الرئيسية
السيرة الذاتية
مقالات
مؤلفات
البوم الصور
رسائلكم
رثاء
اتصل بنا |
|||
اهلا بكم
أحدث التعليقات بحث في الموقع |
كل البيوت حلوة ولكن بيتي الأحلى
لم تكن العجوز البولونية التي كانت تزورنا في المسكن طيلة سنوات الدراسة التي قضيتها في بولندا امرأة عادية بل هي بطلة مناضلة ايضاً ( بوها تركة ) كما يقال عنها في اللغة البولونية، إذ عاشت شبابها طيلة احتلال الألمان لبلدها المعروف بسرعته الخاطفة ومن ثم مقاومتهم ( اي البولون ) لذلك الاحتلال لسنوات عدة، ولم يكن نصيبها من تلك المقاومة قليلاً، فقد روت لي أن زوجها الذي كان يعمل قاطعاً للتذاكر في إحدى محطات القطارات في المدينة ( ووج ) خرج في صباح ذات يوم ولم يعد إليها إلى الأبد، فتيقنت أنه كان أحد أبطال المقاومة السرية البولونية لذلك هي تفخر به دائماً . وتروي هذه العجوز البولونية غالباً لي بعض الأحوال في بلدهم قبل قيام الحرب العالمية الثانية وفي أثناء مرحلة الاحتلال النازي وبعده أي عند قيام النظام الاشتراكي،ومن جملة ما قالت لي : قبل هبوب رياح الحرب علينا كان قادتنا يطمئنوننا بعدم الخوف من النظام النازي الألماني؛ لأننا مسلحون حتى الأسنان، ومتهيئون بكل الوسائل بما يحقق دحر أي اعتداء، وإذا بجنودنا يتهاوون واحداً تلو الآخر وتسقط بولندا من شمالها إلى جنوبها في سبعة أيام، فلم نر أية مقاومة تذكر، أو خطوة تربك النازيين الألمان الذين كانوا مهيئين عدداً وعدة، مجهزين بأحدث الطائرات الحربية والدبابات من أحدث المصانع، المسلحين بجنود يافعين والمرتدين أفضل الملابس والأحذية والمزودون بأحدث الأسلحة . لذلك كانت مقاومتنا الباسلة لغسل ما أصابنا في هزيمتنا من خزي وعار، أما بعد قيام الاشتراكية فكان علينا الصبر وشد الأحزمة على البطون وآمنا بذلك وبذلنا الجهود ونظمنا الحملات لبناء بولندا من جديد وتحقيق الازدهار ولما تم ذلك أستمر قادتنا بإصدار مختلف الشعارات التي هي في حقيقتها خيال ولابد أن يهدي الله العقول إلى ما يصلح الأحوال وقد استجاب لهم الله ذلك في نهاية المطاف وغيّر الأحوال وتحققت الأحلام . ولكن هذه المرأة العجوز ( يرحمها الله ) كان لديها خزين من الأمثال والحكايات، ولعل من أجمل تلك الأمثال الذي رغبت في أن يكون عنواناً لمقالتي هذه هو (( كل البيوت حلوة ولكن بيتي الأحلى )) لأنه كان ملائما ًمع ما نمر به من أحوال في هذه الأيام، فهي دائماً كانت تعلق عندما أجهز الحقائب لأعود إلى العراق في أثناء العطل الصيفية أو في سفرة الختام بعد حصولي على الشهادة التي كانت حلم حياتي، كانت دائماً تقول نعم سيدي : تعرف ماذا يقول المثل البولوني، فأسألها ماذا يقول ؟ تقول :- (( كل البيوت حلوة ولكن بيتي هو الأحلى )) فمثلها هذا كان يراود ذاكرتي كثيراً واردد في نفسي أن أغلب العراقيين الذين هم في الخارج هجروا أو رغبوا في أن يكونوا هناك وجميع من هُجر من بيته أو داره أو سكنه أو شارعه أو محلته أو مدينته من المؤكد أنه يشتاق للعودة إلى الدار مهما كان مستوى الدار قصراً أو كوخاً أو حتى خيمة، ومهما كان مستوى ما هو عليه في مهجره أو محل الانتقال لأن ذلك القصر اوالكوخ أو الخيام تربطه معها أجمل واحلي الذكريات وقضى فيه اسعد الأيام وإن مرت عليه بعض الصعاب أو أيام كدر وأحزان ولكنها هذه هي الحياة، إن أغلبهم كما أسمع وأرى وأشاهد يؤمنون بقراره أنفسهم بحكمة ذلك المثل الذي كانت تردده العجوز (( كل البيوت حلوة ولكن بيتي هو الأحلى )) فتجدهم يهرولون إلى بلدهم حال سماعهم أنباء الأمن والاستقرار . (( اللهم أجعل أيامنا جميعاً أمناً واستقراراً واجعل بيوتنا الأحلى، عامرةً بالأمن والاستقرار أنك أنت سميع، مجيب الدعاء )) .
أ.د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
اكتب تعليقا |
||
الرئيسية |
السيرة الذاتية |
مقالات |
مؤلفات |
البوم الصور |
رسائلكم |
رثاء |
ط§طھطµظ„ ط¨ظ†ط§
جميع الحقوق محفوظة لموقع الاستاذ الدكتور ماهر العبيدي ©2009 |