الرئيسية
السيرة الذاتية
مقالات
مؤلفات
البوم الصور
رسائلكم
رثاء
اتصل بنا |
|||
اهلا بكم
أحدث التعليقات بحث في الموقع |
استقلالية الجامعات العراقية بين الواقع والطموح
يثار في أوساطنا الجامعية المختلفة ومنها تدريسي الجامعات والهيئات التابعة أو المنضوية في إطار وزارة التعليم العالي ومسؤوليتها كذلك مسؤولو تلك الوزارة وقياديها، بين الحين والآخر مسألة استقلالية الجامعات العراقية وحريتها الأكاديمية، ولا شك في أن هذه المسألة التي هي في جوهرها جامعية صرفة لها أهيمتها الكبيرة لأداء تلك الجامعات وتحقيق أهدافها ضمن أهداف قطاع التعليم العالي والبحث العلمي الذي ينبغي أن تكون أهدافه المنظّمة والمنسّقة ضمن أهداف الدولة الهادفة إلى تحقيق النمو الاقتصادي والرخاء الاجتماعي لأبناء الوطن وبأي أسلوب ستكون السياسة الخاصة التي ستحقق تلك الأهداف وقبل أن أتكلم عن استقلالية الجامعات العراقية أرى من الأهمية ذكر المعلومات الآتية :- سادت مفاهيم استقلالية الجامعات وحريتها في العالم الرأسمالي الغربي خصوصاً، قبل قرون عدة أي منذ إنشاء الجامعات في تلك الدول وسواء أكانت تلك الجامعات قديمة ورصينة أم لا فإنها كانت جامعات خاصة وليست حكومية، تمّول من المنظمات الدينية الكنسية، أو الجمعيات الخيرية أو غيرها ومنها أجورها وكان هذا عاملاً في استقلاليتها العلمية والإدارية والمالية، ولكن من يستطيع أن يؤكد بصورة جازمة وقاطعة ان هذه الجامعات كانت أو ما زالت مستقلة في فكرها الأكاديمي؟ وانها لم تكن وسيلة واداة لتحقيق أهداف تلك المنظمات وتلك الجمعيات ذات الأهداف والاستراتيجيات التي اغلبها تخدم الفكر الرأسمالي الاستعماري الغربي وإطاعة توجهاته. كانت الاستقلالية والحرية الجامعية في أغلبها زيفاً وكذباً إذ الجامعة في حقيقتها وبأنشطتها الأكاديمية العلمية مسيّرة لخدمة أهداف ذلك الفكر وأطماع طبقته البرجوازية في البلدان الغربية ، ولا ارغب في الاسترسال ، ولكني اذكر في هذه المناسبة لمن يرغب في الاطلاع على المزيد من كذب تلك الجامعات وعدم حقيقة حريتها واستقلاليتها أن يرجع إلى كتاب ( الحرية الجامعية) ، لمؤلفه أستاذ الشريعة والفقه ورئيس ديوان الرقابة المالية سابقاً ابن مدينة السليمانية المرحوم الدكتور عبد الله النقشبندي. إن التطور الذي حصل في الفكر الليبرالي الغربي واعتناق الدول الرأسمالية للمبادئ الاقتصادية الكنزية، دفع حكومات تلك البلدان إلى تأسيس الجامعات وتمويلها من موازنة الدول السنوية سواء بجزء مما تحتاج إليه من أموال وتغطي هي الجزء الآخر من أنشطتها وأجورها، أو أن تموّلها الدولة بالكامل من موازنتها السنوية ايضاً، ولكن المهم ان الأمر لم يختلف كثيراً بالنسبة إلى هذه الجامعات عما هو عليه الأمر في الجامعات الخاصة التي قد تكون في إدارة أعمالها العلمية والمالية ذات استقلالية كافية، إلا أنها في اهدافها غير حرة أو مستقلة، بل تدور في العجلة نفسها التي تدور فيها الحكومات الرأسمالية وطبقاتها البرجوازية والتي تكون – أغلبها – خادمة لتحقيق أهداف تلك الحكومات سواء أكانت شريرة أم انسانية ، وأود أن أذكر في هذه المناسبة ما ذكره وزير التعليم العالي البريطاني في ندوة تخص الاستقلالية الجامعية نظمها المركز الثقافي البريطاني في مدينة مانجستر، والتي حضرتها شخصياً في العام الماضي، وكانت بعنوان: ” استقلالية الجامعات وتطوير ادارتها ” قال :- (( إن من المتفق عليه حالياً بأن ممول الجامعات والمؤسسات الاكاديمية له الحق أن يطلب تنفيذ ما يهدف الى تحقيقه من هذا التمويل وعلى الجامعة او المؤسسة المستغلة لهذا التمويل أن تلتزم بذلك، اما اختيار المسؤولين فيها ( وهو في هذا يتحدث عن تطوير ادارة الجامعات ) فينبغي ان يكون لرؤساء الاقسام العلمية وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات الذين سيكلفون بإدارة هذه المواقع، فضلاً عما يتمتعون به من مؤهلات علمية، والخبرة التامة في الامور القانونية والادارية والمالية، وقد سأله احد الحضور مازحاً: هل يتطلب ان يكون عمره تسعين عاماً ؟ أجاب حينها ضاحكاً: كلا، بل من خمسين الى ستين عاماً، المهم ان يكون بتلك المؤهلات والخبرات المطلوبة )) . سخّرت الدول الاشتراكية سابقاً وتحديداً الاوربية منها، وعلى وفق قوانين وأنظمة خاصة، الجامعات والمؤسسات العلمية لتحقيق أهدافها ومخططاتها التنموية الاقتصادية والاجتماعية، فلم تكن مستقلة او حرة أكاديمياً، بل عليها ايضاً ان تدور في عجلة الدولة وأهدافها الاستراتيجية، وأن تضع أو تخطط أهدافها على وفق أهداف الدولة الاستراتيجية، ولكن حكومات تلك الدول وهي المموّل الاساس للجامعات التي أسستها بواسطة موازنتها السنوية منحت تلك الجامعات الصلاحيات العلمية والمالية والادارية التامة لتنفيذ أنشطتها بالاستقلالية والحرية اللازمة لتحقيق تلك الاهداف. لم تغير المتغيرات التي حصلت في تلك الدول خلال العشرين عاماً الماضية الكثير مما ذكرته بالنسبة للجامعات الحكومية التي أعدادها بالمئات ، وكما أكد لي وكيل وزير التعليم العالي البولوني في لقاء جرى معه في وارشو قبل خمسة اشهر، أنه ما زالت الجامعات الحكومية تموّل بصورة رئيسة عن طريق موازنة الدولة وتُخطط أهدافها وتتابع حسن وكفاية ادائها والرقابة عليها وزارة التعليم العالي، وعلى وفق القوانين الخاصة بذلك، سواءا أكانت قوانين الوزارة أم القوانين العامة الاخرى. اما الجامعات الخاصة والاهلية المؤسسة على وفق قانون خاص بها فعليها الالتزام بأحكامه، لكنها تتمتع بالاستقلالية لتحقيق أهدافها وفقا لما حدده مؤسسوها وممولوها. ولا يمكنني في هذه المقالة ان لا أذكر ما هو عليه الحال بالنسبة للاستقلالية العلمية والحرية الاكاديمية في تأريخنا العربي والاسلامي وفي العراق خصوصاً، فما حققته الحضارات القديمة في العراق من سبق في العلوم والفن والقانون لم يكن إلا بفضل الاستقلالية العلمية التي حضي بها علماء ومفكرو تلك الحضارات ورعاية السلطة بأي شكل من أشكالها سواء أكانت أمبراطورية أو ملكية أم سلطانية بالمال أو الحماية. أن ما ذكره قرآننا الكريم وشريعتنا الاسلامية من إجلال وإكرام للعلماء وما اكدت عليه من حرية الفرد في اعتناق الفكر والرأي والالتزام بالأحكام الدينية والموضوعية الحقة كان خير شاهد على حقيقة الايمان التام بأهمية الاستقلالية والحرية العلمية ليس للفرد عموماً فقط بل للعلماء والمدارس الفكرية في المجتمعات الاسلامية. أرى وفي قراءتي التأريخية وفي تأريخ العلوم في المجتمعات الاسلامية ولاسيما في مرحلة الخلافة الإسلامية العباسية وحتى الوقت الحاضر، أن البحوث العلمية اتجهت باتجاهين :- الاول منها ما وُظفت للدولة أو السلطة وتوجهاتها ومُولت من قبلها وسخرت لأهدافها فأوجدت علماء أو مدارس علمية فكانوا علماء السلاطين مشابهين لوعاظ السلاطين وأما الاتجاه الثاني فمنها ما قامت بصورة مستقلة أو مُولت من جهات غير سلطوية خيرة مؤمنة بأهمية العلم والعلماء ورعايتهم وتحقيق استقلاليتهم، فنمت هذه المدارس وأبدعت في تلك المرحلة بفضل الحرية الفكرية المتاحة لها وتموليها المستقل عن بيت مال الدولة وسلطته المحكمة. هذا وما تزال هذه الصورة شاخصة في المدارس الدينية وغالباً ما نرى أن من يخضع لسلطة ورقابة الدولة وتموليها له نهج علمي خاص لا يمكن الجزم بأنه يتمتع بالحرية الفكرية والاستقلالية التامة في حين نرى أن القسم الآخر الذي لا يخضع لسلطة ورقابة الدولة وتمويلها له نهج علمي خاص يمكن الجزم بأنه يتمتع بالحرية الفكرية والاستقلالية واكتفي بهذا القدر مما ذكرت من أمور اعتقدتها أنها أساسية ينبغي ذكرها عند الخوض في غمار هذا الموضوع. أعود الى موضوع أستقلالية الجامعات العراقية وحريتها الاكاديمية وأؤكد أن أولى الجامعات العراقية وأمها جامعة بغداد فأن قانونها الصادر سنة 1958 اي في السنة الأولى لتأسيس تلك الجامعة والسنة الأولى للعهد الجمهوري اكدت أحكامه المختلفة على استقلالية الجامعة العلمية والإدارية والمالية ، ولكنه في الوقت نفسه أخضعها لرقابة ديوان الرقابة المالية لان تمويلها كان من موازنة الدولة بصورة تامة، وللأموال العامة حرمه ينبغي الرقابة عليها والتأكد من صحة استغلالها ونزاهة التصرف بها وهذا الامر ليس بجديد فحماية الأموال العامة كانت في مقدمة أحكام شريعة حمورابي التي سنت منذ الاف السنين ومن أهمها . تمتعت جامعة بغداد حقاً باستقلاليتها وحريتها العلمية والادارية والمالية وكان لستقلاليتها المالية فضل أو أثر ايجابي كبير على استقلالها الاداري والمالي وقد تحقق ذلك باعتراف وزارة المالية والحكومة في السنة نفسها (1958) بأن جامعة بغداد لها شخصيتها المعنوية واستقلالها العلمي والاداري والمالي وأن رئيس جامعة بغداد لديه صلاحيات وزير المالية نفسها فيما يخص موازنة الجامعة ومجلس جامعتها لديه صلاحيات مجلس الوزراء بشأن موازنة الجامعات. إن المتغيرات التي حصلت على اسلوب تخصيص منحة الجامعة وربطها بالتخصيصات العامة لموازنة الدولة وتبوبيها، ومن ثم الزامها بالالتزام بكل ما يرد في قانون الموازنة السنوي من أحكام أضاع من استقلالية الجامعات المالية وقيد صلاحياتها المالية التي منحتها الدولة لها على وفق أحكام قانون التعليم العالي والبحث العلمي سواء السابق أم النافذ حالياً وأثر تباعاً في استقلالية الجامعات العراقية الأدارية والعلمية. وفقاً لإحكام قانون التعليم العالي والبحث العلمي ذي العدد 40 لسنة (1988) المعدل النافذ حتى يومنا هذا وإن الاستقلالية التامة كذلك الصلاحيات العلمية والإدارية والمالية التي مُنحت للجامعات العراقية وكلياتها إن نفّذتها الجامعات بكل دقة وبمسؤولية تامة يمكّنها في الوقت نفسه من تحقيق اهدافها على وفق الاهداف المسطّرة لها في القانون نفسه ، التي هي ذات الأهداف المطلوب تحقيقها من قبل الوزارة بوصفها جزءاً من الحكومة والدولة وليست خارجة او طارئة عليها. وإن مشروع القانون الجديد المقترح من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – والذي هو في دور التشريع اللازم على وفق احكام الدستور – تضمنت مواده الاحكام اللازمة لتأمين الاستقلالية التامة للجامعات سواء أكانت علمية أم ادارية أم مالية، ولكن ضمن أحكام وأهداف القانون نفسه الذي يؤمن تحقيق أهداف الدولة الاستراتيجية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهي ليست شمولية في الوقت الحاضر ولكنها ينبغي ان تكون ذات أبعاد استراتيجية ، يتحمل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات التابعة لها ومؤسساتها الاخرى الممولة عن طريق موازنة الدولة مسؤولية كبيرة في تحقيقها. أعود الى عنوان مقالتي هذه والتي عنوانها (( استقلالية الجامعات العراقية بين الواقع والطموح )) وفي ضوء ما ذكرته في المقدمة سلفاً أو في ضوء أحكام القوانين الخاصة بالتعليم العالي والبحث العلمي صدرت في النظام السابق وهي القانون (132) لسنة 1970والقانون (55) لسنة 1983 والقانون (40) لسنة 1988 وكذلك القانون المقترح الجديد المعروض على مجلس شورى الدولة حالياً وأوضح من وجهة نظري حقيقة الحريةالاكاديمية والاستقلالية العلمية والادارية والمالية للجامعات العراقية وما ينبغي ان يحقق للجامعات العراقية منها وتهيأة ظروفها ومناخها العلمي المتكامل لتمتعها بتلك الاستقلالية وما ينبغي أن يكون على تلك الجامعات من التزام دستوري وقانوني ونظامي من واجبات والتزامات وهنا قد يكون من الاصح أن نذكر المواد القانونية التي ركزت على استقلالية الجامعات العراقية فقد ذكرت المادة (19) من قانون التعليم العالي والبحث العلمي ذي العدد (132) لسنة 1970 الآتي :- (( للمؤسسات الرسمية شخصيتها المعنوية واستقلالها المالي والاداري وميزانية (موازنة) خاصة بها، ولها في سبيل تحقيق أغراضها المحددة في هذا القانون تملك الاموال المنقولة والعقار وحق قبول الوقف والتبرعات والهبات والوصايا إذا كانت مصادرها من داخل العراق، أما إذا كانت مصادرها من خارج العراق فلا يجوز لها قبولها إلا بعد موافقة الوزير )) . كما نصت المادة (28) من القانون على أن (( الجامعة حرم أمن ذو حصانة وهي أرفع وأصفى مصادر المجتمع الذي أناط بها أسمى أماناته، وعليها تقع مسؤولية تحقيق الاهداف السامية للتعليم العالي المقررة في هذا القانون )) . أما القانون (40) لسنة 1988 فقد جاء في المادة (19) منه أن (( الجامعة حرم أمن ومركز إشعاع حضاري وفكري وعلمي وتقني في المجتمع يزدهر في رحابها العقل وتعلو فيها قدرة الابداع والابتكار لصياغة الحياة، وتقع عليها المسؤولية المباشرة في تحقيق الاهداف الواردة في هذا القانون، وعليها أن تقوم بالدراسة والبحوث المستمرة في شتى جوانب المعرفة الانسانية والدراسات المتصلة بالحالة العلمية وواقع الاحتياجات الجديدة التي تضمن المستويات العلمية الرفيعة لتناسب العصر ومتطلباته وبما يؤدي الى تقليص الفجوة العلمية والتقنية الموجودة بيننا وبين الدول المتقدمة مع مراعاة خصوصية مجتمعنا واستلهام القيم الاصيلة )) . كذلك جاء في المادة (10) فقرة (1) الآتي :- (( للجامعة والكلية ومركز البحث العلمي والمعاهد العليا المرتبطة بالجامعةالشخصية والمعنوية والاستقلال الاداري والمالي والاهلية القانونية اللازمة لتحقيق أهدافها ويدير شؤون كل منها مجلس )) . أما القانون الجديد المقترح والمعروض على مجلس شورى الدولة فقد وردفي المادة (11) منه الآتي :- (( للمؤسسة التعليمية شخصية معنوية مستقلة علمياً وادارياً ومالياً )) . أما الفقرة (2) من المادة (12) فقد ورد فيها الآتي :- (( تكون المؤسسات التعليمية (الجامعات، الهيئات، المراكز) مستقلة مالياً وتنفذ موازنتها السنوية بموجب القوانين والانظمة والتعليمات النافذة وبما لايتعارض معها ويكون لرئيس المؤسسة التعليمية صلاحية وزير المالية في تنفيذها ولمجلس المؤسسة التعليمية صلاحية مجلس الوزراء في ذلك )) . وبطبيعة الحال لم تغفل جميع القوانين السابقة ولا القانون النافذ الحالي ولا القانون المقترح في التأكيد على خضوع حسابات جميع الجامعات والهيئات من رقابة ديوان الرقابة المالية فقد جاء في القانون المقترح المادة (13-2) الاتي :- (( تخضع حسابات المؤسسة التعليمية لتدقيق ديوان الرقابة المالية )) . ففي ضوء تلك القوانين والاحكام الواردة فيها وفي ضوء تجربة العراق الخاصة في تحقيق الحرية والاستقلالية العلمية والادارية والمالية للجامعات العراقية يتطلب الأمر أن نستعرض واقع الحال أولاً لنتكلم لاحقاً عن الطموح . إن استعراض واقع حال استقلالية الجامعات العراقية يكون على أربعة مستويات وهي كالآتي :-
وعند أستعراضنا لواقع الحال في تلك المستويات ومدى إيمانها باستقلالية الجامعات فأننا نرى أن ذلك يتفرع الى الآتي :- أولاً / ديوان الوزارة 1. الوزير :- ان الوزارة ترعى شؤون التعليم العالي والبحث العلمي على وفق قانونها الذي سطرت فيه أهدافها واستراتيجيتها تتطلب أن تعهد الى وزير بدرجة أستاذ في اختصاصه ذو باع طويل في شؤون التعليم العالي والبحث العلمي العلمية والقانونية أو الادارية فيها فضلاً عن جهوده وأبحاثه العلمية الواسعة، وأن مثل هذا المنصب يجب أن يسند الى شخصية علمية شهيرة وليس الى أعتبارات حزبية أو سياسية أو غيرها ويفضّل أن يبقى في منصبه وزيراً لأطول مدة ممكنة تسمح له صحته في الاستمرار فيه سواء تغيرت الوزارة مرة ام عشر مرات فهو ثابت في هذا المنصب لأهمية استقرار هذه الوزارة في قيادتها وتحقيق أهدافها على وفق إستراتيجية ثابتة، وبنفس الوقت يمكن أن يحقق للجامعات والهيئات استقلاليتها الكاملة بحكم ما حدده الدستور والقانون الخاص بالوزارة لأن مثل هذه الشخصية أهل لمن يضع الخطوط الصحيحة الدقيقة لاستقلالية الجامعات على وفق القانون وليس أنفلاتيتها ” إن تصور بعضهم أن ذلك هو الاستقلالية ” .
2. الوكلاء والمستشارون والمدراء العامون :- يتألف ديوان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من وكلاء ومستشارين ودوائر عامة متخصصة في شؤون الوزارة وتنظيم علاقة ديوانها مع الجامعات والهيئات التابعة لها ولذلك حددت القوانين السابقة مستويات معينة لتولي ادارة هذه المناصب وهذه الدوائر وبمستويات معينة وفي تقديري أن تلك القوانين لم تكن موفقة في تحديد المستويات العلمية والخبرات الجيدة لشاغليها كما ان القانون (55) لسنة 1983 والقانون (40) لسنة 1988 أخفقا كليهما في إسناد الأمور القانونية والادارية والمالية لدائرة واحدة حيث ان هذه الامور توسعت الى درجة كبيرة بسبب المتغيرات العلمية والاقتصادية في العراق طيلة السنوات الثلاثين الماضية، لذلك تفوق القانون الجديد المقترح على سابقيه بتفكيك تلك الدائرة المترهلة بموظفيها وأعمالها الى ثلاث دوائر كل منها يرعى أاختصاص محدد القانونية والإدارية والمالية فضلاً عن ذلك اشترط على من يرأس جميع تلك المناصب أن تكون لديه درجة أستاذ وحاصلاً على شهادة الدكتوراه في الاختصاص الذي سيديره وهذا سيعطي لديوان الوزارة قوة ادارية وقانونية وعلمية في قيادة الوزارة بفضل المستوى العالي وليس العكس . إن المستوى العالي لمسؤولي المناصب القيادية في ديوان الوزارة العلمية والقانونية والإدارية يجعل وجهات نظرهم وأداءهم متميزاً جداً تجاه الجامعات والهيئات ويأخذون في الحسبان مستوى الجامعات ورؤساءها وقياديها ويعرفون أهمية ومستوى أستقلالية تلك المؤسسات وماذكره القانون بشأنها ويجيدون التعامل معها . 3. الأقسام والشعب الادارية الاخرى :- ان ديوان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أو رأسها القيادي لجميع مؤسساتها ( الجامعات والهيئات ) ينبغي الاّ يشغلها تدريسيون ذوو حملة شهادة دكتوراه وبدرجة أستاذ مساعد في الأختصاص في الأقل واما الشعب فينبغي أن يكون رئيسها حاصلاً على شهادة الماجستير في الأختصاص كذلك وفي الوقت نفسه لديهم الخبرة الكافية في الامور القانونية والادارية والمالية وهذا ما جاء به قانون التعليم العالي والبحث العلمي المقترح وإشترطه في إناطة هذه الوظائف القيادية الى مؤهلين بتلك الشهادات والخبرات، ولاشك أن في هذه الاشتراطات لم يكن يبغي فيها سوى أن يكون مستوى الاداء عالياً فيها متفهماً حقيقة العلاقة بين الرأس وبقية أعضاء الجسم أو أطرافه فأن لم تكن قيادة الوزارة عالية التأهيل العلمي والعملي، دقيقة في تعاملها مع مؤسسات الوزارة قد يفقد مبدء الاستقلالية في هذه الحالة إن صدرت توجيهات أو تعليمات تخالف القوانين أو تحد من الصلاحيات التي وردت فيها وخلافاً لها أو في حالة حدوث أخطاء تُحدث لبساً أو غموضاً فيعاب في هذه الحالة على الأعلى لعدم دقته أو كفاءته وتدخل في دوامة الجدل والنقاش أو الأخذ والرد الذي لاطائل ولافائدة منه سوى الاضرار بمسيرة الوزارة وقيادتها واستقلالية الجامعات وحريتها بالحدود التي أعطاها لها القانون . ثانياً / الاستقلالية على مستوى رئاسات الجامعات أن استقلالية الجامعات والهيئات الاكاديمية والعلمية التابعة لوزارة التعليم العالي وتحقيق استقلاليتها العلمية والقانونية والادارية والمالية والتمتع بشخصيتها المعنوية مرهونة بدرجة كبيرة جداً برئاسات وقيادات تلك الجامعات فحين أشترطت جميع قوانين التعليم العالي والبحث العلمي أن تناط بأساتذة متخصصين يتم أختيارهم بترشيح من وزير التعليم العالي ومرسوم جمهوري فشلت تلك القوانين في تحديد درجة ومؤهلات رئيس الجامعة وماينبغي أن يكون عليه من خبرة قانونية وأدارية ومالية فضلاً عما يتمتع به من مؤهلات علمية، الا أن قانون التعليم العالي والبحث العلمي المقترح أوكل مهمة الترشيح لهذا المنصب بانتخاب أعضاء مجلس الجامعة ومن بينهم وليس غريباً عنهم وفي تقديري أن هذا المبدء الجديد – القديم – يحقق ديمقراطية الترشيح وكفاءته لأن أعضاء مجلس الجامعة سيكونون أفضل من يستطيع اختيار قيادتهم وتولي رئاسة زمام أدارة أمورهم وشؤون الجامعة بخبرته الطويلة في جميع شؤون الجامعة ولاغرابة في ذلك لأنهم جميعاً منتخبون وليس منصبون كما هو الحال غالباً منذ عدة عقود فيما عدا انتخابات ما بعد انهيار النظام غير الموفقة في أغلبها وغير المكتملة لشرعيتها عموماً . إن انتخاب مثل هذه الشخصية المتميزة والكفوءة سيكون أفضل مَنْ يستطيع أن يعرف ما هي استقلالية جامعته وماهي حدودها وما لها وما عليها تجاه الوزارة والجهات الحكومية العليا والدولة الممولة لها، وإن المسؤول عن زمام جامعته لابد أن من أن يكون حكيماً في أختيار مساعديه ومدراء الاقسام والدوائر التابعة له في ديوان الجامعة أو رئاستها بأفضل المتخصصين الاكفاء الجديرين باستلام هذه المواقع ومن ذوي المؤهلات العلمية وبعكسه فهم سوف لن يعرفوا ماهي طبيعة مهماتهم الاساسية وليس فقط مبدء الاستقلالية . ثالثاً / الاستقلالية على مستوى عمادات الكليات أما الاستقلالية على مستوى عمادات الكليات فقد أنفرد القانون ذو الرقم (40) لسنة 1988 بالاحكام الواضحة على منح الاستقلالية للكليات من ضمن الجامعات نفسها وذلك بالتوسع الكبير في الصلاحيات العلمية والإدارية والمالية لمجالس الكليات وعماداتها ولاسيما في الجوانب العلمية وذلك لتأمين مرونة وسهولة أداء أعمالها العلمية وما تقتضيه من مرونة في إداء أعمالها الإدارية والمالية لتحقيق كفاءة أدائها العلمي الذي ينبغي أن يكون متميزاً . إن اسلوب الاختيار الديمقراطي لعمادات الكليات من قبل رؤساء الاقسام العلمية وأعضاء مجلس الكلية يحقق اختياراً مناسباً لشخصية علمية متميزة ذي مؤهلات علمية وخبرة قانونية وادارية ومالية مناسبة جداً لتولي زمام أمور هذا الصرح العلمي ومما لاشك فيه إن الكلية التي يتسنمها عميد ورؤساء أقسام منتخبون وليس منصبين على وفق أسس وشروط جامعية تتميز بالديمقراطية والشفافية والنزاهة اللازمة تحقق أفضل إدارة لكلية تحقق الالتزام التام بالقوانين والانظمة والتعليمات الجامعية التي توضح ما لها من واجبات وألتزامات سيساعد كثيراً على ضمان الالتزام بمبدء الاستقلالية الجامعية الصحيحة التي توضح مستوى التعامل مابين رئاسات الجامعات والوزارة كجهات عليا ورئاسات الاقسام العلمية كوحدات تابعة لها ( دنيا) وهذا ماتضمنه قانون التعليم العالي والبحث العلمي المقترح الذي تميز بالتأكيد على مبدء الانتخاب ودقة الاختيار لعمداء الكليات . رابعاً / الاستقلالية على مستوى رئاسات الاقسام العلمية عرّفت جميع قوانين التعليم العالي والبحث العلمي السابقة وقانون التعليم العالي والبحث العلمي المقترح القسم العلمي بأنه الوحدة الاساسية في التعليم العالي والبحث العلمي ومُنح مجلس القسم العلمي الصلاحيات العلمية والادارية والمالية الكافية لضمان سير الانشطة العلمية بالكفاءة اللازمة لحسن الاداء ومُنحت تلك الصلاحيات الى رئيس القسم العلمي الذي يرشح بالأنتخاب وليس بالتنصيب الذي قد لايخضع للأسس الاكاديمية بل لأسس أخرى وأن أنطبقت عليه الشروط المنصوص عليها في القانون إلا أنه ليس الأمثل أوالكفوء بأشغال هذا المنصب العلمي المهم لذلك جاء قانون التعليم العالي والبحث العلمي المقترح بمبدء الانتخاب باقتراع سري يجريه مجلس القسم لترشيح اثنين لا تقل مرتبتهم عن أستاذ مشارك ( أستاذ مساعد) لاختيار واحد منهم . وإن الاختبار المناسب جداً لرئاسة القسم العلمي الذي عليه تسيير الامور في القسم الذي يطبق ما نص عليه القانون وماتقتضيه طبيعة العلاقة مابين عمادة الكلية ومجلسها وإدارة الأمور وفقاً لما تتضمنه القواعد القانونية من علاقة بين الجامعة والوزارة بحسب أحكام القانون بالسرعة والدقة المناسبين سيحقق الاستقلالية للقسم العلمي بشأن تلك القيم والكلية . إن ماذكر آنفاً من أحكام قانونية وتفاصيل تعبر بحسب وجهة نظري الاحكام التام لمبدء الاستقلالية والتناسق والتوافق التام بين صلاحيات الوزارة والجامعة والكلية ورئاسة القسم العلمي وبما يؤمن الأداء المتكامل الدقيق والصحيح في الأداء وضمن مسؤوليات الاعلى والادنى في التعليم العالي والبحث العلمي وماذكرناه سابقاً يوضح واقع استقلالية الجامعات العراقية . أما الطموح في استقلالية الجامعات العراقية في ضوء ماذكرته سابقاً من معلومات وأحكام وقوانين وحسبما يقتضي النظر الى هذا المبدء من كونه أهم المبادئ الجامعية وحريتها في تحقيق أهدافها في ضوء الاستراتيجية العامة للدولة وفقاً لأحكام دستورها وقوانينها الأساسية التي أهمها قانون التعليم العالي والبحث العلمي الذي أستبدل ثلاث مرات ومشروع القانون الرابع مطروحاً على طاولة مجلس شورى الدولة ينتظر دوره في التشريع فضلاً عن ذلك أن هذه الجامعات والمؤسسات التعليمية لايمكن لها ان تستمر في إداء أنشطتها المختلفة لولا موازنة الدولة وخزانتها التي تمولها وفقاً لموازنات تقديرية توضع من قبلها وإن كان التمويل غالباً شحيحاً لايرقى إلى مستوى الحاجة الفعلية لتلك الجامعات والمؤسسات والتي أرى أن ذلك أكبر معوق لتقدم هذه الجامعات في إداء رسالتها الا إننا نرى أن تحقيق الاستقلالية العلمية والادارية والمالية لتمكين الجامعات العراقية في تحقيق رسالتها الاكاديمية والتعليمية الهادفة على وفق قانون التعليم العالي والبحث العلمي ضمان التعليم الجامعي الراقي لجميع أبناء الشعب المؤهلين له يتوقف على العوامل الآتية :- 1. القـوانيـن والانظـمة الجامعـية :- وأنا أتحدث في بحثي هذا عن الجامعات الحكومية وليس الخاصة فأن وجود قوانين خاصة بالتعليم العالي تضمن استقلالية الجامعات وحريتها الاكاديمية في ضوء تلك القوانين وكونها وزارة من ضمن وزارات الدولة، أمر لايمكن التفريط به أو الحياد عنه لأنه بدون ذلك ستصاب الاستقلالية بالعدم ( الموت) الذي لايحمد عقباه فتكون عندها إلى انفلاتية لايحمد عقباها وغير هادفة أو محمودة نتائجها فضلاً عن احتمالات عدم الكفاءة التي تشوبها مظاهر فساد – أداري ومالي – الذي لاينبغي أن يكون له وجود في مؤسسات التعليم العالي، لذا لابدّ من أن يوحّد العمل في هذه الجامعات والمؤسسات بوضع أنظمة جامعية متقدمة ومتطورة تنقح أو تعدل أو تبدل بحسب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية في العراق والعالم ولاينبغي أن تكون هذه القوانين والأنظمة ثابتة أو غير متغيرة أو بعيدة عن التعديل والتطوير وكلما كان ذلك يصبح واجباً نعمة التحديث والتطوير والتي هي من مهمات الجامعات والمؤسسات التعليمية . 2. القيادات الوزارية والجامعية العلمية والادارية :- بشأن هذه النقطة فارى أن ماذكر عنها في الصفحات السابقة كان واضحاً جداً في تحديد أهميتها ولكننا نعود ونؤكد أن الطموح في تحقيق استقلالية الجامعات العراقية يقع أولاً على عاتق قيادتها التي يجب أن تكون من أنزه وأكفأ منتسبيها وأعلاهم مستوعلمياً مشهوداً لهم بذلك من بحوث ومؤلفات وجهود علمية مبتكرة وأصيلة في الساحة العلمية العراقية والعربية وحتى العالمية، وإن أنتخاب وأختبار هذا المستوى من القيادات ينبغي أن يكون أمراً متفقاً عليه بصورة قاطعة ولاجدال فيه لأن هذه المبادئ أصيلة ثابتة وراسخة في جميع جامعات العالم الرصينة لاتحتاج إلى دليل أو برهان، بل بالعكس إنا لدينا الأدلة الكثيرة بما حصل عند تنصيب ممن هم ليسوا بهذا المستوى فكانت وما زالت إخفاقاتهم العلمية والإدارية واضحة وأحدثت وتحدث أشكالات كبيرة، وأنا أرى جازماً أن لهذا العالم أهمية كبرى في تحقيق استقلالية الجامعة لأن عظمة العلماء وجلالهم يفرض مبدء الاستقلالية والاحترام لأدائهم وقراراتهم والادلة على ذلك كثيرة . 3. موازنة الجامعات المالية أو استقلاليتها المالية :- أن تخطيط موازنة الجامعات السنوية على وفق أحدث وأفضل قواعد التخطيط المالي وعلى قواعد علمية مالية ومحاسبية كلفوية عامل مهم في تحقيق استقلالية الجامعة المالية وتخطيط وتدبير احتياجاتها المالية السنوية لتحديد مبلغ المنحة التي ينبغي أن ترصد لها في موازنة الدولة على وفق المبدء الجديد ( القديم ) المقترح في مشروع قانون التعليم العالي والبحث العلمي، وإن وضعت تقديرات المنح التي تحتاج اليها الجامعة ينبغي أن تقر تلك المنح وألاّ تخفض بصورة عشوائية أو كيفية بل أن تطلب ذلك على وفق قواعد وأسس علمية، فإن توفرت الاموال اللازمة حقاً لتسيير نشاطاتها ففي ذلك تحقيق كبير لاستقلالية الجامعات الذي تصبو إليه ومن متابعتي لهذا الأمر في الجامعات العراقية لخمسين عاماً وبصورة عملية فأنا على دراية تامة بتأثير هذا العامل في كفاءة أداء الجامعات حيث كان عدم توفير الاموال اللازمة أثراً سلبياً في الأداء وأشغال الجامعات ومسؤوليها بهذه المشكلة أكثر من أشغالها بالأداء العلمي الاكاديمي ولاننسى أهمية الصلاحيات المالية التامة في التصرف بالأموال المخصصة لها وتمتع قياداتها بصلاحيات وزير المالية نفسها ومجالسها بصلاحية مجلس الوزراء في تنفيذ موازناتها. 4. القيم والاعراف الجامعية وأثرها في استقلالية الجامعات العراقية :- منذ تأسيس أول جامعة في العراق حاول رؤساؤها الثلاثة الأول بما عرف عنهم من علمية ورصانة وشهرة في الأوساط العلمية العراقية والعربية والعالمية فضلاً عن دراستهم في أرقى الجامعات العالمية وحصولهم على شهاداتهم بتفوق وتميز إلى جانب خبرتهم الادارية الجيدة، حاول هؤلاء الكبار ترسيخ القيم والأعراف الجامعية في جامعة بغداد التي رأسوها، وكان ذلك متجلياً في الآتي :- أ. الاحترام التام لأعضاء هيئة التدريس . ب. الدقة التامة في اختيارهم . ت. الدقة التامة في ترقياتهم . ث. الدخل المادي المناسب لمعيشتهم . ج. إلزام وزارات الدولة ومؤسساتها بالاحترام التام في التعامل مع أعضاء هيئة التدريس . ح. إعطاء الجامعة مكانتها في المحافل العلمية والأدبية والاجتماعية في البلد . خ. التكليف بعمادات الكليات والأقسام العلمية بالأقدمية العلمية والوظيفية كعامل أساسي . د. الحرية التامة في منح الاجازات الدراسية والزمالات الدراسية والبعثات والتفرغ العلمي لمنتسبيها لتوفير هيئة تدريس بمستوى عالٍ . ذ. السماح لأساتذة أساتذة عرب وأجانب من جامعات عالمية رصينة للعمل بعقود أو زائرين لمدة محددة ومنحهم رواتب ومخصصات مناسبة . ر. إقامة المؤتمرات والندوات العلمية والاجتماعية في المناسبات المختلفة أو دورية . وإن ماذكرته أعلاه كان في نهاية الخمسينات وفي أثناء مرحلة الستينات من القرن الماضي، وإن أستمرت أو تغيرت تلك القيم والأعراف التي ذكرتها وإن كانت هي هذه أوغيرها إن عملت بها الجامعات أو لم تعمل في النظام السابق أو بعده فأن تلك القيم والأعراف ينبغي أن تُفعّل في تلك الجامعات لتكون بأفضل وأرقى مستوى ممكن وأن توفر الجامعات لها في موازناتها ماينبغي من أموال لتحقيقها لأن تلك القيم والأعراف كلما تحققت وعلا مستواها كلما دلّ على استقلالية تلك الجامعات ورصانتها – هذا ما اعتقده والله أعلم – . 5. الجامعة وحضورها في المجتمع وأثره في استقلاليتها :- تكلمنا في مقدمة مقالتنا هذه عن الجامعات وأهداف تأسيسها من قبل الدولة او غيرها فأن هناك أهدافاً يتطلب انجازها على وفق القوانين والانظمة التي تحدد قواعد ذلك ومتطلباته، وفي رأيي أن لذلك أهمية كبيرة لاستقلالية الجامعات وبطبيعة الحال إني أفضّل أولاً وآخراً في مقالتي هذه هو الجامعات العراقية، فكلما عملت الجامعة بكفاءة عالية لتحقيق أهدافها وفقاً للاستراتيجية المحددة لها كلما أنعكس ذلك في احترامها وتقديرها في المجتمع وذلك ينجم كفاءة خريجيها وتفوقهم وكفاءة تدريسيها في تقديم الاستشارات العلمية والأقتصادية والأدارية والأنسانية المختلفة كلما كان لذلك أثراً في تحقيق الجامعة مكاسب معنوية واعتبارية من جهة ومردودات مادية ومالية من جهة أخرى وفي ذلك تعزيز لاستقلاليتها . 6. أجهزة الدولة العليا والوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى وطبيعة تعاملها مع الجامعات وأثره في استقلاليتها :- من العوامل المهمة الأخرى في تحقيق استقلالية الجامعات العراقية في طبيعة تعامل أجهزة الدولة العليا مع الجامعات، إذ لابدّ من أن تنظر الجامعات بأنها مؤسسات حكومية أكاديمية منتسبوها علماء ومنظرون وذوو كفاءات علمية وعملية متميزة يوظّفون علومهم ونظرياتهم وكفاءاتهم العلمية لتخرج موارد بشرية مؤهلة تأهيلاً علمياً وعملياً عالي المستوى أي أن يكون تعامل أجهزة الدولة العليا من رئاسة الجمهورية ونوابها ومجلس الوزراء ونوابه والوزراء ومن هم بدرجاتهم أن يعزز من حرية هذه الجامعات استقلاليتها وعدم إصدار أي أمر أو توجيهات مخالفة لما ورد في الدستور وقانون التعليم العالي والبحث العلمي وأنظمته الداخلية والأسس والقيم الجامعية، أما الوزارات والمؤسسات الأخرى فيتطلب أن تتعامل مع الجامعات والهيئات كونها مؤسسات عالية المستوى علمياً ونظرياً وتطبيقياً يمكن أن تستفيد منها لحل مشاكل عملها العلمية والتطبيقية والإدارية والمالية والمحاسبية سواء بالاتفاق المباشر مع الأساتذة والمختصين فيها أم بحسب الية يتفق عليها أو عقود تبرم مع مكاتبها الاستشارية أو بأنه صيغة قانونية ونظامية أخرى، أن هذا العامل له تأثير كبير في تحقيق استقلالية الجامعات وحريتها في توظيف طاقاتها في خدمة المجتمع كما هو مسطّر في أهدافها في القانون كذلك يحقق موارد مالية مناسبة لها ولمنتسبيها جميعاً فضلاً عن تعزيز الاحترام والتقدير العلمي العاليين بين مؤسسات الدولة والجامعات العراقية . هذا ما أراه وأقترحه في بيان حقيقة واقع استقلالية الجامعات العراقية وما ينبغي أن تكون وما تطمح إليه من حرية أكاديمية واستقلالية علمية وادارية ومالية، لا أدعّي أن ما ذكرته هو الكمال بل أنه يعزز بالحوار والنقاش إن كانت هناك وجهات نظر ورؤى مؤيدة أو مخالفة، إن ما تناولته في مقالتي هذه هو من إطلاع وممارسة ومساهمة في تحقيق هذه الاستقلالية لا بل نضال أمتد إلى نصف قرن في تحقيق حرية واستقلالية الجامعات العراقية لتكون بالحصانة والرصانة لتحقيق الأهداف المطلوبة منها في الوقت نفسه من التسيب التي يتصورها بعضها أنها هي الاستقلالية الجامعية ولكنها في حقيقة الأمر هي الدمار التحتي للأسس الجامعية الجامعية وأنا مستعد لأثبات ذلك إن تطلب الأمر .
… ومـن الله الـتوفـيق ..
أ.د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
اكتب تعليقا |
||
الرئيسية |
السيرة الذاتية |
مقالات |
مؤلفات |
البوم الصور |
رسائلكم |
رثاء |
ط§طھطµظ„ ط¨ظ†ط§
جميع الحقوق محفوظة لموقع الاستاذ الدكتور ماهر العبيدي ©2009 |