اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

ألف مرض خطير يصيب الإداري

 

تعد مجلة (الإداري) اللبنانية من المجلات المرموقة في مجالها, فهي بحق عالية المستوى بما تحتويه من مقالات وبحوث ودراسات ومعلومات في عالم الإدارة الواسع الرحب, وكانت تصلني بانتظام, خلال الأعوام (1985- 1988) وربما كنت الوحيد في العراق الذي تصل إليه هذه المجلة, ومن سوء حظ الإداريين المهنيين والأكاديميين في بلدنا أن هذه المجلة كانت ممنوعة عليهم لأسباب لاشك في إنها تافهة, عملاً بما كانت تفرضه الجهات السائرة في ركب السلطة التسلطية من مقاطعة أو رفض أي مطبوع لا يوافق هواها ومراميها , المهم من ذلك إني قرأت ذات يوم في احد أعدادها مقالاً لكاتب أمريكي بعنوان (مئة مرض خطير يصيب الإداري في الولايات المتحدة الأمريكية) وقد أعجبتني براعة الكاتب في تشخيصه المشاكل التي يعانيها الإداري في عمله , وهذا ما يظهر تأثيره بصورة مباشرة في حياته الشخصية أو العائلية أو في علاقاته عموماً , فضلاً عن تشعبات الوظيفة الإدارية وذكر الكاتب أنواعا كثيرة من الأمراض الجسدية كالسكر والضغط وأمراض القلب بانواعها والمعدة والمفاصل وغيرها الكثير, ثم يعود ليذكر الأمراض النفسية والاجتماعية الشائعة كالكآبة والجنون, ثم يقول ان هناك مئة مرض خطير  قد يصيب الإداري , منها ما عرف, ومنها ما لم يعرف وذلك بسبب مشاكل العمل الإداري وضغوطه وانفعالاته وانتهت بي قراءة ذلك المقال الى استفهام كبير قد يشترك معي كل اداريي العراق وربما بلدان العالم الثالث في طرحه, مفاده ان كان عدد الأمراض التي تصيب الإداري في الولايات المتحدة الأمريكية مئة , فكم عدد الامراض التي تصيب الإداري في بلداننا ؟ مئة؟ مئتان؟ نعم, وقد يكون أكثر من ذلك.

وتمر الأيام والسنون على هذا البلد المتوضئ بدمائه القائم على لحن أنينه , بعدما أثقلته الهموم والمشاكل , من حروب ودكتاتورية وتسلط, واذا بنا نباشر ببناء عراق جديد بنظام جديد ومفهـوم جديـد واقتصـاد جديد, واستبـشرنا خيـرًا وقـلنا إن الأعمال في دوائـر الدولـة ستكون أفضل مما كانت عليه وأيسر, وان اللون الداكن الذي كانت تصطبغ به إدارتنا سيكون في قابل الأيام وردياً, ولكن ..؟ بعد ان كلفت بإدارة دائرة في إحدى الوزارات تذكرت ذلك المقال الذي قرأته في مجلة الإداري, وأدركت إني كنت في الثمانينات متفائلاً حين توقعت ان مئتي مرض خطير قد تصيب الإداري في العراق, وعليّ ان اجعلها ألف مرض ليكون توقعي صحيحاً ينطبق على الإداري في هذا الزمان.

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا