اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الاستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري – الرئيس الثالث لجامعة بغداد

 

تسنّم هذا المؤرخ الاسلامي الكبير رئاسة جامعة بغداد منذ منتصف شهر شباط في العام 1963, واستمر فيها حتى اواسط سنة 1966, ثم ترك رئاستها وعاد استاذاً للتأريخ في كلية الاداب التي يعود له الفضل في تأسيسها, ثم عاد مرة اخرى رئيساً لجامعة بغداد حتى اواخر شهر تموز من العام 1968.

لقد عمل في هذه الجامعة عملاً دؤوباً , وكان مثابراً يتميز بنشاط منقطع النظير,اذ كان ادارياً كفوءاً جداً فضلاً عن كونه استاذاً لامعاً في اختصاصه.

ان اكثر ما كان يميزه حرصه الكبير على متابعة الجانبين العلمي والاداري للجامعة على حد سواء, من دون ان يفرط بأحدهما على حساب الاخر مستفيداً من خبرته الطويلة في الاداء الجامعي , وكان ذلك يظهر جلياً باستمراره في العمل لساعات طوال يقضيها في رئاسة الجامعة, مكتفيًا بوجبة غداء بسيطة تجلب له من الدار.

حقق هذا الرجل الفاضل كثيراً من المنجزات العلمية خلال مدة رئاسته لهذه الجامعة , ومنها حرصه على استقدام نخبة متميزة من الاساتذة العرب والاجانب من جامعاتهم ومؤسساتهم العلمية التي ينتسبون اليها في الخارج للعمل في جامعة بغداد , فكان لوجودهم اثر كبير في رفع المستوى العلمي للجامعة.

ومن اعماله المتميزة انه قام بتوسيع نشاط جامعة بغداد ليمتد الى خارج العاصمة , ففتح في العام 1964 كليات عدة في البصرة والموصل ونسّب لادارتها نوابًا لرئيس جامعة بغداد, حتى اصبحت فيما بعد جامعتين مستقلتين في 1/4/1967 . كما استحدث مجلس البحث العلمي وجعله تابعًا لجامعة بغداد ونسب لادارته احد الاساتذة المتخصصين الكبار.

ومن اعماله المتميزة الاخرى وضعه قانون الخدمة الجامعية الذي احتوى على الكثير من الاحكام التي راعت الجانبين الاعتباري والمادي لاساتذة الجامعة , وكان هذا القانون قد صدر بجهوده الشخصية سنة 1964.

تميزت المدة التي ترأس فيها هذا المؤرخ الكبير جامعة بغداد بالاحترام والرعاية لاساتذة الجامعة على الصعد كافة, ولاسيما على الصعيد الرسمي, اذ كان يحظى الاستاذ الجامعي بمرتبة عالية متميزة في مؤسسات الدولة جميعًا , اما جامعة بغداد فقد كان لاساتذتها في الاعم الاغلب موقع مؤثر في اي حكومة تشكل في تلك المدة, اذ كان الكثير يعتقد (والله اعلم) ان للدكتور الدوري رأي في ترشيحهم.

اذن هذه هي حالة جامعة بغداد خلال مدة رئاسته, ولولا جهوده وجهود من سبقوه ما اصبح لهذه الجامعة تلك المكانة المتميزة التي تخفق لذكرها قلوب الالاف من طلبة العلم واساتذته في ارجاء المعمورة, ولما اصبحت زاهية متألقة في الدولة والمجتمع.

غادر الدكتور الدوري العراق بعد انقلاب 1968 متوجساً خيفة من النظام الجديد (وكان على حق) ولم يعد الى بلده ومسقط رأسه الى الان (على ما نعتقد) , الا ان سنوات الغربة لم تكن لتبعده عن بحثه الدؤوب في التأريخ الإسلامي , فقد انجز الكثير من البحوث , وكان له موقعه العلمي المتألق في الاردن الشقيق, وفي المحافل العلمية التأريخية الاسلامية عامة.

قرأت كتابه الشهير تأريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري في طبعته الجديدة فرأيت في غزارة مادته العلمية ومنهجه الخاص ما يندر العثور على نظيره في هذا المجال البحثي, اذ تميز

بموضوعيته وحياديته, مما جعله مؤلفاً نادراً. اثبت الدكتور الدوري في كتابه هذا بانه ليس مؤرخًا فحسب بل اقتصادي بارع في علم الاقتصاد عليم بأدق تفاصيله.

ومع كل ذلك فلم تكرمه جامعة بغداد ولم تخلّد ذكراه على الرغم من عطائه هذا, الا بوضع صورته الشخصية في مجلس الجامعة لكونه ثالث رئيس لها.

لذا ادعو مجلس جامعة بغداد  ووزارة التعليم العالي البحث العلمي الى تكريم هذا العالم الجليل لما قدّم من خدمات جليلة لمسيرة الجامعة العلمية بل لمسيرة التعليم العالي في العراق, واتمنى ان يرى الدكتور الدوري هذا التكريم وهو على قيد الحياة لكي ننزل الناس منازلهم التي يستحقونها فنكون خير خلفٍ لخير سلف.

 

ندعوا الله العلي القدير ان يطيل في عمر هذا العالم الجليل انه سميع مجيب

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا