اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الإدارة بالأخلاق

 

لست في مقالتي هذه راغباً في منافسة متخصصي وأساتذة علم الإدارة العامة أو إدارة الأعمال في نظرياتهم وآرائهم في الإدارة العامة والأعمال، فهي لها منظروها ومطبقوها مثل تايلور وفايل وغيرهما حتى وقتنا الحاضر، ولكني أرغب في التحدث عن نوع خاص من الإدارة، لم اقرأ عنها في كتب الإدارة العامة وإدارة الأعمال، كما لم أسمع أن أحدا من منظرينا الإداريين قد نادى بها أو وضع أسسا لها، كما لم أجد عموماً في من عهد لهم إدارة الأمور العامة أو الأعمال قد ادعى، او أكد أنه يدير أمور مؤسسته بالأخلاق، وإن كانوا هم على مستوى عالٍ من الأخلاق، لكن، غالباً ما سمعنا منهم من يتفاخر بأنه يدير دائرته بالزجر (الهج) والأوامر الفظة، ولطالما قضيت صباحاً سويعات بالحديث المباشر أو مساءً بالهاتف مع المرحوم أستاذ الإدارة العامة، فيما وصل إليه حالنا في الإدارة وكنا نخاف أن تصل الأمور إلى الإدارة بالهراوة، ولكنها وصلت فعلاً في بعض وزاراتنا ومؤسساتنا في النظام السابق، ولا يمكن لمن فرض هذا النوع من الإدارة أن يتبع غيرها، لأنه كان ممن من دون علم أو ثقافة، وقد فاجأنا صاحب كتاب ( محنة الجهاز الإداري في العراق) بتأكيده أن أحد الوزراء في النظام السابق مارس الإدارة بـ(الدفرات) ! . كل نوع من أنواع الإدارة ممكن أن يسود في هذه المؤسسة أو تلك، وهذا يعتمد على شخصية مسؤولها الأول وما حصل عليه من تربية، وأخلاق، وآداب، وثقافة، وعلم، وخبرة، وغيرها، ولا يمكن أن تكون لإدارته نتائج ايجابية تدفع بمؤسسته إلى الأمام، ولا أن تراوح في المكان نفسه، أو تتراجع إلى الوراء، ولكننا في مؤسسات الدولة، وبما أفرزته أو أوجدته طباع الجزء الأعظم من المسؤولين في النظام الدكتاتوري القاسي جداً، سادت ثقافة الإدارة بالقوة والزجر والترهيب ليس غير.

 كثير من المســؤولين والمرؤوسين يعتقدون أنه السبيـل الأفضل للإدارة، وأي نوع من الإدارة !! إنها إدارة القوة وإدارة الترهيب، وإدارة الضبط والربط التي لا تختلف عن إدارة معسكرات الجيش أو الشرطة، بل أقسى. وهذا الاعتقاد، او ما ساد من اعتقاد بأن الإدارة الناجحة هي هذه، فهو في الحقيقة نتاج ما ساد من تلك الإدارة البعيدة عن الروح الإنسانية والأخلاق، أما الإدارة بالأخلاق والتي (بحسب اعتقادي) كم يمارسها من المسؤولين؟ وكم ينعم بها من المرؤوسين؟ فقد يكون بعضهم يعتقد أنها إدارة ضعيفة لا تنفع، وليست بذي جدوى، لان الإدارة الناجحة لدينا في العراق هي إدارة الضبط والربط والترهيب، وليس الترغيب وإن اقتضى الأمر فلا مانع من ممارسة اسلوب  (الدفرات أو الهروات)، ولا أرغب في أن أطيل عليك عزيزي القارئ، فأقول اسألوا مجرباً وليس منظراً، فان أفضل وأجدى وانفع أنواع الإدارات هي الإدارة بالأخلاق، وان جدواها أعم وأفضل بكثير من غيرها، كون العراقي، في الحقيقة، يحب ويحترم من لديه أخلاق، ويطيع جداً الإداري ذوي الأخلاق، لان تعامله مع العاملين والمتعاملين معه بأخلاق يخلق لديهم جوا من الثقة والاحترام لذلك الإداري الذي يعاملهم بالأخلاق، أما من اعتقد، أو يعتقد، غير ذلك، فهو مخطأ لان النوع الآخر من الإدارة الذي لا يتشح بالأخلاق لم يكن إلا نتاج عقود من السنوات، سادت فيها مفاهيم إدارية عامة أو إدارة أعمال، غالباً ما كانت تسلطية بعيدة عن الأخلاق. 

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»
  1. جزاك الله خيرا يا دكتور

    Comment بواسطة سالي — March 10, 2012 @ 5:04 pm

اكتب تعليقا