اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

يا أثـرياء الـعراق مـن منـكم مـثل فــيشر

 

ونحن على أعتاب العام الدراسي الجديد تذكرت مقالة لطيفة وحكيمة جداً قرأتها في جريدة الرأي العام الكويتية كتبها أحد محرريها سنة 1988 ( كما أتذكر ) بعنوان من منا مثل فيشر وخلاصة المقالة ان حضرة الكاتب ( الذي احترمه احتراماً كبيراً على مقالته ) قد قرأ في احد الجرائد الامريكية خبراً مفاده ان المواطن الامريكي فيشر بعد ان تخرج من جامعة كولرادو حاملاً شهادة في إدارة الاعمال ساعدته تلك الشهادة كثيراً في النجاح في حياته وتربية أبناءه أفضل تربية بما كان يكسب من ربح وفير حتى حصلوا على شهادات وحققوا أموالاً مناسبة لحياة سعيدة رغيدة، وحيث هو قد ملك ثروة قدرها عشرة ملايين دولار وبعد ان تجاوز وزوجته السبعين عاماً جلس يوماً هو وزوجته وفكر في الامر أين تذهب هذه الثروة وهل يتركها لأولاده الذين هم في أفضل حال وكم هو وزوجته يحتاجون من المال حتى نهاية العمر، تدارس هذا كله ولم يتردد واتخذ قراره بالتبرع بتسعة ملايين دولار لجامعته التي تخرج فيها وفاءاً منه لها حيث لم يحقق في حياته ما حقق الا بفضلها ولا يوجد من يستحق ثروته الا هي، ويستمر الكاتب الكويتي جزاه الله خير جزاء في مقالته تلك ويناشد ( واعتقد انه كان ينتقد ) الاثرياء الكويتين بأن يحذوا هم حذو فيشر ويتبرعوا لمدارسهم وجامعاتهم التي تخرجوا فيها وفاءاً منهم لها حفزتني تلك المقالة في حينها ودفعتني لكتابة خاطرة نشرتها صحيفة عراقية عنوانها لو كان لدي مليون دينار، وكان ملخصها بعد ان قدمت بها الجزء الاكبر من تلك المقالة تمنيت بها لو كنت املك مليون ديناراً ( وكانت تساوي مليون دولار في ذلك الحين ) لتبرعت بتسعمائة الف منها الى جامعة بغداد وفاء مني لهذه الجامعة العريقة التي كان لها فضلاً كبيراً في تعليمنا وعملنا ولكني لم اكن املكها مع الاسف، دارت الايام ومرت السنين وحصل ما حصل وجرى ما جرى من تخريب وتدمير كل شئ في عراقنا الحبيب كان اكثر ما أحزنني هو ما أل اليه حال مؤسساتنا التربوية وجامعاتنا العريقة، حال يبكي العين قراح ويعصر القلب دماً ولم يخفف عنه الا سؤال الطلبة وإصرارهم على الاستمرار في الدرس واكمال العام رغم أننا كنا في كارثة وحيث بدأنا من الف تحت الصفر لا موجودات ولا اموال ولا ارصدة نقدية، ولا تخصيصات مالية ولكن رحمة الرب الجليل التي سهلت كل شئ عصيب في مؤسساتنا جعلتني أتريث في كتابة خاطرتي منتظراً من سوف يقدم من أثريائنا شئ يساعد جامعاتنا في النهوض بنفسها والسير على أقدامها في مسيرتها العلمية وتحقق لطلبتها أهم ما يحلموا الحصول عليه وهي الشهادة الجامعية، ومنذ أنهيار النظام السابق وحتى الان لم نر ( والله اعلم ) أي من أثريائنا العراقيين ( على كثرهم ) من تذكر جامعته وبادر بالتبرع بمبلغ من المال أو قدم شئ يساعد في تحسين الحال وفاء لها التي بفضلها حقق ما كان تصبوا اليه الامال، فهل نسى أثرياء العراق فضل هذه الجامعات وهل ألهاهم جمع المال نحو مزيد من الثراء، وهل ركنوا الى ما سعوا من كثرة الهدايا والتبرعات وصدقوا بهذا السراب الذي لم يكن جله الا خداع بخداع، الثراء الحلال لا يذكر صاحبه بمن كان له الفضل منه فيساعده في محنته وهل حولت هذه السنين أثرياء العراق الى خزنة أموال لا يعرفوا غير ولا أريد أن أستمر في الكلام والحليم تكفيه الاشارة أقول في خاتمة خاطرتي هذه يا أثرياء العراق الشرفاء يا من جمعتم ثروتكم بفضل جامعاتكم وجهودكم وعرق جيبكم، كونوا أوفياء وتبرعوا بما يساعدها وعند ذاك نقول الحمد لله في العراق هناك الالاف مثل فشر، وشكراً لجريدة الرأي التي اتحفتني بمقالة كاتبها الحكيم .

 

 

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي


»

اكتب تعليقا