الرئيسية
السيرة الذاتية
مقالات
مؤلفات
البوم الصور
رسائلكم
رثاء
اتصل بنا |
|||
اهلا بكم
أحدث التعليقات بحث في الموقع |
صناعي صيني
لا أريد في هذا العنوان أن أروج للبضاعة الصينية أو أعلن عنها فهي لا تحتاج على ما اعتقد إلى مثل هذا الترويج أو الإعلان ، لان عبارة (صنع في الصين )أصبحت معروفة في مشارق الأرض و مغاربها ، عند صغير القوم و كبيرهم ، مستثمرهم و مستهلكهم ، فهي غنية عن التعريف سواء في جودتها أو رداءتها ولكل مصنوع أو منتوج صفاته وسماته التي تحدد سعره ، و لطالبه حرية الاختيار ، هذا التنوع العجيب ، الواسع العريض في الإنتاج لبلد يتميز بكثرة سكانه واتساع مساحته ، له مسوغاته وأسبابه . إن ما حققه الشعب والحكومة في الصين من تقدم اقتصادي أذهل سياسيين واقتصاديين في اكبر الدول تقدما وإنتاجا كأمريكا وبريطانيا واليابان من الدول الرأسمالية ، وروسيا وبولندا والمجر من الدول الاشتراكية سابقاً ، والهند و اندونيسيا وماليزيا من الدول النامية وغيرها الكثير . فمنذ أوائل الستينيات وأنا أقرأ و أتابع التطورات الاقتصادية في الصين إذ بدأت هذه الدولة نهضتها الاقتصادية في سعيها لشراء اغلب مصانع الدول الرأسمالية المتوقفة عن الإنتاج أو المنبوذة منه ونقلها إلى الصين لتحقيق تشغيل واسع للأيدي العاملة ، معامل تشترى بأسعار رخيصة تحقق وفرة في بضاعة رخيصة يصدر اغلبها إلى دول كثيرة لجني أرباح وعملات أجنبية غزيرة ، وهذه كانت وسيلة واحدة لتحقيق النمو الاقتصادي لذلك البلد العريق . من الأمور الأخرى التي ساعدت الصين وشعبها في تحقيق ذلك التطور السريع ان قياديّي حزبها الحاكم والدولة ، أدركوا انه ما من سبيل لتقدم بلدهم ورقي شعبهم ان لم يراجعوا فكرهم الاقتصادي الماركسي الذي حقق لهم النمو الاقتصادي في قفزات كبيرة ولكنه تباطأ في تحقيق ما يديم ذلك التطور والتقدم السريعين فلم تكن هنالك إجابات سريعة تنتشل الوضع القائم من الركود إلى الانتعاش ومن السير إلى الأمام في سبيل التقدم والازدهار للمجتمع والاقتصاد . لا اشك مطلقاً في إن قادة الصين أدركوا ان الخطأ الكبير الذي سيطر على الفكر الاقتصادي الماركسي التقليدي وعلى منظريه ، هو إهماله دور القطاع الخاص وإمكانياته الفردية ، وصفاته المميزة الإدارية ، ولا شك كذلك في أنهم أدركوا ان خنق القطاع الخاص وتكبيل يديه يؤدي إلى الركود الاقتصادي الاشتراكي وفشله ، وعلى العكس من ذلك في الدول الرأسمالية المتقدمة التي بنيت اقتصادياتها العملاقة بالاعتماد على القطاع الخاص ، فلما بلغ الأمر ذروته في أواخر العشرينيات من القرن الماضي وحصلت ألازمة ، أعادت تلك الدول موازنة نظمها الاقتصادية بما أدخلته عليها من تحسينات وإجراءات كان الفكر الاشتراكي ونجاحاته هو الملهم الأول لانطلاق اقتصادياتها في أفكارهم التي أنقذت الرأسمالية ودفعتها إلى الإمام تنميةً وتقدماً ، وبفضل ما قامت به الصين من إصلاحات اقتصادية هائلة كان هدفها إشراك القطاع الخاص بقوة في كل نواحي حياتها الاقتصادية عاملا مهماً ومؤثراً في نجاحها . ان أهم ما يستطيع أو يساعد في تحقيق ذلك النمو الاقتصادي والاجتماعي في الصين هو عوامل وإجراءات وخطوات وقرارات كثيرة ومستمرة أدت إلى ذلك الإصلاح و التقدم ، وأهمها – من دون شك – النظم الإدارية والقادة الإداريين في القطاع العام والقطاع الخاص القادرين على اتخاذ القرار الجريء وتحمل مسؤولياته ، وهذا من اهم صفات القائد الإداري الذي من دونه لا قيادة ولا مبادرة ولا إدارة مميزة له ، وعندها ينطبق عليه قول الشاعر: يعدون أياما ويقبضون رواتباً . أعود إلى عنوان خاطرتي هذه وهدفها ( صناعي صيني ) وهدفها ، اذ كنت في احد الأيام أتابع برنامجاً اقتصادياً في احدى فضائياتنا العربية وكان البرنامج يتناول الإصلاحات الاقتصادية في الصين وكيف أدى القطاع الخاص فيها بعد إطلاق يديه وتحفيزه من قبل الدولة أفضل الخدمات وأعلى المستويات في الأداء الاقتصادي وزيادة الإنتاج ونمو الدخل القومي عموماً ، وكان من مجمل ما تحدث عنه البرنامج كفاية الإدارة في القطاع الخاص وجرأتها فتساق مثلاً على ذلك ، حين عرض صاحب ومدير احد معامل مكيفات الهواء وهو يوقع عقداً لبيع منتجات من معمله بمبلغ مائتي مليون دولار وهو يتسلق السلم وليس في مكتبه ، وعندما أراد مدير مكتبه التحدث معه حول العقد أجابه دون ان يدعه ينطق بكلمة واحدة ( أني وقعت العقد وليس لدي وقت للتحدث عنه وعليك التصرف ) هكذا عقد بمئتي مليون دولار يوقعه مدير المعمل وهو على السلم نزولاً إلى الطابق الآخر ، لا وقت لديه للتحدث مع سكرتيره عن هذا العقد أو غيره من الأمور وهكذا بكل بساطة على السكرتير التصرف فهو حر مخول الصلاحية من المدير لا بل كل الصلاحية ، فأي جرأة هذه في إدارة الأعمال واتخاذ القرار وتوزيع المسؤوليات ، أعجبني البرنامج هذا كثيراً ولاسيما هذا المقطع منه كما وأعجبني تاريخ الصين وحضارة شعبه العريق وسورها العظيم ومسيرتها الطويلة حديثاً ونهضتها الاقتصادية العملاقة أخيرا وأعجبني هذا الإداري الكفوء الجريء وسألت نفسي متى يبلغ إداريو مؤسساتنا العامة والخاصة من الكفاية والجرأة عُشر ما يبلغه إداريو الصين او حتى واحد بالمائة من هذه الكفاية والجرأة لان مقارنتي هذه أتت وأنا أشاهد الكثير من إداريي ومسؤولي مؤسساتنا الاقتصادية المختلفة عامة وخاصة ولسنين طويلة وهم يرتجفون عندما توضع أمامهم أي عقد أو قضية أو معاملة يقتضي ان يتخذوا بخصوصها القرار اللازم بشيء من الجرأة والشجاعة في سبيل المصلحة العامة وما ينعكس عنها من نتائج ايجابية ، أنهم يخافون من اتخاذ أي قرار جريء وشجاع وأحيانا يتنصلون منه أو يلقون المسؤولية على من دونهم من مسؤولين أو موظفين وغالباً عندما يكونون امام مثل هذه القرارات الإدارية الجريئة يكون شعارهم أو يرددوا في أنفسهم (اسم الله دخيل الله) لذلك ترى ضعف الإدارة وتخلفها في مؤسساتنا الاقتصادية احد أسباب عدم كفاية واقتصادية هذه المؤسسات ومن ثم تخلف اقتصادنا العراقي وعدم كفايته ،لذلك أناشد إداريي مؤسساتنا الاقتصادية العامة والخاصة ليكون مثالكم في إدارة مؤسساتكم هذا الصناعي الصيني ، وختام خاطرتي هذه أقول ألف تحية للشعب الصيني العظيم .
أ.د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
اكتب تعليقا |
||
الرئيسية |
السيرة الذاتية |
مقالات |
مؤلفات |
البوم الصور |
رسائلكم |
رثاء |
ط§طھطµظ„ ط¨ظ†ط§
جميع الحقوق محفوظة لموقع الاستاذ الدكتور ماهر العبيدي ©2009 |