اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الدكتور عبد الجبار عبد الله – العالم الكبير و الأستاذ المتواضع

 

العالم النووي الكبير الدكتور عبد الجبار عبد الله, المعروف على مستوى العالم اجمع, ولاسيما في الجامعات الامريكية والغربية ومراكز البحوث النووية, كان ثاني رئيس لجامعة بغداد واول رئيس لها بعد قيام العهد الجمهوري سنة 1958, وان لقصة تجديد مدة رئاسته لجامعة بغداد وتميزه بابحاثه ومؤلفاته التي نشرت في الصحف العراقية صدى وذكرى في الاوساط الجامعية حتى وقتنا هذا, ولكونه استاذاً متميزاً في دار المعلمين العالية التي اصبحت فيما بعد كلية التربية في جامعة بغداد, فان لزملائه وطلابه ذكريات كثيرة تروى عنه, كلما كان ذكره حاضراً في الحديث.

واريد في مقالتي هذه ان اذكر ما لم يذكره الذاكرون عن هذا العالم الكبير والاستاذ المتواضع, اذ عملت في رئاسة جامعة بغداد عندما كان رئيساً لها في اواسط عام 1959 وكان في السنة الثانية لرئاستها.

ان اكثر ما يميز هذا العالم الجليل بساطته وتواضعه, مع كونه شامخًا بعلمه وباخلاقه العالية , كنت اشاهده يجلس بجانب سائق السيارة التي كانت الوحيدة في جامعة بغداد (فورد ستيشن 58) من دون تكبر او تعالٍ على احد.

اسس المكتبة المركزية في جامعة بغداد واسند امانتها الى استاذ الاقتصاد هشام الشّواف (رحمه الله), وما ان بدأ العمل بها حتى انهالت عليها الكتب والمجلات العلمية من مختلف دول العالم , وقد خصص الدكتور عبد الجبار غرفتةً (معتكفًا) له , يطالع فيها اخر مستجدات العلم والبحوث التي كانت محط اهتمامه, ومما يثير الانتباه انه لم يكن يحضر الى معتكفه هذا مساءً كما هو متوقع وانما كان يأتي في الساعة السادسة صباحًا ويغادر قبل الثامنة بخمس دقائق وهو الوقت الذي تستغرقه سيارة (الستيشن) لقطع المسافة بين معتكفه هذا ورئاسة الجامعة في الوزيرية.

كان في مكتبه ثلاثة رجال, احدهم اميناً لمجلس الجامعة (ما زال على قيد الحياة في الولايات المتحدة الامريكية) والاخر ارجو ان يكون حياً يرزق, واما الثالث فكان مترجمًا في اللغة الانكليزية (رحمه الله).

اما اعمال السكرتارية والطباعة فكانت تقوم بها (ام علي) وهي امرأة تحمل الجنسية الامريكية متزوجة من عراقي .

ان تواضع هذا الرجل الفذ كان اكثر ما يميزه , كان يدخل وحيداً الى مقر عمله من دون ضوضاء او جلجلة او قعقعة سلاح ولطالما كنت اراه وهو يرجو من الطلبة الذين يتجمهرون عند بوابة رئاسة الجامعة ان يسمحوا له بالدخول , وهم لا يعرفون ان هذا الرجل الكهل هو رئيس الجامعة التي يطمحون ان ينظموا اليها.

رغب ذات يوم باستبدال ستائر مكتبه فأشترت له لجنة المشتريات ستائر قيمتها اربعة دنانير وكانت موازنة الجامعة عدة ملايين من الدنانير.

تفرّغ لوضع استراتيجية علمية لجامعة بغداد, وترك الامور الادارية والمالية الى امينها العام, احترم العلم والعلماء واعاد اللامعين منهم الى الخدمة في الجامعة بدرجات علمية متميزة.

 اعفي رحمه الله من رئاسة الجامعة في ظروف سياسية قاسية عانى منها ما عانى فغادر بلده واغترب حتى وافته المنية, فقامت الكثير من الجامعات والمؤسسات العلمية والاكاديمية بنعيه اجلالاً لمكانته العلمية الكبيرة.

 اما في جامعة بغداد الان فلا يوجد ما يخلد ذكراه غير صورته الشخصية في مجلس الجامعة, وقد بادر الاستاذ عبد المجيد حمزة عميد كلية الادارة والاقتصاد في جامعة بغداد بمقترح بتسمية احدى قاعات كلية التربية باسمه,ولا نعلم ان كان هذا المقترح قد نفّذ ام ذهب ادراج الرياح.

ولتخليد هذا العالم الجليل ولاحياء ذكراه الطيبة اقترح تسمية المكتبة المركزية لجامعة بغداد في الجادرية بإسم مكتبة المرحوم العالم الكبير عبد الجبار عبد الله لعلنا نفي حق هذا الرجل.

ونأمل ان يكون في علمه وتواضعه مثالاً لجميع اساتذة العراق ورؤساء جامعاته يحذون حذوه فهو جدير بأن يكون كذلك , والله يهدي من يشاء الى سواء السبيل.

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا