اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

ماذا سيحصل لو نضب نفط العراق؟

 

كان ينبغي ان نكتب هذه المقالة عقب قرار زيادة اسعار المشتقات النفطية في العراق التي اثارت الكثير من الجدل والنقاش بين الاطراف الحكومية التي اقرتها قبل شهر من تنفيذها ثم اختلف بعضهم عنها بعد بدء التنفيذ ورفض الاكثرية العظمى من ابناء الشعب هذه القرارات التي لا تعلم بأنها مفروضة على الحكومة بسبب السياسات الاقتصادية التي تضعها الجهات الخارجية المانحة للمساعدات او التي تعمل على خفض الديون والالتزامات على الدولة العراقية المنهار اقتصادها اصلا منذ عقدين من الزمن في الاقل , سواء بسبب الحصار الاقتصادي التي فرض عليه رغمًا عنه ام بسبب السياسة الاقتصادية المتخبطة للنظام السابق الذي انهار في ظله كل شيء تقريبًا.

ان الديون المتراكمة والاقتصاد المنهار واستمرار انخفاض العملة العراقية تجاه النقدي الاجنبي سواء الدولار ام غيره فضلاً عن استمرار حالة الفساد الاداري والمالي لجهاز الدولة الذي يستغيث منه كل الشرفاء في العراق ولا تجد اذانـًا صاغية للذين تعودوا او عودوا عليه او الذين ينتظروا اية فرصة لنهش لقمتهم الحرام منه، فأي حال و أي وضع يسعى الكثير من اعداد الشعب العراقي سواء من داخله ام خارجه الى تدمير هذا البلد , هدفهم الاساس الان هو اجاعة الشعب العراقي مرة اخرى والاجهاز على أي جهد لاستعادة الاوضاع الى طبيعتها الاساس واستقرار وضع الاقتصاد لتتمكن أية حكومة شريفة ونزيهة من دفعه الى الامام, حتى يسعد ابناء الشعب جميعًا باقتصاد حر ومزدهر يوفر فرص العيش المناسبة لجميع ابنائه كهوله وشبابه بعد ان أعياهم طول الانتظار.

خص الله العراق بثروات كثيرة لا تعد ولا تحصى واهمها ماء الرافدين الذي كان الاساس لنشوء حضارات وادي الرافدين وكان لانسانيته وفكره المبدع عامل لقيام هذه الحضارات التي تفوقت في حينها على جميع الاجناس البشرية, اما النفط الذي هو موضوع مقالتنا هذه فلم نقرأ حتى الان وفي أي مكان ٍ كان أن نارًا ازلية تواجدت فيه بسبب وفرة النفط وانبعاثها من تحت الارض لتوقد نارًا غير نار بابا كركر الازلية, وهذا هو الدليل الاكيد على وفرة النفط فيه منذ الازل .

لم تكن بريطانيا هادفة الى تحرير العراق أو احتلاله وإنما كما قال الجنرال (مود) قائد حملة بريطانيا إن احتلال العراق ليس لاجل سواد عيون ابنائه أو لسمار بشرتهم ولكن لنفتش دائمًا في المصالح الاقتصادية التي تهدفها  اكبر دول العالم الاستعمارية في ذلك الزمان التي اقتصت ثروات دول العالم التي استعمرتها وشيدت بها حضارتها الاستعبادية لشعوب الدول التي استعبدت بفضل قوتها الضاربة ودهائها السياسي المحنك.

  نال العراق ومنذ احتلاله أسوء استغلال من دولة بريطانيا العظمى, فأمنت لنفسها اهم ما ينفع اقتصادها من مواد خام بأسعار بخسة لا تسمن شعبه ولا تغنيه من جوع, فكان برميل النفط بشلن واحد فقط (أي ما يعادل درهمًا او خمسين فلسًَا بالعملة العراقية) فهل صحيح هذا سعر النفط في العالم في ذلك الحين والذي أصبح محركـًا لكل الة صناعية او عسكرية, والذي بدا يلـّوح للدول الصناعية بأن مستقبلها واقتصادها معقود له النمو على لواء النفط. هكذا كان سوء حظ العراق وشعبه في ان تنهب ثرواته بأبخس الاثمان وسواء كان الشلن يساوي قيمته ذهبًا وهو ما يذكر لصالح الحكومة العراقية من قبل هذا او ذاك فهو ليبقى أبخس سعر لاثمن سلعه حتى لا يقال انها تنهب ببلاش اذا ما اتى التضخم الاقتصادي الذي يعم اقتصاديات البلدان المتهيأة للحرب او الخائضة لغمارها, عجيب لثروات هذا البلد المسكين وشعبه الصابر لسنين طويلة, واذا ما تنبهت الحكومة او نُبهت الى ان وقف الحساب اتٍ لقريب سارعت للمطالبة بالمناصفة في الارباح فلبي لها هذا المراد بعد ان حصدوا من الارباح ما ملئت الحسابات لشركة نفط العراق (الشركة الاستعمارية) والذي منها العراق ببراء, وبدأت تتوافر الاموال وحولت الى مجلس وزارة الاعمار لبناء قواعد ارتكازية خالٍ منها العراق تمامًا وكان ذلك عين الصواب شهد فيها العراق بفضل ادارة علمية وتقنية شابة ومخلصة وممكنة افضل المشاريع والاعمار وكان في اسبوع الاعمار في كل عام تفتتح المشاريع المنجزة افضل انجاز عشرات وعشرات حتى بدا وكأن العراق قادم على مستقبل ينعم فيه الشعب بالازدهار والاستقرار, ولكن مع استمرار الاعمال على هذا المنوال وتوسع جهاز الدولة وآلاته بموظفين اكثر مما يقتضي الحال فضلاً عن التوجيه نحو تحديث الجيش وزيادة اعداده وآلافه  بعد ثورة تموز الخالدة اخذت حصة الاعمار في الاموال بالانخفاض وحصة الاستهلاك بالازدياد فزادت تخصيصات الموازنة الاستهلاكية (الاعتيادية) على موازنة الخطة الاقتصادية (الموازنة الاستثمارية) عامًا بعد عام ولا يمكن وصف هذا الحال بأفضل من وصف الاقتصادي الكبير المرحوم ابراهيم كبة الذي قال عنه في محاضراته اوائل الستينات (بأننا بدأنا نأكل رأسمالنا), وحقـًا انه لوصف بليغ حيث بدأت الاستثمارات في اواسط الستينات وآواخرها وكأنها مجرد ارقام صماء لا تحركها وقائع حقيقية فأصبح اقتصاد العراق راكدًا تسوده حالة الانكماش بعد ان تحولت ايرادات النفط لتمويل موازنة رواتب واجور لموظفين متراكمين في دوائرهم, جزء ليس بقليل منهم يعدّ ايامًا ليقبض راتبًا.

 

 

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

 

»

اكتب تعليقا