اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

رّمانتان بيد واحدة

لمع اسم المطرب الشعبي حمدان الساحر في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي, واشتهرت اغانيه , وكان صوته ساحرًا مثل اسمه, وكانت اغانيه ريفية شعبية لطيفة , واظن انه عاش عمرًا طويلاً في الكويت واستمرت اغانيه تذاع من اذاعة الكويت واذاعة بغداد , وقبل سنتين عندما ذكرت اسمه في مجلس , قال لي احدهم انه قرأ لافته تنعى المطرب حمدان الساحر, فان صح ذلك فالى رحمة الله. واريد هنا ان اعلّق على مطلع لاحدى اغانيه الشعبية الجميلة المستقاة من مثل شعبي مشهور , اغنيته تلك كانت بعنوان ( رمانتين افد ايد ما تلّزم ) وكان مضمونها عتاب لطيف, يعاتب فيه الحبيب حبيبه الذي احب اخر غيره فكان يخالط العتب بالنصح بالابتعاد عنه, معللاً ذلك بأن هذا الامر لا يمكن ادراكه, فـ (رمانتين افد ايد ما تلزّم) على حد تعبير الاغنية..

ترد على البال هذه الاغنية واتذكرها عندما ارى كثيرًا من الشباب في هذه الايام يسعى للامساك باكثر من عمل او مهمة او امتياز في ان واحد, وعلى الشباب ان يفهموا ان الامساك برمانتين في وقت واحد امر يصعب القيام به.

اما الشباب في السنين الخوالي (وانا منهم) فلم يكونوا على هذه الشاكلة, اذ كانوا مؤمنين بهذا المثل.

كانت القناعة تملؤنا, ونعلم جيدًا ان الحياة تتطلب الحصول على الشهادة اولاً, ثم البحث عن العمل او الوظيفة التي تناسب الشهادة ثم التفكير في الحصول على قطعة ارض سكنية ( وفي الغالب من الجمعية التعاونية ) ،وبعد ذلك التفكير في بنائها ،او شراء سيارة صغيرة وما الى ذلك من الطموح الذي يراود كل واحد منا ،الذي غالبا ما ينتهي بالزواج ،اما السفر الى خارج العراق فهو امر لانفكر به إلا لأجل الدراسة والحصول على بعثة علمية او زمالة .

فمطلع هذه الاغنية كان صحيحا ، فالامساك برمانة بعد الاخرى امر ممكن اما ان تكون رمانتان بيد واحدة فهذا امر فيه من العسر الكثير ان لم يكن مستحيلاً , وفي سنواتنا العجيبة هذه التي نعيشها يتملكني العجب والحيرة من اغلب شبابنا الذين لا يعترفون بمفهوم هذا المثل, وليسوا مستعدين لتطبيقه, وربما فكر احدهم بالامساك بعشرين رمانة بيد واحدة, ويريد ان يلتهم الرمان التهامًا لا ان يأكل الواحدة تلو الاخرى كما يقتضيه المنطق ويقره العقل.

والاغرب من ذلك كله ان الشباب الذين يسعون جاهدين لتحقيق كل هذه الاهداف, ويرغبون بهذه الطريقة من التحصيل, نجدهم يتركون كل شيْ, بعد تحقيقه ليتركوا البلاد لرب العباد على حين غرّة, فهم في الهزيمة كالغزال.

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

»

اكتب تعليقا