اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

سحرة هنود وسحرة عراقيون

 

في احد الأيام في سنوات الحصار الذي ظلم فيه شعب العراق أقسى ظلم وعدوان لم تشهده البشرية منذ قديم الزمان، وكعادتهم (أبناء العراق) الذين لم ينسوا النكتة والمزاح عما حل بهم من فقر وحرمان، قال لي احد الأصدقاء: هل سمعت أخر نكتة عن الحصار يتداولها الناس؟ قلت له: انها كثيرة جداً، فما هو الجديد من النكات؟ قال: يقال التقى هندي بآخر عراقي، فقال الهندي متفاخراً: هل تعلم يا زميلي العراقي ان لدينا في الهند عشرة آلاف ساحر؟ أجابه العراقي فوراً: هل تفخر بوجود عشرة آلاف ساحر في بلد يعيش فيه أكثر من مليار إنسان؟ أجابه الهندي: وكم ساحر لديكم في العراق؟ أجابه العراقي: اننا في العراق ثمانية وعشرون مليون ولدينا ثمانية وعشرون مليون ساحر، قال له الهندي: كيف ذلك عليك بالبرهان؟ أجابه العراقي: ان كل واحد منا يتسلم راتباً قدره ثلاثة آلاف دينار شهرياً، ولكننا جميعاً نصرف ثلاثمائة الف دينار شهرياً، أليس ذلك سحراً؟ اجابه الهندي: اشهد بالله انكم سحرة!! نعم لديكم ثمانية وعشرون مليون ساحر .

ضحكت وزميلي وانصرفنا كل لعمله، عدت الى الدار، ولا اعلم لماذا اتجهت الى التلفاز مباشرة على محطة بغداد، فكانت هناك مقابلة مع إحدى السيدات العربيات من اللواتي كن يحضرن للإعراب عن تضامنهم مع شعب العراق (من الحصار الذي فرضه الأعداء) فكانت تقول لمقدمة البرنامج ( أأول للناس في بلدي شايفين ازاي اخوانا في العراق شطار، بأيبضوا في الشهر ثلاثة الاف دينار ويصرفوا ثلاثمائة ألف دينار، اليس هم شطار وأبطال) لم اتأخر دقيقة ورفعت سماعة التلفون على زميلي لأعلمه بأن الامر كما يبدو ليس نكتة، بل حقيقة، ونقلت له ما قالته السيدة العربية وضحكنا وأغلقنا سماعة الهاتف .

مرت السنين سريعة او بطيئة، ولكن على رأي المثل البولوني دجاجة مع دجاجة لا تلتقيان، ولكن إنسان وإنسان، وان مرت السنين يلتقيان، وها قد التقيا مرة اخرى: ذلك الهندي وهذا العراقي، فبادر الهندي العراقي بالكلام، وقال له: اتعلم يا اخي ان لدينا في الهند عشرة الاف ساحر؟ فقال له العراقي: وماهو السحر الذي يمارسوه؟ قال له الهندي: ان هؤلاء السحرة يستطيعون السير على المسامير، اجابه العراقي: وهل البلد الذي يزيد نفوسه عن المليار ليس لديه الا هذا العدد القليل ممن يمارس هذا السحر البسيط؟ سأله الهندي: وكم هو عدد السحرة عندكم؟ وماهو السحر الذي يزاولونه؟ اجابه العراقي: ان عدد نفوسنا ثمانية وعشرون مليون وعدد السحرة عندنا ثمانية وعشرون مليون، اعاد الهندي السؤال على العراقي مندهشاً: وماهو السحر الذي يزاولون؟ اجابه العراقي: فورا انهم ثمانية وعشرون مليون انسان يعيشون ومنذ عشرات السنين بين القنابل والصواريخ وقصف الطائرات وملايين الطلقات، وخصوصاً بعد ان أحرز الفريق العراقي هدفاً في الشباك، اما القاذفات والاربيجيات وصواريخ كروز عابرة القارات أما الهاونات وما أنزل الله بنا من قنابل وقنابر وكلاشنكوفات فأنها بلا عدد ولا حساب. وتعجب الهندي ورجا من العراقي السماح له بالكلام ولكن العراقي طلب منه التمهل حتى يكمل الكلام ويعزز البرهان، فأستمر قائلا: اما المفخخات من السيارات والاحزمة الناسفة والعبوات فأنها تفجر يومياً في كل مكان، وأزيدك علماً ياعزيزي الهندي انهم يعيشون بلا بانزين ولا نفط ولا غاز، بل لا كهرباء ولا ماء ودجلة والفرات لا تبعد عنهم سوى امتار .

سكت الهندي برهة ولكنه سارع في السؤال: ولكن كيف تقول ان عددكم ثمانية وعشرون مليون وانا اشاهد واسمع في الاخبار ان كل يوم يقتل منكم المئات، اجابه العراقي: اننا في العراق نركز دائماً على الرصيد وليس على جاري الحساب، اجابه الهندي: آمنت بالله انكم في العراق تجيدون السحر والحساب .

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا