اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

عصفور في قفص

كان العصفوران الصغيران يغردان في قصفهما عند رؤيتهما ضوء الشمس في ذلك اليوم البهيج السعيد أول أيام العيد ففرحت كثيراً لسعادتهما, ولكني تذكرت ذلك الشاعر الكوري اليساري الذي جيء به مكبلاً بالأغلال  إلى المحكمة العسكرية في سيئول( عاصمة كوريا الجنوبية) بتهمة التحريض على الثورة والتمرد ضد الحكومة والمتسلطين وهي من الحجج الشهيرة لإلقاء كل من يتكلم أو ينتقد أو يعبر عن رأي في كوريا أو غيرها من دول العالم النامي أو النائم (سمه ما شئت) في الأقبية والسجون ليس لسنة أو سنتين بل قد تصل الى عشرة أو عشرين سنة وحسب غلظة ضمير ذلك الحاكم وحقده على كل ثائر ينشد الحرية أو يغرد بها كعصفور القفص الذي ذكرني بالشاعر الكوري إذ كان الطائر يطير في البرية فرحا بحريته ونسيمها الرائق  الرقيق.

في المحكمة سأل الحاكم(المتقرفص في مقعده) الشاعر: لماذا تكتب هذه القصائد ولمن تحرض؟ أجاب الشاعر أني لا أكتب لأحرض ولكني أكتب لأغرد ألا تعلم يا سيدي الحاكم  أن البصر والسمع والكلام هي من نعم الله على الإنسان ولم يمنحها إنسان لإنسان حتى يسلبها منه عندما يرغب أو يشاء ، ألا تعلم يا سيدي الحاكم أن العصفور حالما يوضع في قفص يبدأ بالتغريد ليعبر عن أنه يطالب بحريته التي فقدها في ذلك القفص الذي وضعوه فيه، فلماذا تحاسبني على أشعاري التي أعبر فيها عن آلامي في هذا القفص الكبير الذي وضعتني فيه(ويقصد البلاد بإكملها) إنها أشبه بأغاريد العصافير في القفص التي لن تسمعها إن أطلقته ومنحته حريته,فإن أطلقت حريتي أيها الحاكم من قفص حكومتك الكبير  فسوف لن تسمع أشعاري التي أعدها أشبه بتغريد العصافير في قفصكم الكبير هذا.

لم أسمع الحكم الذي نطق به الحاكم الغليظ على هذا العصفور البشري ولكن لا تستبعد -عزيزي القارئ- إن يكون السجن عشرة أو عشرين سنة ليزداد فيها الشاعر تغريدا وتنمو وتزيد روح الثورة في داخله ، فالتغريد في مجتمع تواق للحرية يبتغي رؤية وسماع ما هو أجمل وأروع من كلام عذب مشجن يزدان في التمتع بما وهب الباري عبده المسكين من نعم تحقق له الفرز بين ما هو غث وسمين.

والحمد لله رب العالمين

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي


»

اكتب تعليقا