اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

العراق فوق الرأس

 

عندما كنت اعمل في احد البلدان المجاورة ، اطلق عاهل ذلك البلد شعارا يقول فيه (ان بلاده اولاً) وقد اثار الشعار جدلاً ونقاشا بين الاطراف السياسية والاجتماعية، واتفق الجميع على صحته ، لان الامر كما يبدو لي لا يستحق حتى النقاش ، فالوطنية الخالصة تقتضي ان تكون مصلحة الوطن اولا ولا يتقدم عليها شيء اخر.

ومن غير ذلك لا يمكن ان تثبت وطنية او إخلاص اي فرد وان كان قد نشأ وترعرع فيه ونهل من مائه العذب. اما الشعور القومي او الديني الذي يربط ابناء الوطن العربي او الدول المجاورة فهو ياتي بالدرجة الثانية اذ من دون الاول لا يمكن ان يكون هناك شعور قومي او ديني . وعلى ابناء الوطن ان يضعوا نصب اعينهم سيادة وطنهم واستقلاله وحريته وتقدمه اولاً.

اعود الى عنوان خاطرتي فاقول: ان احد اصدقائي الاعزاء من ابناء ذلك البلد سألني لو كنت رئيساً لجمهورية العراق فاي شعار ستطلقه هناك؟ اجبته، دون تردد ( العراق فوق الرأس) ولم يسألني لماذا ، غير اني بادرته بالقول أتعرف لماذا؟ لانه الوطن اولاً، ولانه الوطن الذي ولدت فيه وترعرت ونهلت من خيراته، وهو الذي انفق الكثير من امواله لتعليمي كي احصل على اعلى الشهادات واعلى مراتب التعليم وهو الوطن الذي فيه رفاة الاباء والاجداد هذا على الصعيد الشخصي.

اما على الصعيد العام، فنحن ابناء العراق يجب ان نتبنى هذا الشعار لان العراق موطن الحضارات ومهبط الانبياء والرسالات وفيه دفن ادم ونوح وهود وصالح، وفيه عاش السومريون والبابليون والاشوريون الذين ما زالت اثارهم شاخصة الى يومنا هذا فهم اول من اسس علم الفلك والرياضيات والطب وهم اول من اخترع العدسة ووضع القوانين، فهذه مسلة حمورابي التي سرقها الالاميون – بلاد فارس- كي يتعلموا منها حقوق الانسان وهذه الجنائن المعلقة التي عدت احد عجائب الدنيا السبعة وكتب عنها اليونانيون ووصفوها لتكون خير شاهد على رقي- الحضارة العراقية.. اعود لاقول ان شعار (العراق فوق الراس) هو اقل بكثير مما ينبغي ان يرفع. اليس العراق البلاد التي حررها المسلمون في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) لتكون النافذة الواسعة لانتشار الرسالة الالهية الى شعوب العالم جمعاء،والتي حملت في ثناياها المحبة والسلام بين شعوب الارض وكان شعارها ( لا فرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى) وبذلك حقق السبق على كل شعار حمل هذا المعنى الى يومنا هذا، العراق الذي قامت به دولة الاسلام واحتضن قبور من قاوموا الظلم والطغيان وعقدوا راية الرسالة السمحاء بعدما كاد ينفرط عقدها ويتناثر لؤلؤها ففيه قبر حيدر الكرار وابنه سيد الشهداء وابنائه واحفاده من الاتقياء والشهداء (ع) هو العراق التي قامت فيه دولة بني العباس التي وصلت حدودها الى فرنسا والصين وقدمت ارقى العلوم في الرياضيات والطب والفلك والكيمياء وقدمت الشعراء امثال: بشار بن برد، البحتري ، المتنبي ، والعراق الذي فيه الجواري والسياب ونازك، هو العراق على الرأس منذ اقدم الازمان وحتى يومنا هذا،   فهل عرفتم ذلك وفهمتموه فارفعوه معي وارفعوا رايته، فلتكن يا حبيبي العراق فوق الرأس دائماً.       

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا