك الله أيها البطل  الشجاع الذي انعم الله علي بلقائه لساعتين.

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا