اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

شذر مذر

 

في يوم دافئ من أيام شهر أيلول 1959 توجهت وزميل لي من باب المعظم إلى الباب الشرقي لننطلق من هناك إلى شارع أبي نؤاس حيث المقاهي تنتشر على ضفة نهر دجلة بمائه الوافر الخلاب .

عند وصول باص المصلحة الذي كنا نركبه قرب ساحة الوثبة من شارع الجمهورية كان الناس يركضون ويتدافعون ما الخبر سألهم جابي الباص، أجابوا بأن عبد الكريم قاسم ضرب بالرصاص سألته :- ماذا قالوا ؟ قال :- مجانين من يستطيع ضرب عبد الكريم قاسم بالرصاص ؟ كان الجابي على حق ففي تلك الأيام كان الزعيم ذا شعبية واسعة الأفاق مما جعله يأمن من أي خطر قد يحيط به فيركب سيارته دون حراس سوا مرافقه والأمين له حتى  الممات .

 وصلنا الباب الشرقي وشاهدنا جمع من الرجال المجتمعين حول سيارة عسكرية صالون ( شوفرليت 1958 ) كان فيها العقيد وصفي طاهر مرافق الزعيم الأقدم سأله الناس ما الخبر فكان حائراً لا يعلم بما حصل فأخبرهم انه ذاهب إلى وزارة الدفاع للاستيضاح، غيرنا وجهتنا من شارع أبي نؤاس إلى ساحة النصر حيث كان مقابلها كانت كازينو زناد والفرات والحدباء، جلسنا امام التلفزيون الذي أعلن مذيعه ان الزعيم سيوجه إلى الشعب العراقي خطاب، بعد ساعة القي سيادته خطابه الذي اعلن فيه نجاته من محاولة أغتيال وذكر فيه تفاصيل أخرى كعادته، ولكن أهم ما ورد في ذلك الخطاب الذي لا ينسى هو أن الذين أرادوا قتلي إنما أرادوا أن يجعلوا  العراق شذر مذر ( صدق او لا تصدق ) في ذلك الحين ولكن هذه الجملة كانت لمدة طويلة تتداولها الألسن والأحاديث وأصبح الأمر مثال على أي حال يمكن ان يحول الامر إلى شذر مذر كما قال الزعيم .

أعود إلى هدفي الرئيس في خاطرتي هذه وأقول أن عبد الكريم قاسم كان محق في توقعه هذا فزعيم المجموعة التي حاولت الاغتيال تولت أمور البلد بعد عشر سنوات من ذلك التاريخ وحكم بالنار والحديد خمس وثلاثين سنة كانت نتيجة حكمه ان جعل العراق شذر مذر، فهذه الفوضى في الامن والعسكرة والاقتصاد والمجتمع وفي كل نواحي العراق وحياته الم تجعل من العراق شذر مذر .

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

 

»

اكتب تعليقا