اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

ماهر العبيدى وداعاً

 

صه يا يراع واخرس يا لسان رددتها وأنا أهم بكتابة كلمتي هذه، ولا غرو في ذلك فاننى – وايم الله – وعلى كثرة ما مر بى من مواقف فقدان أحبة، وأعزة، لن أحيا حالة كالتي عشتها ساعة طرق سمعي فقدان آخى وصديقي الأستاذ الدكتور ماهر العبيدي 

فلم تطاوعني الكلمات ولم ينتظم عقدها، تزاحمت على غير انتظام لا لعلة في الكم ولا لعجز في الاصطفاء، ولكن المرارة التي أحسسها تلظى بأحشائي، والحرارة التي اشعر بها تسرى في عروقي، جعلتني أطلق القلم أياما مخاطبا إياه:صه فما عساك أن تجود والمصاب جلل، والرزية عظيمة —— فقد عرفت ماهر العبيدى شابا، وعاصرته رجلا و لازمته كهلا، كان على محدبا شانه في ذلك مع أحبته وزملائه، وكان صادقا أيما صدق، صادقا في علمه، صادقا في مشاعره، صادقا في كلامه، ولم يكن صدقة وحدة في ميزان مآثره ———- 

فقد كان جادا حريصا يحتجن معجمه الحياتي كل معاني النيل، وألفاظ الأصالة جسدها سلوكيا في حلة وترحاله، وكان له مع من عرفة دالة وما أكثرها على ——- 

بعد هذا امن المعقول أن أفيه حقه بكلمات وتراكيب بدت لاهثة، ولكن لا مندوحة من أن اذكر بعض ما يسعني القلم به ——- 

إن الكلمات قصارها وطوالها اعجز من أن تجارى ميدان مآثره في عدوة فهو كالسيل المنهمر يفيض على سائلية، وطلاب علمه، لا يضن بإجابة عندما يستنجد، ولا يبخل يعلم عندما يسال، ولا يتوانى عن الفعل والقول عندما يرى ضرورة لذلك —-لقد كان منجما من ذهب كلما اخذ منة ازداد لمعانا وكلما نهل منة أفاض ——– 

وهو سيان فيما يتكلم ويكتب ويؤلف، له منهجه العلمي ونهجه الإنساني، وقد اقترنا معا فاخرجا ما هو أصفى من الماء الزلال، وأغلى من عقود اللال—— 

لقد عملت مع الفقيد، لم أره إلا والبسمة تعلو محياه في اشد المواقف حلكة، لم أره إلا والثقة بالنفس تعتمر صدره، لم أره إلا عن زخارف الدنيا وبهرجتها نائيا، وفيما أتاه الله زاهدا، وفى حياته متواضعا دون ضعف وحكيما إذا نطق غنم وإذا سكت سلم، سعادته في محراب العلم والعمل، ونشوته وهو يلازم مراجعة ومصادره، ووجوده وهو يداعب أمثاله وأفكاره، لم تدلسه الدنيا بمدلهماتها، عف اللسان، كريم اليد، عريق المحتد، طاهر النجار لايذكره سواه إلا بالحسنى  وهذه بعض خلاله وصفاته وهى مما افتقدناه في وقتنا هذا —— أقول ما تقدم واني بأمر الله موقن إذ لا راد لقضائه، والناس جميعهم إلى مستقر بعضهم يردف بعضا، ولاحقتهم ينتظر على المحجة ليلتحق بسابقتهم ——– ولنا فيما تركة الفقيد من اثار وذكريات، من مصنفات وأعقاب خبر سلوى، اذ ستبقى منجزاته العديدة محطات نتذكره بها ما بقى فينا عرق ينبض، وسيبقى ذراروة موجبات ذكر حسن فقد كان رحمة الله عالما فاضلا نبيلا تسهده أنة الفقير وتؤرقه لوعة الضعيف لذا نذر نفسه لخدمة أبناء مجتمع التعليم العالي الذين لا سند لهم ولا ظهير يقضى حاجياتهم وينهد لتلبية طلباتهم، ضخمت أم لم تضخم، لا يعيفه مرض، ولقد كان صريحا جريئا لا تاخذه من ذلك مجاملة او مداراة. 

وفى الختام لن أقول إلا – إنا لله وإنا إليه راجعون- وإلا أن نبتهل إلى الله تعالى أن يمطره بشابيب رحمته وان يسكنه فسيح جناته وإلا أن نقول وداعا علنا نلتقي في يوم لا شمس فيه ولا زمهرير، يوم ترنو الأبصار فيه خاشعة، وترتجف الأفئدة والهة لا يسكن روعها إلا المبدوء والمختم الواحد الأحد، المحيى والمميت وهو ارحم الراحمين

 

الأستاذ الدكتور سامي المظفر

وزير التعليم العالي السابق

 

 

»

اكتب تعليقا