اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الملكة آن والحكمة

 

 قبل خمسة وعشرين عاماً زرت يوماً معرض بغداد الذي اقيمت دورته على الرغم من الحرب المستعرة وتساقط الابرياء شهداء، وفي اثناء جولتي في ذلك المعرض دلفت حينها في جناح إحدى الدول الاسكندنافية، والدول التي حباها الله بأجمل الجبال والوديان والبحار، والتي أعطى أبناءها رجاحة العقل والرحمة والاحسان في الفؤاد، وتميّز اقتصادها بالمزج بين محاسن كلا النظامين الرأسمالي والاشتراكي ورفض مساوتهما، والتي منها أصبحت ارقى شعوب العالم في الاقتصاد والاجتماع.

  في ذلك المعرض كانت هناك نشرة دعاية أو إعلام لتلك البلاد وكانت فيها موضوعات اقتصادية واجتماعية وثقافية وادبية وسياسية اكثر مما هو دعاية لبضاعة أو انتاج، استفدت حينها حقيقة من تلك النشرة كثيراً وما زالت موضوعاتها الشيقة والمتنوعة اتذكرها جيداً، كتبت عن واحدة منها خاطرة اقتصادية وها انذا اكتب خاطرة اخرى لا اعلم ما نوعها إن كانت اجتماعية أم سياسية ولكني اعتقد أنها تحتوي على موضوعات عديدة تستطيع عزيزي القاريء تلمسها بعد انتهائي من قصها عليك، كانت تلك النشرة تتضمن موضوعاً بعنوان (الملكة آن) وهو اسم ملكة تلك الدولة، كانت صورة تلك الملكة في وسط الصفحة، ولكن أية ملكة، هي ليست ملكة زنوبيا ولا ملكة بريطانيا حيث التيجان والصولجانات ولا فرس ولا فرسان ولا غيرها من مصفحات ودبابات بل كانت هذه الملكة في تلك الصورة واقفة في سوق شعبي في عاصمة مملكتها الجميلة مرتدية بنطلون جينز وقميص (تي شيرت) نصف ردن (وليس ربع) تمسك بيديها دراجتها الهوائية تتحدث مع مجموعة من النسوة الشابات والعجائز،  يتبادلن الحديث والابتسامات يقول المقال (عزيزي القاريء): إنه لو قدر لهذه البلاد (أي مملكة آن) أن تتحول الى جمهورية لما انتخب شعبها غير الملكة آن رئيساً لجمهوريتها والسبب في ذلك ليس القوة والسلطان وليس بسبب تزوير الانتخابات ولا بفضل السجون والمعتقلات او تكميم الفم أو قص الأذن واللسان ولكن السبب هو أن شعب هذه البلاد سوف ينتخبها رئيساً للجمهورية لانها الملكة الدبولوماسية والادبية والمثقفة والكاتبة وعازفة البيانو والكمان وهي الرياضية وهي رئيسة فعلية أو فخرية للعديد من الجمعيات الخيرية راعية الشيوخ والاطفال ويستمر في ذكر ما تتمتع به من صفات التواضع والاخلاق وجولات تفقد الاحوال، احوال شعبها، او رعيتها الذي ترعاه .

لا اخفيك عزيزي القارئ بأعجابي بصفات وخصال وانشطة الملكة آن فضلاً عمّا حباها الله من جمال وقلت في نفسي: حقاً، لو كنت من ابناء هذا الشعب لانتخبت الملكة آن لتكون رئيساً للجمهورية او تبقى ملكة طوال الحياة، لأنها الان لديها صفة أو ميزة اخرى كونها تقدمت في العمر واصبح عمرها ستين عاماً (كما اقدر) ومن المؤكد انها اصبحت بفضل العمر حكيمة ايضاً فلذلك زادت صفاتها ومميزاتها وزاد شعبها سعادة وحبوراً وذلك كما يقول  المثل اليوناني القديم (سعيد الشعب الذي يحكمه ملك حكيم) واختتم خاطرتي هذه بالدعاء للرب العظيم أن ينعم على جميع الملوك والرؤساء والذي ينتظر دوره ليكون ملكاً أو رئيساً على هذا الشعب أو ذاك أن يحبوه بذات صفات ومميزات الملكة آن.    

 

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا