اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

تدريب ام تهريب

لا أعتقد أن هناك من يختلف معي فيما أرى بأنه كان للتعليم العالي وتطوره في العراق ( بالرغم مما عاناه من مصاعب وعقبات ) فضلاً كبيراً على التطور الاقتصادي والاجتماعي بشتى صوره ونواحيه، وحصل ذلك بفضل مخرجاته الكثيرة من الخريجيين في مختلف الاختصاصات العلمية والانسانية التي رفد بها جميع مؤسسات القطاعات الاقتصادية العامة منها او الخاصة وسواء كان ذلك بالخريجيين المؤهلين بالشهادات الاولية الجامعية او الشهادات العليا بمختلف مستوياتها وتخصصاتها، كما وشهدت فترة ما يسمى بالحصار الذي مر بالعراق تطوراً نوعياً في الاستفادة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمعاهد الفنية سواء بالاتفاق المباشر على وفق آلية التعاون التي أقرت بصيغ معينة او بوساطة مكاتبها الاستشارية العلمية التخصصية، مما ساعد ذلك في فك الكثير من أختناقات تلك المؤسسات المستفيدة في كثير من جوانب نشاطاتها المختلفة وتعزيز كفاية أعضاء هيئة التدريس المتعاقدين او العاملين في المكاتب الاستشارية بالجوانب التطبيقية لمعلوماتهم النظرية هذا كله كان في ظل النظام السابق، اما في الفترة اللاحقة له فأننا شهدنا قدوماً كبيراً لمؤسسات ومعاهد وخبراء من كل حدب وصوب أو من كل دول الائتلاف او الاحتلال معهم عراقيين كانوا هاربين او مهاجرين بعضهم كان يعمل في العراق في هذه المؤسسة او الجامعة او تلك وقد نسى كل ما يعرفه عن بلده او يكاد وبعضهم لا يعرف شيئاً على الاطلاق بدأوا يقدمون المشورة والخبرة لهذه الوزارة او المؤسسة او تلك التي قبلها بعضها مرغماً لا بطلاً وبعضها أعتقدت ان هذه المعاهد او المكاتب او ما يسمى بالمستشارين او الخبراء يملكون من العلم والخبرة ما سيكون فعله كالسحر في تطوير أدائها وأعمالها، فماذا كانت النتيجة لا خبرة ولا معرفة بالقوانين والانظمة والتعليمات السابقة او النافذة ولا بالمتعارف عليها ولا بالمعتاد ولم ينظم شيئاً او يطور بل أغلب دراستها ومقترحاتها ( خيط وخرابيط ) ولم تحصل وزارتنا على شيءٍ ينفع أن لم تتراجع ولم تبال هذه المؤسسات او المعاهد او المنظمات من التحقق عن ما قدمت أو إفادات وإنما حصلت  ( أو لطشت ) الملايين من الدولارات مما خصص لنا من المساعدات ( صدقات ) بعد أن صرفت القليل منها إلى خبراء أو متخصصين عراقيين استغلتهم مع الاسف بأبخس الاثمان وكان هذا وجهاً من أوجه تهريب الاموال أما الوجه الاخر منه فهو دورات التدريب التي تعقد في هذا البلد الشقيق المجاور او ذاك الصديق البعيد وإيفاد الاعداد من العراقيين أليها والذي قد يكون لهم علاقة بأمر الدورة أو لمحسوبين على هذا المسؤول او ذاك او من عشاق السفر والرحلات ( أو ملئ الجناط ) وجودو ما بعد سقوط النظام للاستحواذ والاستغلال والحصول على الاموال، وأذا رجعنا او تحققنا من كلفة هذه الدورات لنجدها بملايين الدولارات أما علميتها أو مستواها وفائدتها وانعكاساتها على الموفدين والملتحقين بها فأنها ( كما أطلعت وأعتقد ) لا تساوي شيئاً فأي وسيلة لتهريب اموال العراق أفضل من هذه الوسيلة لأنها مباشرة من المنبع وليس من المقلع وبجهود أقل وأسهل لمحسوبين أو منسوبين في هذا النظام أو ذاك وهذه الدولة أو تلك لا بل لمسؤول في هذا البلد أو ذاك، وإذا ما رجعنا إلى جامعتنا وهيئات تدريسها ومكاتبها الاستشارية وإمكانياتها التي هي تفوق بكثير قدرة تلك المؤسسات سواء من عملت داخل البلد أو خارجه فان حصتها لم تكن الا الجفاء ونكران الجميل لما غنمت به هذه الوزارات ومسؤليها من علم ومعرفة وأفاق وليس في الحصول على جزء من هذه المغانم والاموال لأنهم يعرفون جيداً كيف يساومون أبناء جلدتهم ( بلدهم ) ولكنهم لا يجيدون فن المفاوضة ( أو المساومة ) مع الاجانب أقول ان حرمانهم ( أي أساتذة الجامعات ) من شرف الاستمرار في رفد مؤسساتنا بالعلم والمعرفة التي يتميزون بها عن جميع دول المنطقة لا بل عن الكثير من المستشارين غير الفاهمين عمل بعضهم بعشرات آلاف من الدورات وحصدت مؤسساتهم ملايين الدولارات فهل مغنية الحي لا تطرب ؟ أم هو تهريب بحجة التدريب ؟

 

… والله أعلم …

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

»

اكتب تعليقا