اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

برميل بدون قاعدة و الحد من مظاهر الفساد المالي

 

في احد الأيام دار حديث بيني وبين صديق – أستاذ مهندس معماري فذ – حول الفساد المالي في بلدنا، وكيف عم وأستشرى حتى بات لاينفع معه أي تدقيق أو رقابة مهما ضبطت قواعدها، وأحكمت أسسها، وذلك لكون جميعها تركز على الأجراءات القانونية والإدارية والمحاسبية والرقابة المالية وجميع هذه الإجراءات نافعة في حالة واحدة فقط هي أن يكون جميع العاملين في أجهزة الدولة يتميزون بالنزاهة والكفاءة اللازمتين. وأستطيع أن أجزم (قلت لصديقي) إنها جميعاً ليست فعالة بقدر ما تحققه رقابة الضمير والأخلاق التي تمنع حصول  اي تجاوز او اعتداء على المال العام، فضلا عن إيمانها المسبق بحرمته، وبعكسه لن تكون هناك فائدة من هذه الاجهزة والتشكيلات التي قد تكشف المخالفة بدينار ويفلت منها المليار. لم ارغب في إطالة الحديث مع صديقي وإلقاء محاضرة في الرقابة المالية – وقد أتعبتني هذه المادة كثيراً في محاضراتي على طلبتي في الجامعة – أردت حسم الأمر وقلت له اتعلم يا صديقي ان كثيرا من تقديرات الصرف على المشاريع وغيرها من نفاذ الموارد المالية، والحالات السلبية المالية والاقتصادية التي شهدناها طيلة ثلاثين عاماً كان سببها الفساد المالي وهدر الاموال العامة واستباحة حرماته. سكت برهة، ثمّ عاد للقول: تعلم أني درست في ألمانيا؟  قلت له: اعلم ذلك. قال: الالمان لديهم مثلاً يذكرونه ينطبق على مثل هذه الحالة. قلت له بتشوّق: اذكره لي. قال: (حنفيات تسكب الماء في برميل دون قاعدة). شكرته على اضافة هذا المثل لمعلوماتي، ولم أنس إبلاغه بالإعجاب بحكمة المثل، وبالشعب الالماني.

      نعم عزيزي القاريء هذا هو حال الموارد المالية في بلدنا، فان استمرت مجالا للنهب والسلب والإفادة من دون وجه حق ولهدر الأموال دون حساب او ذمة او ضمير، فإن جميع مواردنا وخيراتنا ستكون في برميل دون قاعدة، وان كان الماء المسكوب من البرميل قد يثمر في نبات أو عشب أو شجرة بالقرب منه، فان اموالنا التي تسكب في ذلك البرميل تذهب هباءً لأنها تتسرب في جيوب أناس مثلهم مثل الأرض الرملية التي لا تشبع من ماء (عفواً من مال)!!   

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا