اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

القطاع الصناعي العام والخاص ودورهما في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق

 

لم تكن الصناعة في العراق متطورة او نامية عند استقلاله وقيام الحكم الوطني وحتى نهاية الاربعينات وكان القطاع الخاص هو المتسيد للصناعتين الخفيفة او البسيطة او الحرفية كصناعة السجاد اليدوي والاثاث والملابس والاواني المنزلية المختلفة والصناعات الانشائية البسيطة كالطابوق والجص ومنتجات ورش الحدادة، اما القطاع العام فلم يكن له شأن هام في النشاط الاقتصادي الصناعي وحتى الخمسينيات سوى معامل شهداء الجيش وكانت تختص بالصناعات النسيجية وغيرها من بعض المستلزمات العسكرية .

بعد توفر الموارد المالية للحكومة العراقية عند مناصفة واردات النفط في بداية الخمسينيات من القرن الماضي وباشرت في خططها الاعمارية حصل تقدم واضح في مساهمة القطاع الصناعي العام في النشاط الاقتصادي حيث شيدت معامل للمواد الانشائية وفي مقدمتها معامل الاسمنت ومحطات الطاقة الكهربائية والصناعات النفطية وحصل تقدم بسيط في مساهمة القطاع الخاص الصناعي في اقامة الصناعات، مثل صناعة المشروبات الغازية والروحية والنسيجية وبعض الصناعات الاخرى .

 بعد ثورة 14 تموز سنة 1958 توجهت الدولة نحو توسيع مساهمة القطاع الصناعي العام في النشاط الاقتصادي واهم ما جرى هو ابرام الاتفاقية العراقية السوفيتية التي تضمنت اقامة العديد من الصناعات عرقلت الاضطرابات السياسية تنفيذها .

 كان نمو القطاع الصناعي العام والخاص بطيئاً وغير مؤثراً حتى عام 1968 بصورة واضحة على النشاط الاقتصادي في العراق كما ووجهت  اجراءات التأميم لشركات القطاع الخاص المختلفة ومنها الشركات الصناعية سنة 1964 ضربة قاضية لنشاط هذا القطاع واوقفت تقدمه بل ادت هذه الاجراءات غير المدروسة الى عزوف القطاع الخاص من الاستنشار في القطاع الصناعي والنشاط الاقتصادي عمومآ بسبب الخوف من اجراءات التأميم فيما عدا الانشطة الاقتصادية البسيطة الوافرة الربحية والتي لا تشملها اجراءات التأميم لصغر حجمها، ساهمت الخطط الاقتصادية والاجراءات التي اتخذت منذ سنة 1968 ومن ثم بعد ذلك زيادة الايرادات المالية للدولة بعد اجراءات التأميم وزيادة اسعار النفط منذ عام 1973 وما بعدها على قيام صناعات متنوعة ومختلفة للقطاع الصناعي العام عززت بها الدولة دور القطاع العام في النشاط الاقتصادي الصناعي ولكن في هذه المرحلة كان توجه الدولة نحو التصنيع العسكري كبيراً ومؤثراً على نشاط التصنيع المدني بصورة سلبية، لا بل طغى عليه وعلى الاقتصاد العراقي وسياسة البلد على نحو عام فأنفقت مليارات الدولارات على التصنيع العسكري وانتهت هذه الصناعات بالدمار الشامل .

 اما القطاع الخاص خلال هذه المرحلة فلم تكن للدولة خطة واضحة لتنميته وتحفيزه بما يمكن ان يسهم بصورة فعالة في تنمية الاقتصاد العراقي عموماً بالرغم من توفر الامكانيات المالية اللازمة لذلك .

لا ارى من الضرورة الاسهاب او الاطالة في شرح ما آلت اليه احوال القطاع الصناعي العام بشقية المدني والعسكري من تدهور وتدمير بعد احداث الخليج الثانية والحصار الذي فرض على العراق فضئل حجم هذا القطاع وتأثيره في النشاط الاقتصادي العراقي واستمر حاله على نفس الصورة لمدة ثمانية عشر عام، اما القطاع الخاص ونتيجة لفرض الحصار والحاجة الماسة بالبلد للمنتجات الصناعية وحاجة النظام السابق الالتفاف على العقوبات الاقتصادية او الانفلات من طوقها الخانق فلجأت الحكومة الى تحفيزه بطرق مختلفة لذلك شهد هذا القطاع نموماً ملحوظاً في نشاطه في تلك الفترة .

 ان ما يهمنا في الوقت الحاضر وبعد مضي خمسة سنوات على نهاية النظام السابق وبداية عهد جديد ان نعرف ما هي استراتيجية الحكومة تجاه القطاع الصناعي عموماً من ناحية وايهما ينبغي ان ينمى ويطور اولاً، وهل من الضرورة ان تكون الغلبة لهذا القطاع على القطاع الاخر، وهل ان الصفات الشمولية للنظام السابق يحتم على الدولة عدم الاهتمام بالقطاع الصناعي العام وانتشاله من التدهور بأعادة الحياة الى الصناعات المحطمة والمهملة والمدمرة وتحديثها لتسهم فوراً في توفير البضائع والمنتجات التي يحتاجها الشعب العراقي مع حمايتها من المنافسة الاجنبية والاخذ بنظر الاعتبار خفض كلفتها ليكون سعر بيعها مناسب لدخل الفرد العراقي من ناحية ومنافساً لسعر البضاعة الاجنبية من ناحية اخرى، وهل ان حاجة البلد الى الكثير من الصناعات الثقيلة لا تفرض على الحكومة العراقية ووزارة الصناعة والمعادن الاهتمام الكبير ببناء فرع الصناعة المهم هذا والذي من الصعوبة على القطاع الخاص المساهمة فيه الا وهو فرع الصناعات الثقيلة، اليس واضحاً لدى الدولة ان رغبت بقيام صناعة حقيقية ثقيلة وخفيفة ان تقوم بدعم واسناد وتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في بناء الصناعات الخفيفة الواسعة التي يحتاجها الاقتصاد العراقي والقطاع العام او التي في طريقها للتقدم فتحفز القطاع الخاص في بناء مشاريعه والمساهمة في استثماراته فيساعد ذلك في سرعة النمو الاقتصادي بتشغيل ايادي عاملة كثيرة عاطلة مستهلكة غير منتجة فتساهم في زيادة الدخل القومي وتعوض عن كثير من الحاجة للاستيراد من دول اخرى مما يحافظ على ثروات البلد وعدم استنزافها بالاستيراد .

 ان كل تساؤلاتي تلك لا اجدها ( كما اعتقد ) واضحة في الاستراتيجية الاقتصادية العراقية، وان ورد شئ بقانون او نظام او تصريحات فأن ما نفذ منها قليل لا شأن له ولا تأثير لان كل ماذكر وقيل هو عبارة عن سوق للتخدير وليس تثوير بدرجة مناسبة في التنفيذ ( كما اعتقد ) .

         

 أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا