الرئيسية
السيرة الذاتية
مقالات
مؤلفات
البوم الصور
رسائلكم
رثاء
اتصل بنا |
|||
اهلا بكم
أحدث التعليقات بحث في الموقع |
المهندس البحري رعد محسن الحكيمبسم الله
اخوكم Dr.Tariq.Alegaily
Dear Mr Baher Musa
On the first anniversary of our late Caliber and friend.I would like to renew to you & his whole family,my deepest consolations and sincere sympathy,for this great loss,asking the Almighty GOD to bless his soul till we all meet him again.
Dr.Tariq.Alegaily رؤيا
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية احب ان اشكركم على هذا الموقع الرائع و الذي نعرف ان الاستاذ الدكتور ماهر العبيدي لا يحتاجه بقدر حاجتنا له اذ عندما ندخل الموقع و كأنما طرقنا بابه المفتوح للجميع و احسسنا بدف ابتسامته الابوية الممنوحة لكل الوجوه بدون تمييز .لا احب الاطالة و لكن اقول ان د. ماهر رحمه الله خسارة لكل انسان يريد ان يتعلم معنى الانسانية و اتمنى من كل من عاشره ان يقتدي به و يسلك طريقته و يحاول ان يكون انسان بحق كما كان ذاك الصرح المتواضع . اقول هذا و انا لم التق بع الا مرات قليلة و لم اكن غير طالبة بكلوريوس في قسم المحاسبة و مع ذلك لم ينظر الي ألا نظرة الاب الحنون التي تجسد كيف يكون الانسان كبيرا في تواضعه . و بعد ان اكملت الماجستير في المحاسبة اتمنى من كل شخص تعلم و تتلمذ او تحدث او التقى بالدكتور ماهر ان يتحدو بكل ما لديهم لنحاول تعويض جزء من خسارتنا الكبيرة بشخصه العظيم . رحمك الله ايها الوالد الحنون و طيب ثراك و جعل مثواك الجنة د. كا شاني الركابي – الولايات المتحده الامريكيه، كاليفورنيا
بسم الله الرحمن الرحيم
كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام لقد مر عام، لم يصدق محبوك واصدقائك ذلك، ففي اذني مازل صدى صوتك يرن، كنتُ تحثني على العودة معللا بكلمه واحده…كفى غربه.. نعم كنتُ رائعا بكل شيئ، بخلقك، باختيارك للمفردة وبحملك مفردة الوطنيه الحقه. لك منا نحن اخوانك الاكادمين كل الحب والاخلاص لدربك، نم قرير العين حرستك دموعنا وذكريتنا لقد كنت ابنا بارا لهذا البلد. تغمد الله عز و جل روحك الطا هرة في عللّين.
د. كا شاني الركابي الولايات المتحده الامريكيه، كاليفورنيا السنه سنّهيقال في منطقه من مناطق العراق , مرت عليها سنين عده وهي تعاني الجفاف وقله الزرع والضرع بسبب قلة الامطار والماء , فكانت سنوات عجاف وقحط وبلاء . كان هناك أحد الواعظين يقيم مجلساً للوعظ في مساء أحد أيام الأسبوع لتذكير الناس بأمور دينهم ودنياهم ويطلب منهم الصبر على ما أصابهم من قحط وجفاف , وعندما شكوا لهم طول صبرهم على ما أصابهم من بلاء وتمنوا من الله أن ينعم عليهم بالفرح بعد طول صبر وشده , أستمر الواعظ بوعظه وأخذتهم موعظتهِ بأعلامهم , أن هذِه السنه سنه . مرت الأيام وأنتهت السنه ولامطر نزل ولاماء نضح ولا زُرع زرع ولا هم يأكلون ولا يعصرون ,عند التقاتهم بالواعظ بعد أنتهاء الموسم , والسنه التي خرجوا بها فجف حنين على عكس ما وعدهم بأن هذِه السنه سنه , وعسى أن تكون سنه خير وبركه ومطر وزرع ونبات وغذاء , فأذا هي سنة أسوء من سابقاتها وفاقت في القحط والكرب وقلة الأمطار والماء والزرع والنماء , فسألوه (أي الواعظ) الم تقل مولانا وتعدنا في بداية السنه أنها سنه , فأذا بها أسوء من سابقاتها فما هوتفسيرك مولاناه هذا الأختلاف أحتار الواعظ في بداية السؤال عن التفسير والجواب ولكنه بسرعة فائقة أهتدى للجواب بدهاء, فأجابهم أنا قلق أن السنه ستكون سنه , ولم أقل ولم أعلمكم بأي نوع ستكون هذه السنه وحظكم هذه السنه أسوء من سابقاتها , سكت الحضور وتذرعوا بالدعاء لله أن ينزل رحمته عليهم وبالصبر الذي لامثيل له من صبر . تذكرت هذه القصه ودهاء ذلك الواعظ الذي تخلص بسرعة من الورطه وفطن الى ما وعد حيث قال أنها ستكون سنه ولم يحدد أي نوع من السنين هي , وأنا أستمع ومنذ سنوات وليس سنة الى كثير من مسؤولينا متقلدي المناصب الهامة لأدارة منشأت مؤسسات ينتظر منها الشعب الكثير من الخير والبركه ونسمعهم في تصريحات صحف وأذاعه وفضائيات وغيرها من أبتلأت أن منشئاتهم ومؤسساتهم سيتم أداراتها وتجهيزها وصيانتها وتوسيعها أو تجديدها وغيرها هذه السنه ليكون أبناء الشعب في أحسن حال في صيف هذه السنه أو أسترخاء, ويمر الصيف وتنقضي الشتاء فأذا حال مؤسساتهم في أسوء حال , وأتسأل مع نفسي أن أخواننا هؤلاء المسؤولين هل سمعوا بموعظه ذلك الواعظ أم لا, وأعتقد أنهم لم يسمعوا ولم يقرءوا عنها , لأنهم يكيلوا المواعيد بالانجازات والتحسينات وأنتهاء الأشكالات جزاف , وأن قرأو أو سمعوا بموعظة ذلك الواعظ لأكتفوا بالقول أن السنه سنه ولكن أي نوع هي هذه السنة الله يعلم فقط أي نوع هذه السنه . أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
أبو جاسـم لرلا أظن أبداً – عزيزي القارىء – أنك لم تقرأ أو تسمع بتاريخ عراقنا العظيم إن لم يكن كله فجزء مهم منه لأنه زاخر في مسيرته العظيمة بكل أنواع الخير والشر لذلك كان يزهو بالأحداث والوقائع البيض أو الحمر أو الخضر أو السود التي ذكرها شاعر مدينة الحلة العظيم صفي الدين الحلي إذ قال : بيض صنائعنا خضرُُ مرابعنا سودُُ وقائعنا حمرُُ مواضينا وفي سيرة عراقنا الكثير من الحقب والوقائع الشريرة والفضيعة التي ارتكبها حكام جائرون لم تكن في قلوبهم رحمة أو شفقة على أبناء شعبهم الذين كانوا ينظرون لهم على أنهم عبيد أذلاء ، وفي ذلك التاريخ كانت هناك حقب من الزمن شاع فيها العنف والإجرام وحركات التمرد والفوضى وان لم تطلع عليها – عزيزي القارىء – فاني أرجو منك العودة إلى الكثير من كتب تاريخ العراق القديم والوسيط والحديث التي وضعها أساتذة جامعاتنا ( رحمهم الله وأطال عمر من بقى منهم ) كان هناك الكثير من الملوك والسلاطين ليسوا ملوكاً ولا سلاطين بل كانوا متسلطين على أعناق هذا الشعب المسكين ، وكانوا هم السبب في ظهور الكثير من حركات التمرد عليهم للخلاص من تسلطهم وشرورهم ولو بعد حين ولكنهم ازدادوا تمادياً في ثورتهم وتمردهم فأصبحوا يذكرون في التاريخ بوصفهم شقاوات وليسوا ثائرين مع استثناء ثورات الأئمة العظام الطاهرين (عليهم السلام). في بدايات القرن الماضي لطالما كان الحديث عن بعض الشقاوات الذين لدينا في العراق لهم مواقف جيدة لأنهم انتصروا للحق ودفعوا ظلماً عن بعض الناس في مواقف صعبة تجاه شخص أو حاكم متسلط فهم يشبهون في أعمالهم روبن هود الانكليزي أو خرده دي منس الاسباني وكان هناك شقاوة متميز بالاعتداء على الآخرين بالشر والتجاوز والسلب يسمى ( أبو جاسم لر) وان كان أبو جاسم تسمية شائعة في العراق ، فإن الاسم أو اللقب الآخر لا أعرف مصدره وسببه ولربما كان لقبه الحقيقي أبو جاسم شر ولكن خوفاً من عدوانه وجسارته أصبح يسمى (أبو جاسم لر ) ، أيام كانت السلطة في بغداد في تلك المدة ضعيفة الكفاءة والأداء كان هذا اللر متميزاً بالشر ، سألت أحد كبار السن مرة إن كان يعرف عن هذه الشخصية من أعمال وشرور هذا (اللر) . وأتذكر منها ما قاله لي مرة من أن هذا (اللر) عندما يكاد ينتهي اليوم ولم يعتد أو يضرب أحدا يقول لا يمكن أن ينتهي يومي هكذا من دون أن أقوم بأي اعتداء (أو هرجة) فيبادر فوراً بالعبور سباحة من جانب الرصافة إلى جانب الكرخ ليشبع أول من يلاقيه ضربا ولكماً ويعود سباحة إلى جانب الرصافة ، وهكذا كانت شقاوة هذا (اللر) متميز فعلا بالشر وأترك لحضرتك – عزيزي القارىء – الحكم على مدى تمييز هذا الشقاوة في شره . وإن كان في تأريخنا الحديث أو ليس البعيد عندما كانت الدولة ضعيفة قليلة العدد من الشرطة والحراس قليلة الإمكانيات فمن المؤكد أن يظهر بين أبناء المجتمع شقاوة أو أكثر ، ولكنه أمر غريب ان نجد الان الآلاف من أشباه ابو جاسم لر في كل مفصل أو مقطع إينما ذهبت أو حللت أو أقمت أو رحلت ، وإذا كانت الحضارة والتحديث عملت في كل مجتمعات العالم ( كما اعتقد ) على سيادة المثل والاحترام بين أبناء المجتمع الواحد وكذلك المجتمعات الأخرى ، فيجب أن تكون الأخلاق والاحترام والتعاون والصفاء والوئام هي ما يتصف به شعب العراق ، وليس أخلاق أبو جاسم لر (الشرير) وليكن شعارنا ما قاله شاعر مدينة الحلة العظيم صفي الدين الحلي:
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا ا. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
بيروقراط وتكنوقراط وبوكقراطلم يعد أحد يملك حدا ادنى أو أعلى من الثقافة والمعلومات من لا يعرف معنى كلمة البيروقراط والتكنوقراط وأرى ان الجميع يعرفون مصطلح بيروقراط يعني طبقة الإداريين المتخصصين ولم تكن طبقة الإداريين وليدة هذا اليوم أو البارحة بل هي موجودة منذ قيام أقدم الحضارات كالبابلية أو الآشورية أو الفرعونية إذ كان لدى الملك أو الفرعون الكثير من الخبراء الإداريين يؤكد ذلك طلب النبي يوسف (عليه السلام) من الفرعون أن يجعله أميناً على خزائنه فهو القوي الأمين. إن طبقة الإداريين في أي مجتمع أو دولة أو حكومة لها أهميتها الكبيرة في إدارة الأعمال وتسهيل تنفيذ القرارات ومعالجة متطلبات القانون والنظام وتسييل الأموال لتسيير الاقتصاد وخطط الدولة واجراءاتها وتشير جميع المؤسسات والكتب التأريخية إلى دور هذه الطبقة المتميز في إدارة شؤون الدولة والمجتمع ومن دونهم لا يمكن اتخاذ وتنفيذ أي قرار أو إجراء، وصحيح إن الكثير من الناس أصبحوا يوجهون الانتفاد إلى هذه الطبقة باعتبارها أساس البلاء في إجراءات الدولة المثيرة للتذمر والانزعاج. لكن في الحقيقة ان البيروقراطية هي نشاط طبقة البيروقراط في الإدارة والاقتصاد لأية حكومة في دول العالم على الإطلاق ولكني أقول: إن كفاءة البيروقراطية هي أصل المشكلة أو الإشكال فيمكن أن يتصف أداء طبقة البيروقراط في أي بلد كان بالبطء والرتابة في الأداء فيحصل لدى أبناء الشعب التذمر والشكوى من هذا التردي في الأداء وتأخر الأعمال. قال لي صاحبي الألماني في أواسط السبعينيات عليك النهوض مبكراً لإنجاز معاملات السيارة التي اشتريتها حتى تستطيع العودة بسرعة من حيث أتيت، فسألته لماذا؟ قال: هنا في ألمانيا توجد بيروقراطية في دوائرنا الحكومية ، فسألته: وهل في ألمانيا وهي بلد متقدم بيروقراطية ؟! أجابني بان في ألمانيا بيروقراطية حتى الرأس ، المهم استيقظنا مبكراً وراجعنا دائرة الاختصاص وأنجزت المعاملة بعشرين دقيقة بالتمام والكمال تعجبت من هذه البيروقراطية التي أشار اليها صاحبي حتى الرأس ، أما في بولونيا الاشتراكية فقد استغرقت الإجراءات المشابهة لتسجيل السيارة أسبوعاً كاملاً، وعند ذلك فهمت أن هناك فروقاً شاسعة بين بيروقراطية هذا البلد أو ذاك، أما في العراق فقد استغرقت معاملة التسجيل ثلاثة أشهر بالتمام والكمال وعندها علمت بأن للبيروقراطية أنواعاً أزعجها بيروقراطية العراق لان ليس قياسها حتى الرأس بل فاقت كل المقاسات وان كانت الصورة التي أنقلها لحضرتك عزيزي القارئ هي في بداية عقد الثمانيينات من القرن الماضي، فتصور الآن كم هي أصبحت بطيئة في إنجاز المعاملات وتأخير شؤون الدولة وأبناء الشعب أقوياء كانوا أم ضعفاء. لم يكن الجهاز الإداري للدولة في العراق أو طبقة البيروقراط حتى بداية السبعينيات بهذا الدرجة من الرتابة وضعف الكفاءة وتدني مستوى الأداء وما يسود فيه من فساد إداري وسوء تصرف في الأموال العامة فضلاً عن التواطؤ مع ضعاف النفوس والسراق المتمرسين في التعامل مع هذا الإداري او المسؤول المشهود له بالاحتيال والاستغلال، هذا جزء من طبقة البيروقراط في العراق . اما طبقة التكنوقراط فهي تعني طبقة التقنيين والفنيين من المهندسين والخبراء في التقنية والعلوم ، وهذه الطبقة كانت موجودة منذ قديم الزمان ولم تكن الممالك أو الدويلات في غنى عنها بل نمت هذه الطبقة بفعل الحاجة إلى زيادة الإنتاج بالاهتداء إلى الفأس أو المحراث أو أهمية النقل والتوزيع بالاهتداء للعجلة والعربة أو الأسوار لصد الغزوات وهكذا استمرت هذه الطبقة في تقديم أفضل المخترعات والمنتجات التي غيرت عيش وحياة الإنسان في مختلف المجالات ، وفي عصرنا الحديث وفي العالم المتقدم على نحو خاص نشاهد أن هاتين الطبقتين اصبحتا متوافقتين في العمل والأداء إذ لم يوفق البيروقراطيون في إدارة الاقتصاد ولم يجد التكنوقراطيون ما يدفعهم للاختراع والإبداع إن لم توظف المخترعات وتدار بأحسن ما يرام ، وهكذا اعتقد أن دول العالم المتقدم أصبحت فيها طبقتا البيروقراط والتكنوقراط حزمة أو لحمة واحدة مترابطة لا يمكن ان تفصل أو تعزل إحداهما عن الأخرى وإن حصل ذلك عندئذ يهبط مستوى الإدارة والإنتاج ويختل الاقتصاد وتتعطل الصناعة والزراعة وغيرها من القطاعات ، لذلك -وكما أرى- فإن واحداً من أهم أسباب التقدم في بلدان العالم السائر دائماً إلى الأمام هو تعاون وتآزر هاتين الطبقتين بصورة متوافقة ومتوازنة ومن دون انفصام، ذلك لأن البيروقراطيين يعملون دائماً لتسهيل أمور التكنوقراطيين ، والتكنوقراطيون يحتاجون دائماً إلى البيروقراطيين لتسهيل وتمويل أعمالهم التي لا يمكن أن تنفذ إلا من البيروقراطيين حسب تخصههم ومجال عملهم ، وعلى وفق ما ذكرت فكلما كانت هاتان الطبقتان متعاونتين ومتوافقتين في الأداء كان مستوى كفاءة الأداء متفوقاً ومتميزاً والعكس بالعكس أمَّا في العراق فإني وباستعراض وضع هاتين الطبقتين خلال خمسين عاماً استطيع القول: بإن طبقة البيروقراط هي التي كانت سابقاً متميزة وكفوءة في الأداء وذلك بفضل توافر أعداد مناسبة من المتخصصين في جهاز الدولة منهم من خريجي كلية الحقوق والتجارة والاقتصاد وغيرهم في حين كانت طبقة التكنوقراط ضعيفة الأداء قليلة الأعداد بسبب تأخر افتتاح كليات الهندسة أو الجامعات التكنولوجية أو المعاهد الفنية. إن تزايد أعداد الخريجين لاحقاً في الجامعات الهندسية والتكنولوجية والمعاهد التقنية وفر لهم الأعداد المناسبة في جهاز الدولة وأصبحت الطبقتان متوازنتين في الإعداد ولكن مستوى أدائهما وتوافقهما فيه قد انخفض إلى درجة كبيرة لما ينبغي أن يكون عليه العمل للمصلحة العامة أو ما يُراد ان يتصف به افرادهما من كفاءة عالية في الأداء الوظيفي وبالاختصاص المطلوب، هذا ولا يخفى على أحد ما تركه الحصار الذي دام لأكثر من ثلاثة عشرة سنة وما تبعها من أحداث عسكرية وإرهابية من أثر في تردي أداء هاتين الطبقتين في عراقنا الجديد . أعود إلى الطبقة الثالثة التي ظهرت في العراق في العهد السابق واتسع نطاقها وزاد عددها في وزارت الدولة ومؤسساتها في الوقت اللاحق وهذه الطبقة التي جلها هم من طبقة البيروقراط والتكنوقراط وهي الطبقة التي اسميتها في مقالتي هذه طبقة البوكقراط ، وهذه الطبقة لا اعتقد عزيزي القارئ أنك سبق وأن سمعت باسمها أو قرأت عنها أو ذكرت في أي كتاب للمحاسبة أو الرقابة أو التدقيق أو إدارة الأعمال أو الاقتصاد أو الاجتماع ، ولم يدر في خلد كل من تكلم عن الفساد الإداري والمالي أن يختزل المصطلح بكلمة واحدة هي (بوكقراط) ، هذا وأزيدكم علماً -اعزائي القراء- أن هذا المصطلح ليس له وجود في كل دول العالم المتخلفة أو المتقدمة ولا في قواميس اللغات أجنبية أم عربية كانت وذلك لأن حالات الفساد المالي والإداري كانت قليلة ولا يمكن أن تكون طبقة موازية أو طبقة ثالثة أسوة بالطبقتين السابقتين لها -البيروقراط والتكنوقراط- أمَّا كيف نمت وتوسعت وأصبحت طبقة كاملة فهي كما أثبت في مقالتي هذه هي أن البوكقراط بدؤوا يظهرون في مؤسسات الدولة منذ الربع الأخير من القرن الماضي حين زادت الأموال وتراكمت فبدأ الكثير ممن هم في رأس السلطة من البيروقراط بالإفادة من هذه السلطة (أو لكونهم متسلطين) إذ راحوا يغتنمون الفرص للإفادة من هذه الفرصة التي قد لا تأتي، وهكذا تبعهم بعض التكنوقراط ممن هم على استعداد للإفادة والإنفاق مع بعض البيروقراط أو الشركات الأجنبية التي اتسع نشاطها في العراق. إن ما خلفته الحروب السابقة وحالة الحصار شجع الكثير من مسؤولي الدولة في ذلك النظام والأدنى منهم في السلطات (بيروقراط أو تكنوقراط) إلى الإفادة والتواطؤ وأخذ الرشى في أعمال غير مشروعة ، عندئذ بدأت بوادر ظهور طبقة البوكقراط وهي خليط من منتسبي الدولة من (البيروقراط والتكنوقراط) ولكن من المؤسف إننا نشاهد في سنوات حاضرنا هذه اتساع قاعدة البوكقراط حتى أصبحت منتشرة في أغلب مؤسسات الدولة وأصبحت كحشرة العث التي تأكل في جذع الشجرة حتى تجعلها خاوية تسقط حال هبوب ريح خفيفة عليها. حمــــــاكم الله من هؤلاء البوكقراط.
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
عصفور في قفصكان العصفوران الصغيران يغردان في قصفهما عند رؤيتهما ضوء الشمس في ذلك اليوم البهيج السعيد أول أيام العيد ففرحت كثيراً لسعادتهما, ولكني تذكرت ذلك الشاعر الكوري اليساري الذي جيء به مكبلاً بالأغلال إلى المحكمة العسكرية في سيئول( عاصمة كوريا الجنوبية) بتهمة التحريض على الثورة والتمرد ضد الحكومة والمتسلطين وهي من الحجج الشهيرة لإلقاء كل من يتكلم أو ينتقد أو يعبر عن رأي في كوريا أو غيرها من دول العالم النامي أو النائم (سمه ما شئت) في الأقبية والسجون ليس لسنة أو سنتين بل قد تصل الى عشرة أو عشرين سنة وحسب غلظة ضمير ذلك الحاكم وحقده على كل ثائر ينشد الحرية أو يغرد بها كعصفور القفص الذي ذكرني بالشاعر الكوري إذ كان الطائر يطير في البرية فرحا بحريته ونسيمها الرائق الرقيق. في المحكمة سأل الحاكم(المتقرفص في مقعده) الشاعر: لماذا تكتب هذه القصائد ولمن تحرض؟ أجاب الشاعر أني لا أكتب لأحرض ولكني أكتب لأغرد ألا تعلم يا سيدي الحاكم أن البصر والسمع والكلام هي من نعم الله على الإنسان ولم يمنحها إنسان لإنسان حتى يسلبها منه عندما يرغب أو يشاء ، ألا تعلم يا سيدي الحاكم أن العصفور حالما يوضع في قفص يبدأ بالتغريد ليعبر عن أنه يطالب بحريته التي فقدها في ذلك القفص الذي وضعوه فيه، فلماذا تحاسبني على أشعاري التي أعبر فيها عن آلامي في هذا القفص الكبير الذي وضعتني فيه(ويقصد البلاد بإكملها) إنها أشبه بأغاريد العصافير في القفص التي لن تسمعها إن أطلقته ومنحته حريته,فإن أطلقت حريتي أيها الحاكم من قفص حكومتك الكبير فسوف لن تسمع أشعاري التي أعدها أشبه بتغريد العصافير في قفصكم الكبير هذا. لم أسمع الحكم الذي نطق به الحاكم الغليظ على هذا العصفور البشري ولكن لا تستبعد -عزيزي القارئ- إن يكون السجن عشرة أو عشرين سنة ليزداد فيها الشاعر تغريدا وتنمو وتزيد روح الثورة في داخله ، فالتغريد في مجتمع تواق للحرية يبتغي رؤية وسماع ما هو أجمل وأروع من كلام عذب مشجن يزدان في التمتع بما وهب الباري عبده المسكين من نعم تحقق له الفرز بين ما هو غث وسمين. والحمد لله رب العالمين أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
الفساد المالي والاداري و الفساد الاجـتـماعييكثر الحديث لدينا في العراق منذ ثلاث سنوات ولا زال بصورة اكثر عن الفساد المالي والاداري وسبيل مكافحته والقضاء عليه، وسيزيد هذا الحديث وبكثير كما اتوقع وسواء اكانت هذه السنة سنة القضاء على هذه الافة الرهيبة كما هو الشعار المرفوع ام لم تكن كذلك، ولكني اتوقع انها سوف لن تكون ولننتظر ونرى ما هي النتائج التي سنحصل عليها بعد انقضائها، واعود واقول بأني أعتقد اننا سوف لن نشهد نهاية هذا الفساد او هذا البلاء في هذه السنة ابداً، وذلك لسببين اولهما هو عدم وضوح الالية التي وضعتها الحكومة للقضاء عليه ( البلاء ) الذي لا يحارب بالشعارات ولا يمكنها الانتصار عليه ان لم تدعم بالخطوات واي خطوات، هي تلك التي تعتمد على اسس وقواعد علمية دقيقة منبثقة من احكام القانون والرقابة المالية والتدقيق وهذا ما لم تسمعه ولم نجده على واقع التطبيق فلذلك وكما اعتقد انها فقدت واحد من اهم متطلبات نجاحها ان لم تبادر الحكومة بالاستعانة بأجهزتها المتخصصة في الرقابة والتدقيق تنفيذية منها او تشريع وتطلب منها ان تشمر عن سواعدها وتضع خططها لقيام هيئاتها ومتخصصيها باجراء ما يقتضي للتنفيذ على وفق القوانين والانظمة الخاصة بأنشطتها والعلوم المالية والادارية والمحاسبية المتعلقة بها هذا من جانب اما الجانب الاخر والاهم كما اعتقد هو ان القضاء على الفساد الاداري والمالي لا يتحقق ما لم تزال الاسباب التي ادت اليه، ذلك يعني ان ( كما هو معروف ) لمعالجة المريض يتطلب اولاً ان تحدد اسباب هذا المرض او الداء ثم يوصف الدواء ويتطلب كذلك ان يؤخذ الدواء ويشرف على دقة التنفيذ لنحقق الهدف المطلوب من الشعار، ومن الواضح جداً واجزم ان مسببات هذا الداء أي الفساد المالي والاداري هي بالاساس الفساد الاجتماعي الذي أستشرى بين ابناء شعبنا ومنتسبي دولتنا وبصورة واسعة ايضاً وهذا لافساد ( أي الفساد الاجتماعي ) وما هو نتاج الفساد الاجتماعي ومع اعتذاري الشديد لأساتذة علم الاجتماع ومتخصصيه الذين خفق صوتهم من التحذير من هذا الدار الذي هو المسبب للداء الاخر فان صيحاتهم لمعالجته بالسرعة اللازمة لا اجد اثراً لها ( كما اعتقد والله اعلم ) وقد تكون لحضراتهم اسبابهم واعذارهم التي اجهلها ونظراً لكوني غير متخصص في علم الاجتماع فسوف اوضح في ما يأتي وجهة نظري في طبيعة الفساد الاجتماعي الذي جر ورائه الفساد المالي والاداري (( وكليهما مقرفان )) . ارى ان الفساد الاجتماعي يتكون من وجهين الاول منهما ما حل ببلدنا من فقر ويتم وترميل وعوز ومرض وضعف الرعاية الصحية والاجتماعية ( وان وجدت الخيرة فهي ضئيلة لا تسمن ولا تغني من جوع ) وضعف في النظام التربوي وكذلك التعليمي ولدرجة واضحة ولأسباب كثيرة فضلاً عن التفكك الاسري وما جرته الحروب من ويلات وكوارث وتهجير وما جره الارهاب من قبل وتدمير، اما الجانب الثاني من الفساد الاجتماعي في عراقنا ( مع الاسف ) وأيضاً لأسباب كثيرة منها وبصورة رئيسية ما ذكرت فهو الفساد الاخلاقي واركز في الامر على الاتي واترك للقارئ العزيز تحديد الظواهر الاخرى ومنها شيوع العادات الاخلاقية السيئة ومنها الكذب والدجل والنفاق ( ومنها النفاق الاداري ) والتملق والرياء والغيبة والنميمة والمحاباة والتوسطات على امور باطلة او فاسدة وتصاعد نسبة الغش في الامتحانات بين الطلبة وغيرها كثيرة جداً اما ظواهر الفساد الاخلاقي التي يمكن عدها ضمن هذا الجانب التي تمثل العادات المنكرة والسيئة فهي تمثل الانحطاط الاخلاقي وهي قمة الفساد الاجتماعي، ومع اعتذاري لزملائي اساتذة الاجتماع هذا الفساد ( أي الاجتماعي ) بصورة فورية وواسعة وشاملة وتخصص الاموال والامكانيات المادية والبشرية للقضاء عليه حتى يمحى اثار المسبب للفساد المالي والاداري، حيث اني ارى جازماً بأن هذا الاخير هو المسبب للفساد المالي والاداري وما يحصل في جهاز دولتنا منذ ثلاثين عاماً وحتى الان وبصورة مستمرة ومتصاعدة الانتاج او مخرجات للفساد الاجتماعي . أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
الدراســـة المسائيــة و اجورهــا والدستـــورسبق وان اوقف النظام السابق للدراسة المسائية في السبعينات من القرن الماضي بالرغم مما قدمته تلك الدراسة من موارد بشرية مؤهلة رفدت مؤسسات الدولة ولامجتمع العراقي بأفضل المتخصصين الذين لا يزال قسماً كبيراً منهم يساهمون في جميع انشطة مؤسسات القطاع العام والمجتمع العراقي فضلاً عن استذة وعلماء وخبراء يعملون في العراق وخارجه وحتى في افضل الجامعات الاوربية ومنذ بدايتها منذ اواخر الاربعينات في بعض الكليات ومنها كلية التجارة والاقتصاد كما كانت تسمى في ذلك الحين . عاد النظام وفي التسعينات من القرن الماضي وسمح بالدراسات المسائية وذلك بموجب نظام خاص بها وكانت هذه خطوة ليس للاستفادة من الدراسات المسائية التي اوقفها لأكثر من عشرين سنة وللأستفادة مما تقدمه تلك الدراسة من فوائد عدة للتعليم العالي وللمجتمع العراقي بل كانت وسيلة غير مباشرة لتوفير مصادر مالية لأعضاء هيئة التدريس وبعض الاداريين العاملين في الجامعات والمعاهد الفنية . بعد انتهاء تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق وموافقة ابناء الشعب العراقي باغلبية كبيرة على الدستور الذي كانت من ضمن احكامه ما ورد في المادة ( 34 ) الفقرة الثانية والتي نصها الاتي :- (( التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله )) وبموجب ذلك فأنني ارى ان التعليم المسائي في الجامعات العراقية ينبغي ان يكون مجاناً وتخضع اجراءات القبول فيه الى القبول المركزي لتعزيز مستواه العلمي وجعلها مطابقاً تماماً للدراسة الصباحية، هذا وأوكد ان اذكر ان الدراسة المسائية وان كانت لا تشتمل جميع الاقسام والفروع العلمية لصعوبة ذلك في الاختصاصات الطبية وجزء من الهندسية او غيرها الا انها ممكنة وسهلة وفروع علمية اخرى فضلاً عن ذلك فهي تحقق الايجابيات التالية :- 1. فسح المجال لقسم من الطلبة للعمل صباحاً وتوفير مورد معاشي لهم ولعوائلهم والدراسة مساءاً . 2. فسح المجال للطالبات من الدراسة في نفس المدن التي يسكنوها وليس في مدن بعيدة عن عوائلهم مما يمنعهم من الالتحاق في تلك الجامعات لاسباب اجتماعية ومادية . 3. فسح المجال ممن فاتتهم فرصة الدراسة وهم من العاملين في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتطوير كفاءاتهم العلمية مما له انعكاسات ايجابية في رفع ادائهم الوظيفي فيها . 4. التفليل من الحاجة للأقسام الداخلية في حالة قبول طلبة خارج مدنهم ( طلبة كانوا ام طالبات ) . 5. خفض كلفة دراسة الطالب في الجامعات العراقية عموماً وذلك لزيادة اعداد الطلبة المقبولين بوجبتين احدهما صباحية والاخرى مسائية، فزيادة العدد تؤدي الى خفض كلفة الدراسة دون التأثير عللى النوعية . 6. تخفيف ازمة القبول على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي . لجأت بعض الجامعات والكليات والمعاهد في السنة الدراسية 2007-2008 الى رفع الاجور المستوفاة من الطلبة ومتجاوزة للاجور المخفضة التي قررتها الوزارة في السنة الماضية وبعضها بأكثر من ذلك معللة ذلك بالحاجة الماسة الى الاموال لصرف متطلبات الدراسة المسائية ولنا في ذلك الملاحظات الاتية :- اولاً / ان مجمل المبلغ المقبوض من طلبة الدراسات المسائية المخفضة لم تتجاوز ( 13 مليار دينار ) ثلاثة عشر مليار دينار عراقي في السنة الدراسية 2006-2007م . ثانياً / ظهرت كلفة دراسة الطالب المسائي في السنة نفسها 2006-2007م 50% فقط من مبلغ الاجور المخفضة المدفوعة وفي اغلب كليات الجامعات والمعاهد التقنية التي فيها دراسات مسائية مما يعني ان الاجور الدراسية المخفضة هي مناسبة ولا ضرورة لزيادتها وفي ضوء ذلك اقترح الاتي :- 1. الغاء الاجور في الدراسات المسائية على وفق احكام الدستور ودعم موازنة الجامعات وهيئة التعليم التقني بما يساوي الاجور التي فرضت على الطلبة وجعل شروط القبول في الدراسات المسائية موافقة لنفسها للدراسات الصباحية . 2. الغاء الزيادات الكبيرة جداً التي اصدرتها اغلب الجامعات كأجور للمسؤولين العاملين والاداريين والتي لا مبرر لها لمثل هذه الزيادات وانما يمكن منح اجور اعمال اضافية حسب ساعات العمل الحقيقية ومن موازنة الجامعة والكلية الاعتيادية . 3. تعيين المتقدمين من حملة الدكتوراه والماجستير لتوفير عدد مناسب من التدريسيين يمكن ان يخصص جزء من نصابهم للدراسات المسائية . 4. تكليف الاداريين بالاعمال الخاصة بالدراسات المسائية ومنحهم مخصصات التفرغ الجامعي التي وردت في القانون ذي العدد 33 لسنة 2008م . ان بقاء فرض الاجور العالية على طلبة الدراسات العليا لا مبرر له والتي ارهقت كاهل الطلبة واحوالهم المالية هي مخالفة للدستور وينبغي الغائها ويمكن دعم موازنة الجامعة التي تفتح الدراسات المسائية بمبالغ مناسبة خاصة وان موازنة الدولة والوضع المالي والنقدي جيد جداً . أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
يــــا قـــــريــب الـــفـــــرجلا أعلم إن كنا نحن مواليد الاربعينيات وشباب الخمسينيات محظوظون ام لا، ذلك لأننا عاصرنا عهوداً مختلفة وحكومات وقادة مختلفين ومرت علينا ظروفاً وأحداث كثيرة جداً غالها ذو طابع عنيف وأستبدادي ودكتاتوري للأسف وجزء قليل منها وطني تحرري ثوري لذلك قد نكون نحن الان أفضل من غيرنا ممن هم اقل عمراً في قراءة الاحداث وفهم التطورات أهمها في نظري هي مٍسألة ممارسة الشعب العراقي لحقه الاساسي الذي يجب ان يكون هو نقطة الانطلاق في أنتخاب ممثليه في برلمان او مجلس وطني أو جمعية عمومية ( ولتكن تسميتها أي اسم كان ) واذا رجعنا الى الدساتير العراقية الملغية منها او النافذة ( المؤقتة الدائمة ) وكذلك دستور بريمر المؤقت فنجدها تؤكد على ان الدين الاسلامي هو دين الدولة الرسمي ولا اشك مطلقاً بأنهم جميعاً ( أي حكامنا ) ما انتقل منهم الى رحمة الله ومن منهم من يمارس أعماله لفترة مؤقتة، ان الدين الاسلامي أكد على الشورى في قوله تعالى (( وأمرهم شورى بينهم )) والتي هي اعلى وأفضل واسمى من مبادئ الغرب التي تسمى ديمقراطية، على كل حال لا أريد أن أخوض في خاطرتي بموضوع ديني فقهي فهو من أختصاص علماء ديننا الافاضل ولكن هل طبقت الشورى او الديمقراطية منذ تأسيس ما يسمى بالحكم الوطني حتى الان، طبعاً انا لا اتذكر الانتخابات التي كانت تجري منذ بدء قيام الحكم الملكي ولكني اتذكر الانتخاب الذي جرى في بداية الخمسينات حتى قيام ثورة تموز الخالدة، أنها ليست أنتخابات وليست ديمقراطية بل هي مهزلة لا مثيل لها شاهدتها بعيني في احدى المناطق الانتخابية وكيف كانت الاسماء تملى على الناخبين والذي كان اغلبهم من الاميين والجهلة وكان التزييف لصالح أحد الاقطاعيين من حزب نوري السعيد فاي ديمقراطية وأي دستورية مزيفة كانت كانت هذه ثم جاءت ثورة 14 تموز الخالدة التي كانت انجازاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخارجية مذهلة ولكن قادة الثورة مع الاسف أما بسبب كونهم عسكريون أصلاً لا يعرفون غير لغة الاوامر التي ينبغي ان تنفذ ولا تناقش أو بسبب أندفاعهم الوطني المخلص أو اعتقادهم بأن أي واحد منهم يمكن أن يكون الزعيم الأوحد والمنقذ والملهم الذي سيغير مجرى التأريخ ويوفر لأبناء الشعب كل النعم التي كانوا يحلموا بها ولم يكن أي منهم يأمن بالشورى أو الديمقراطية ولم يكن في خلدهم كما هو واضح من سير الامور خلال سنوات الثورة الاولى الاربعة أي توجه ديمقراطي ولم يكن قانون الاحزاب واجازة قسم منها إلا لتغطية التوجه الفردي الذي ساد في تلك الفترة والتي أنتهت بفشل ذريع، أي من ذلك نلخص الى نتيجة مفادها أننا لم ننعم في تلك الفترة باي أنتخاب ولم نسعد بوضع البطاقة التي تتضمن رأينا في صندوق إسوة بشعوب العالم المتحضرة والسبب طبعاً هو التوجه الفردي المطبق في ادارة الحكم والذي أدى إلى كارثة في نهاية الامر غطى كل المكتسبات والانجازات التي حققتها الثورة في بداياتها والسبب هو في اعتقادي غلبة الطابع الفردي والدكتاتوري في إدارة الحكم على الطابع الديمقراطي والمشاركة الشعبية الواسعة وتقديم الشورى ونرحل من تلك الفترة ولا نتطرق الى ما حصل في انقلاب الثامن من شباط عام 1963 وحتى أنهاء حكم البعث في 18 تشرين الثاني في نفس العام حيث كانت فترة حكم دموية لم تترك أي حسنة ما تذكر لها، أما في فترة الحكم العارفي فلم يكن هناك توجه ديمقراطي ولا شورى ولا أنتخابات وإنما إدارة البلد وتسيير أموره على النمط المصري وحسبما أتخذه أو يتخذه عبد الناصر من خطوات وكانت فترة سبات اقتصادي وسياسي طويلة لم نشهد فيها أي بوادر ديمقراطية ونسى الناس حقوقهم السياسية في أختيار ممثليهم ومجلسهم الوطني الذي يعبر عن أرائهم ويحقق طموحاتهم . كل ما ذكرته سلفاً شيء وما حصل بعد تسلم حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم سنة 1968 شيء اخر، أعتقد أن غالبية الشعب العراقي يتذكره سنة بعد سنة لا بل يوماً بعد يوم فالحزب ثوري وقيادته ثورية وبعد ان ذبحت الشيوعية وكل ما لديه من ميول ماركسية او يسارية في سنة 1963 أتت بلباس ثوري يتفوق قادته على كاسترو وجيفارا لا بل حتى هوشي منة وماوتسي تونغ وبدأت خطوتهم الثورية والتقدمية تتولى لتصحيح الاخطاء السابقة من جهة ولأعطاء وجه جديد يبيض صفحة القيادة الجديدة من جهة أخرى فهل هناك حاجة لأنتخابات برلمانية وهل هناك حاجة لرأي الشعب ما دام الحزب يعمل بمبدأ المركزية الديمقراطية الذي أوجده لينين وأبتلعه ستالين، أبداً لم تكن هناك ضرورة كما نهجت عليه قيادة الحزب ( والثورة ) في ذلك الحين وسيرت البلاد بالمركزية الدكتاتورية ولم يحظ الحزب بالديمقراطية في صفوفه مطلقاً كما أعتقد . هذا ما حصل حتى أستلام القائد الملهم مقاليد الامور فلهم الحزب ما تبقى من ديمقراطية وتحول نظام الحكم الى أطغى وأعنف دكتاتورية شهدها التأريخ وهكذا سيرت الامور في البلاد وحتى سن قانون المجلس الوطني وقيل أننا سننتخب ممثلينا في مجلس وطني، كيف كانت تلك الانتخابات ومن هم المرشحين ومن هم الفائزين إنها مهازل أنتخابية وليست ممارسات أنتخابية كل المرشحين هم للأعلام ومن تقرر أن يفوز حتى لو حصل على صوت واحد فكان المجلس الوطني لا حول ولا قوة له سوى أصدار البرقيات والتأييدات التي لا فائدة ولا جدوى منها، على كل حال لنغادر تلك الحقبة السوداء التي مرت بنا ولندعو الباري عز وجل أن لا يعيدها لا علينا ولا على أي شعب آخر . سقط النظام وسقطت معه كل الاقنعة الزائفة وبدأ الحديث عن صفحة جديدة وآمال ديمقراطية وانتخابات حرة تحقق ديمقراطية ومستقبل أفضل وعقد الانتخابات والمجلس الوطني وسرعان ما سقط كارتر وأتى بريمر وبدأ الخيط بيط ( عفواً التخطيط ) لماذا ولأي وجه وبأي طريق لا أحد يعلم وحكم الحاكم المدني بسلطة الحاكم المطلق بفضل سلطة سيده المحتمل وسلط على شعب أنهكته الحروب والمظالم في عصره الحديث كما هي في عصره القديم وأتخذ الكثير من القرارات وأصدر الكثير من القوانين والتراجع لإيجاد مجلس حكم معين لا حول له ولا قوة، آمنا بالله وقلنا لعله الواسطة بيننا وبين العم سام قد تنقلنا الى بحر الامان وسرنا سنة من الزمان ولم تفلح جميع الجهود والآراء والدعوات لسرعة أجراء الانتخابات وقلنا قرب الفرج بحضور السيد الأخضر الأبراهيمي للتحكيم في صحة تلك الدعوات والآراء وإذا به يخرج من حضرة آية الله العظمى السيستاني ليقول أنه فهم آراء سماحته وأنه يؤيدها ثم يعود ويطل علينا بعد أجتماعه بهيئة علماء المسلمين ويؤيد رأيها بتعذر أجراء الانتخابات في 30 من حزيران وكانت ( برأيي ) هذه الثغرة التي سجل فيها الامريكان هدفهم في استمرار ادارتهم للعراق واللعب بأنابيب نفطه وحسابات نقده هنا وهناك واستمرار تعكير مياهه وأجواءه للأحياء في عكرها وتمرير المخططات فكان الحل بحكومة مؤقتة أخرى ومجلس وطني آخر، حكومة منصبة ومجلس وطني مؤقت منتخب ظهرت صور أنتخاباته غير الديمقراطية وحبر خاطرتي هذه لم يجف، حسناً لم يبقَ من عمر هذه الحكومة وهذا المجلس الوليد سوى أربعة أشهر فقط فهل ستمر هذه الاشهر مر الكرام ليقال نحتاج الى ستة أشهر اخرى لأننا كنا نيام ولم نعمل كما يرام لتأمين أجراء الانتخابات أم سيقال ان الشعب العراقي لم يشبع بعد من الدكتاتورية وفرض الآراء ام سيقال ان الزرقاوي أستبدل سلاحه من القنابل والمتفجرات الى الخناجر والسيوف يحز بها الرقاب أم هل سيقال أن أنابيب النفط العراقي مفتوحة لكل من هب ودب وحتى تقفل وتطفئ الحرائق يكون الجو رائق للأنتخابات وهل سيقال أن اعمال السلب والنهب لثروات العراق وخيرات العراق لم تكتمل بعد ومتى حصل ذلك ؟ وهل سيقال وما يقال، أقول الى متى يا حكام العراق من حمورابي وحتى الان تعشقون الفردية التي أوصلتكم الى الدكتاتورية التي يسام فيها شعب العراق ويضام، متى يُحترم شعب العراق ويُسمع رايه ويُعان ؟ لقد طال الانتظار …. طال الانتظار .
… و يــــا قـــــريــب الـــفـــــرج … أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
يــــافقــــراء العـــراق اتحــــدوالا أخفي عليك عزيزي القارئ أعجابي بالزعيم الروسي البولشفي لينين، ليس لكونه ماركسياً أو شيوعياَ أو بولشفياً أو غيرها الكثير من صفاته ومبادئه، بل لسبب واحد كونه ثورياً متميزاً في تحقيق أهدافه أو مبادئه وإطلاق شعاراته التي سبق ان كتبت لها في مقالات عدة مستفيداً من تلك الشعارات، منها خطوة الى الامام عشرة الى الوراء ( عكس شعاره خطوة الى الوراء اثنان الى الامام ) وأحنة بنات البلد والكهرباء عدنة ( على هدى شعاره سوفيت + كهرباء = شيوعية ) . والان اتحدث في مقالتي هذه مستفيداً من شعاره الثوري الشهير ( ياعمال العالم اتحدوا ) الذي كان ينادي فيه الطبقة العمالية الفقيرة والمسحوقة غالباً وخصوصاً في الدول الرأسمالية بالاتحاد والثورة ضد الرأسماليين والبرجوازيين أصحاب رؤوس الاموال الضخمة التي جمعوها من كدح وعرق العمال المساكين ولا أعتقد أن الامر خافياً على أحد أن هذا الشعار حقق الكثير من النجاح وأدى الى قيام إضراب وثورات عمالية كبيرة في أرجاء العالم التي لها الاثر الكبير في تحسين أوضاعهم المادية والمعاشية . إنني أعتقد أن لينين لم يتوقع ولم يتصور أن في يوم من الايام سينقلب السحر على الساحر وأن شعاره سيتخذه العمال سلاحاً للإطاحة بالنظم الاشتراكية في الدول التي تحكمها الاحزاب الشيوعية أو العمالية بسبب فساد الانظمة الاشتراكية وأحزابها الحاكمة ( الحزب الواحد )، التي كانت مفاسدها لا تعد ولا تحصى – أشبه بواقع حزبنا القائد – وصبر كثيراً وعانى العمال أنفسهم والطبقة الكادحة لديهم وإن اطمئنوا أنهم في وطن حر مع أن الكثير منهم كان يشكك في ذلك ، إلاّ أنهم كانوا يؤكدون أنهم ليسوا شعوباً سعيدة لأسباب كثيرة أقتصادية وأجتماعية ووطنية ودينية وغيرها، وقد لمستها شخصياً طيلة سنوات دراستي في إحدى تلك الدول، لذلك أستطاع القائد العمالي البولوني ( لخ فاونسا ) أن يستفيد من شعار لينين ونادى عمال بلده الى الاتحاد؛ لانهاء حكم الحزب الواحد، وإنهاء مفاسده ليتمكنوا من أن يعيشوا بسعادة وليقتاتوا من اللحم ما لذّ وطاب ويشربوا ما لذّ وطاب ويقتنوا سيارة وشقة وغيرهما . إن هناك الكثير من منظرينا وثوريينا منه – في حينه – يرون أن هذه الحركة أو الحركات الاخرى ماهي إلاّ من نسيج أو افتعال المخابرات الامريكية والدول الاستعمارية، ليست من رغبة شعوب تلك الدول . وأنا أؤكد العكس أنها حركات وطنية صادقة لشعوب ضحت وناضلت وصبرت سنين طوال، حققت مكاسب كثيرة لا يستهان بها ولم يستهينوا هم بها وما زالوا ولكنهم ذاقوا ذرعاً من الاديولوجيات والنظريات التي لم تعد تجدي نفعاً او فائدة مع ما أوجدته تلك الاحزاب او الانظمة نفسها من ظروف أو بيئة اجتماعية واقتصادية جديدة فكان ذلك التحرك وكان ذلك الاتحاد أي اتحاد العمال في تلك الاوطان الذي استطاع تغيير الاوضاع . أعود بحضرتك عزيزي القارئ الى عنوان مقالتي هذه بعد أن أسهبت في مقدمتها لكني اعتقدت بضرورتها لأقول إني ولمدة ستين عاماً من عمري تقريبا،ً وأشاهد بلدنا العراق،الذي لطالما تبجج الكثير من مسؤولينا ومنظرينا بأنه بلد الثروات والخيرات، كذلك بلد الحضارات والاثار والعتبات المقدسة وقداسة المقامات، البلد الذي كم سال على ثرواته لعاب الطامعين من دول الجوار، وحديثاً من أقصى القارات إلاّ أن أبناء شعبه الفقراء والذين هم الاكثر بحسب الاحصاءات والدراسات كانوا وما زالوا فقراء على الرغم من الشعارات و ما تطرحه الاحزاب والقيادات من مناهج وبرامج وسياسات سواء في العهد الملكي ام الجمهوري ام ما حلّ في البلاد من سنة 1968 وحتى سنة 2003 فيما عدا ما طرحه عبد الكريم قاسم من شعارات، التي اكد فيها انه لن يمس شيئاً من ثروات الاغنياء بل سيحسن من أوضاع الفقراء ليكونوا بمستوى الاغنياء وبغض النظر عن طوباوية هذا الشعار كما كان ينتقده الكثير من خصومه، وحتى من مؤيديه، إلاّ أنه خطأ في تحقيق هذا الشعار بعض خطوات، لذلك كان وما يزال يتذكره أغلب فقراء العراق ويكيلوا عليه الثناء واطناناً من الرحمة والدعاء . ان كانت ذاكرتي تدفعني الى كتابة هذا المقال لأني تلمست وأيقنت بعدم وجود الرحمة والانصاف لفقراء العراق الجالسين على ثروة لا تَنفذ الحاصل فقط على الصد والجحود والنسيان طيلة نصف قرن من الزمان، حتى من تلك الاحزاب التي كانت تملئ الدنيا بالشعارات ماركسية شيوعية، او اشتراكية بعثية او عربية لا غربية ولا شرقية، كما وأن خططنا الاقتصادية طيلة نصف قرن لم تكن اغلبها تركز الا على بناء التحت لينهض البلد في اعمار المباني والجسور والمنشآت وقليل من الاصلاح في الزراعة والصناعة والاسكان، أما الانفاق على العسكر والحرب فيتعب عن وصفه القلم ويعجز عن ذكره اللسان من هدر وتبذير وخراب، وهكذا انتفخت جيوب بعضهم وهرب بها الى بلاد الانس والطرب والسهر حتى الصباح، أما ابناء هذا الشعب المسكين من الفقراء فكان عليهم – لزاماً – التصفيق والسير في المظاهرات والتسبيح في حمد ذلك الحاكم المتسلط السلطان من سلاطنة آخر زمان، ماذا جنوا وماذا حصلوا هؤلاء المساكين من الفقراء من أبناء شعبك ياعراق، بل ماذا جنت وماذا حصدت عوائل هؤلاء من الشهداء الذين لو كانت دقيقة الاحصاءات لبلغت أعدادهم بالملايين وليس بضع الاف، ماذا حصل عليه فقراء العراق وأكرمهم شهداؤهم الذين تركوا عوائلهم عند رحمة رب العباد بعد أن يأسوا من رحمة الحكام والحكومات، فان كان هذا الحال في تلك الانظمة والحكومات وآخرها ذلك اللانظام فما هو الحال بعد زواله وتغير الاحوال والكل كان ينتظر المن والسلوى الذي خص الله به العراق وحده من بين كل البلدان . إني وفي مراجعتي لبرامج مجلس الحكم او ما أعقبته من حكومات وما ذكرته وما طرحته من مشروعات او ما اتخذته من اجراءات لم تحل فيها الا جزءاً ضئيلاً من حاجة بل فاقة الفقراء، وأي فقراء، فقراء الخير والثروات . فهل هذا يعقل يا أولي الالباب وهل نبقى وخصوصاً بعض أقتصاديينا والحكام يؤكدون على أن نقيم البنى التحتية، ومتى ما انجزت نطعم بعد ذلك الفقراء كم من الوقت يستغرق هذا، والى أي زمان وكم بنى تحتية ( او رأسية ) قامت و طمرت بفضل حروب صدام والاميركان لم يحصل الفقراء من مليارات الدولارات إلاّ ما يسد الرمق او يكاد غنم منها بعض أفراد العشرات من المليارات وهروبها الى خارج البلاد وبقى الفقير العراقي ينتظر ما تقدمه بطاقة التموين التي أغلب موادها فساد، او قد تسلم اليه بالاقساط لا بل زادت عليه الامور جوراً وعناء شحة النفط والغاز في بلد حباه الله بأضخم بحيرة في العالم من النفط الخام، اني وفي تقديري – ولا احب ان احدد فترة او حكومة معينة – اعتقد أنها جميعاً أغفلت أساس المشكلة الاقتصادية والاجتماعية في العراق وما يعانيه شعب العراق؛ لذلك أدعوها الى أن تعير لهذه المشكلة جل الاهتمام وتحول برامجها لأنقاذ الملايين من فقراء العراق بتوفير العمل والمال وبناء ما يشغل وينفع الفقراء ورفع حال المجتمع الى الافضل من صحة وتربية وتعليم وغذاء . وبطبيعة الحال الامان، ويا أخواني الاقتصاديون كفوا عن إطلاق النظريات او التمسك بما قال كينز الانكليز او ماركس الالمان وأنتم يا فقراء العراق كفا الألم والحسرة على ما أنتم عليه من حال، الخاضعين لحكومات تعدهم بوعود تزن الاطنان ولم يحصلوا منها بواقع الحال إلا بالغرامات – إن كان فعلاً ذلك – في الوقت الذي لم يبخل شعب العراق من إنجاب مصلحين و مفكرين قادرين على تحقيق لشعبه كل سعادة ورخاء إن استلموا الزمام وأوفوا بمبادئهم خير وفاء . أما أنتم اعزائي يافقراء العراق فلماذا هذا التراخي والانكفاء والاكتفاء بالدعاء من رب العباد أن يصلح الاحوال، الذي هو وحده مقسم الارزاق ومحدد الاعمار، ولكن ألم يدعونا ربنا ( جل جلاله ) أن نسعى في مناكبها لتحقيق الارزاق، فإن ضاقت السبل بسبب الفساد والبعثرة في الاموال وقلة الخبرة والكفاءات، فلماذا لا تتحدوا يافقراء العراق وتتظاهروا لأصلاح الاحوال وتحقيق الشعارات، ولماذا لا تكتب العرائض لشرح الأوضاع، ويوقع عليها الالوف من الفقراء للمناداة بالعدل والمساواة بالواقع لا بالشعارات، كما يمكن لممثيلكم مقابلة المسؤولين والوزراء لضرورة اجراء الاصلاح وتحسين الاوضاع وتحمل المسؤوليات، وقد تكون هناك ألف وسيلة وإجراء . وإن لم ينفع هذا وذاك فعليكم يا أعزائي الفقراء اللجوء الى ورقة الانتخاب التي هي أفضل سلاح في زمان الديقراطية والسلام، القادرة على تغيير الحكومات التي لم تفِ بما قدمته من وعود وأغراءات ورقة الانتخاب التي غيرت الكثير من الحكومات دائماً في بلاد الانكليز والأميركان، وختاماً يافقراء العراق أتحدوا؛ اتغير الاوضاع وتحل نعمة رب العباد على أرض العراق التي حباها الله بالخيرات وأفضل الانعا أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
يا سامعين الصوت صلوا عالنبيلا شك ابداً ان الغالبية من شعبنا العراقي المناضل ومنذ انهيار النظام السابق وحتى الوقت الحاضر وبعد تمكنهم من اقتناء الاطباق التلفزيونية ( الدش ) يشاهدون النشرات الاخبارية اليومية ويتابعوا الندوات والتصريحات الرسمية، واكثر ما يلفت نظري في تلك الاخبار تلك التصريحات وتلك الندوات التي يؤكد مسؤولينا فيها واصرارهم على اهمية تطبيق القانون والنظام ولا اختلف معهم على اهمية هذا الجانب ولكني كنت اتمنى منهم ولعلي في خاطرتي هذه ارجوهم ان يذكروا أي قانون واي نظام ليكون الجميع على بينة به واحكامه، ذلك لأننا نعلم ان العراق لا زال حتى الوقت الحاضر بلا دستور او قانون اساسي، وان كان هناك دستوراً في فترة النظام المنهار فهو دستور مؤقت لم تحصل موافقة الشعب العراقي عليه رغم استمرار فرضه لعقود طويلة ومما لا شك فيه ان اغلب القوانين والانظمة التي صدرت في ظل ذلك النظام وذلك الدستور كانت لا دستورية ولا قانونية لأن النظام برمته كان فاقداً للشرعية والقانونية وان كل ما أصدره مجلس قيادة الفوضى ( الثورة ) هي فاقدة للشرعية والقانونية، ومنذ سقوط النظام وحتى الوقت الحاضر فأن كل ما صدر من قوانين وأنظمة هي فاقدة للشرعية والقانونية، ذلك لأنني اعتقد وفي ضوء ما يمليه الواقع والمنطق فضلاً عما تمليه مبادئ القانون الدستوري هو انه كان ينبغي ان ينتخب الشعب العراقي لهيئة متخصصة تقوم بكتابة دستور قويم ومتطور، يؤمن في احكامه كل ما يتطلب من احتكم شرعية اسلامية وقواعد اساسية اجتماعية اقتصادية وسياسية، ومتى ما تم ذلك فيصار الى انتخاب المجلس الوطني او مجلس النواب او الامة ( وبأي تسمية يحددها الدستور ) لينتخب الشعب ممثليه بكل حرية وديمقراطية واستقلالية ومتى ما تم ذلك تباشر هذه الجمعية بإقرار مشاريع القوانين اللازمة لتشريع كل ما يتطلب تشريعه وفي النواحي التي سبق وذكرت وبعكسه لا يمكن القول بأن هناك خروقاً او تجاوز على القوانين والانظمة، مما يتحدث عنه مسؤولينا المؤقتين في هذه الايام لتبرر الكثير جداً من الاجراءات والتصرفات التي يتخذونها والتي هي في اغلبها لا قانونية ولا نظامية، ومن كونهم جميعاً منصبون لا منتخبون ويستندون الى قوانين قديمة كانت اغلبها غير شرعية فضلاً عن كونها قد سقطت بحكم سقوط النظام وان اسبغت على بعض منها صفة الشرعية فأن اغلب ما يمكن اعتماده هي قوانين اقتصادية ومالية واجتماعية لا علاقة لها بما يدور ويجري من احداث واعمال وازمات ما كان احد يتوقع حدوثها، الا إننا ظهر جلياً اسبابها وهو اطالة عمر الفوضى والخراب والدمار بهذا البلد وحتى يتم افراغه من كل غال ونفيس فيه من صفوة أبنائه من علماء ومفكرين الى نفطه واثاره وربما نخله وماءه لاحقاً، اقول قولي هذا وانا اشاهد والمس الكثيرمن المخالفات للقوانين والانظمة النافذة القديمة والحديثة منها التي يرتكبها مسؤولينا الحكوميين في الوقت الحاضر اقول ان من الاجدر عليهم هم انفسهم ان يلتزموا بها وان كان هناك حساباً ينبغي ان يتم على وقفها، فيجب ان يكون على الطرفين الحاكم والمحكوم وليس على المحكوم فقط خصوصاً وان الحاكم تسلط بصورة غير شرعية وغير قانونية .
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
يا أثـرياء الـعراق مـن منـكم مـثل فــيشر
ونحن على أعتاب العام الدراسي الجديد تذكرت مقالة لطيفة وحكيمة جداً قرأتها في جريدة الرأي العام الكويتية كتبها أحد محرريها سنة 1988 ( كما أتذكر ) بعنوان من منا مثل فيشر وخلاصة المقالة ان حضرة الكاتب ( الذي احترمه احتراماً كبيراً على مقالته ) قد قرأ في احد الجرائد الامريكية خبراً مفاده ان المواطن الامريكي فيشر بعد ان تخرج من جامعة كولرادو حاملاً شهادة في إدارة الاعمال ساعدته تلك الشهادة كثيراً في النجاح في حياته وتربية أبناءه أفضل تربية بما كان يكسب من ربح وفير حتى حصلوا على شهادات وحققوا أموالاً مناسبة لحياة سعيدة رغيدة، وحيث هو قد ملك ثروة قدرها عشرة ملايين دولار وبعد ان تجاوز وزوجته السبعين عاماً جلس يوماً هو وزوجته وفكر في الامر أين تذهب هذه الثروة وهل يتركها لأولاده الذين هم في أفضل حال وكم هو وزوجته يحتاجون من المال حتى نهاية العمر، تدارس هذا كله ولم يتردد واتخذ قراره بالتبرع بتسعة ملايين دولار لجامعته التي تخرج فيها وفاءاً منه لها حيث لم يحقق في حياته ما حقق الا بفضلها ولا يوجد من يستحق ثروته الا هي، ويستمر الكاتب الكويتي جزاه الله خير جزاء في مقالته تلك ويناشد ( واعتقد انه كان ينتقد ) الاثرياء الكويتين بأن يحذوا هم حذو فيشر ويتبرعوا لمدارسهم وجامعاتهم التي تخرجوا فيها وفاءاً منهم لها حفزتني تلك المقالة في حينها ودفعتني لكتابة خاطرة نشرتها صحيفة عراقية عنوانها لو كان لدي مليون دينار، وكان ملخصها بعد ان قدمت بها الجزء الاكبر من تلك المقالة تمنيت بها لو كنت املك مليون ديناراً ( وكانت تساوي مليون دولار في ذلك الحين ) لتبرعت بتسعمائة الف منها الى جامعة بغداد وفاء مني لهذه الجامعة العريقة التي كان لها فضلاً كبيراً في تعليمنا وعملنا ولكني لم اكن املكها مع الاسف، دارت الايام ومرت السنين وحصل ما حصل وجرى ما جرى من تخريب وتدمير كل شئ في عراقنا الحبيب كان اكثر ما أحزنني هو ما أل اليه حال مؤسساتنا التربوية وجامعاتنا العريقة، حال يبكي العين قراح ويعصر القلب دماً ولم يخفف عنه الا سؤال الطلبة وإصرارهم على الاستمرار في الدرس واكمال العام رغم أننا كنا في كارثة وحيث بدأنا من الف تحت الصفر لا موجودات ولا اموال ولا ارصدة نقدية، ولا تخصيصات مالية ولكن رحمة الرب الجليل التي سهلت كل شئ عصيب في مؤسساتنا جعلتني أتريث في كتابة خاطرتي منتظراً من سوف يقدم من أثريائنا شئ يساعد جامعاتنا في النهوض بنفسها والسير على أقدامها في مسيرتها العلمية وتحقق لطلبتها أهم ما يحلموا الحصول عليه وهي الشهادة الجامعية، ومنذ أنهيار النظام السابق وحتى الان لم نر ( والله اعلم ) أي من أثريائنا العراقيين ( على كثرهم ) من تذكر جامعته وبادر بالتبرع بمبلغ من المال أو قدم شئ يساعد في تحسين الحال وفاء لها التي بفضلها حقق ما كان تصبوا اليه الامال، فهل نسى أثرياء العراق فضل هذه الجامعات وهل ألهاهم جمع المال نحو مزيد من الثراء، وهل ركنوا الى ما سعوا من كثرة الهدايا والتبرعات وصدقوا بهذا السراب الذي لم يكن جله الا خداع بخداع، الثراء الحلال لا يذكر صاحبه بمن كان له الفضل منه فيساعده في محنته وهل حولت هذه السنين أثرياء العراق الى خزنة أموال لا يعرفوا غير ولا أريد أن أستمر في الكلام والحليم تكفيه الاشارة أقول في خاتمة خاطرتي هذه يا أثرياء العراق الشرفاء يا من جمعتم ثروتكم بفضل جامعاتكم وجهودكم وعرق جيبكم، كونوا أوفياء وتبرعوا بما يساعدها وعند ذاك نقول الحمد لله في العراق هناك الالاف مثل فشر، وشكراً لجريدة الرأي التي اتحفتني بمقالة كاتبها الحكيم .
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
جامعة بغداد واثر رؤسائها الثلاثة العظام في ترصين مسيرتهاتمر علينا في هذه الايام الذكرى الخمسون لتأسيس جامعة بغداد ،أو مايسمى بيوبيلها الذهبي ،ولعل هذه الجامعة محظوظة جداً لانها سيرتبط أسمها دائماً بانها أم الجامعات وأساس التعليم العالي والبحث العلمي في العراق ولاغرابة في ذلك, فهي اول الجامعات التي اسست في العراق الحديث وارتبط اسمها باسم بغداد مدينة العلم والسلام منذ ان اقيمت أما في الحاضر فان جذور جامعة بغداد تمتد الى سنة 1908 وهو العام الذي اسست فيه كلية الحقوق العراقية وعلى مدى خمسين عاماً أنشئت بعض الكليات والمعاهد العالية منها: كلية الطب, وكلية الهندسة, وكلية الاداب, وكلية العلوم, ودار المعلمين العالية, وكلية التجارة والاقتصاد, وكلية الزراعة, وكلية الطب البيطري, وكلية الملكة عالية, ومعهد الهندسة الصناعية, وكلية الصيدلة وكلية طب الاسنان. وكانت تدار من قبل دائرة خاصة في وزارة المعارف تسمى دائرة الكليات والمعاهد العالية حتى أسست جامعة بغداد في سنة 1957 إذ صدر أول قانون لها والحقت الكليات والمعاهد العالية بها. بعد هذه المقدمة فان مايعنّ في خاطرتي هذه هو الحديث عن أهم روؤسائها في السنوات العشر الاولى لقيامها, و دورهم في تحقيق رصانتها وكفاءتها العلمية والادارية. فرئيسها الاول المرحوم الاستاذ الدكتور متي عقراوي كان يخطط لان تكون جامعة بغداد أرقى جامعات الشرق الاوسط وفي بدايات ادارته لهذه الجامعة كانت قراراته وتوصياته واضحة في هذا الشأن, ذكرت جزءًا منها في مقالتي السابقة عن هذا العالم التربوي الشهير في العالم أجمع .لقد كان يؤكد رصانة الجامعة العلمية, وأعضاء هيئة التدريس فيها, والعاملين من منتسبين واداريين , هذا ماعلمته وسمعته من مسؤولي الجامعة بعد التحاقي موظفاً وطالباً فيها ،وان ترك الجامعة بعد فترة قصيرة من توليه مسؤوليتها فانه وضع الحجر الاساس لعلميتها ورصانتها. ولاعرو في ذلك فهو كان عملاقاً بالعلم والعمل وليس بالكلام والادعاء. في مقالتي عن المرحوم الاستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله اتصل بي الكثير من معارفه ومحبيه شاكرين لي ما قلته بشأنه واعلموني عن كثيرمن خصاله ومزاياه المتميزة في علمه وادبه ،ولكن اهم ما احب ان اذكره هنا انصرافه في عمله كرئيس للجامعة وسعيه لتحديد مسار رصانتها العلمية وافاقها المستقبلية ،اما شؤونها الادارية فقد اوكلت الى امانتها وهذا مايحصل غالباً في اغلب الجامعات الغربية الرصينة ،على العكس مما نلاحظه في الوقت الحاضر (من وجهة نظري) حيث تاخذ الامور الادارية, وليس العلمية, جزءاً كبيراً من اعمال رؤساء جامعاتنا. كان رحمه الله هادئاً مؤدباً لم اقرأ له خلال مدة رئاسته لجامعة بغداد حتى خروجه منها أي رد او تعليق, في الصحف التي كانت تنشر مقالات بحلقات متعاقبة او في هذه الصفحة أو تلك, على الحملات التي كانت أغلبها ظالمة متجنية على شخصيته ومكانته, ولكنه في حفل تخرج طلبة جامعة بغداد في 30/6/1961 كان رده بليغاً مؤثراً علمياً حيث قال بعد ان ذكر ماقامت به جامعة بغداد ونشاطاتها ( ان مايثار ومايقال عن جامعة بغداد ورئاستها هي حملة ظالمة لها اسبابها وفي هذا الامر أذكر لسيادتكم قصة تلك الشجرتين من صنف واحد نبتتا في ارض واحدة وسقيتا من منبع واحد وعاشتا وترعرعتا في محيط واحد, ولسنوات عدة احداهما هادئة صافية صابرة مثمرة, والاخرى تخرج الاصوات, وتقوم بالحركات, وتحدث الفوضى والجلبة ،ضاقت تلك الهادئة الصابرة المثمرة ذرعاً بما تقوم به اختها وجارتها حتى سألتها يومًا: , نحن من اصل واحد ونبتنا في مكان واحد ونعيش في مكان واحد, فما الذي يدفعكم الى كل هذه الفوضى والجلجلة (الخرخشة)؟ اجابتها اختها (الفوضوية): الا تعرفين لماذا؟ قالت الهادئة الصامتة لا, لذلك اسألك, اجابتها الفوضوية: ان ما يدفعني الى القيام بذلك هو محاولتي جلب بعض الطيور والحمائم والعصافير التي دائمًا تحط رحالها عليك ولا تصل الى ابدًا, فهل فهمتي؟. اثارت هذه القصة الجميلة الرائعة عاصفة من التصفيق والاستحسان ولو كان هذا العالم الكبير حيًا يرزق حتى الان, فما عساه يقول عن اشخاص هذا الزمان (اشباه شجرة ذلك الزمان) الذي لا تعرف غير الثرثرة والتبجح والادعاء وهي خاوية كالطبول التي لا يعلو صوتها إلا باتساع جوفها. اما رئيسها الثالث الاستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري (اطال الله عمره) فهو لم يكن كبيرًا فقط, بل عملاق في العلم والادارة, تولى ادارة الجامعة في ظروف عصبية سياسيًا واجتماعيًا, ولكنه استطاع بكفاية ادارته ودقتها وتهدئة اوضاعها, ومن ثم انطلاقها مجددًا باعلى مستويات الرصانة والعلمية. كان الاستاذ الدكتور الدوري عالمًا في اختصاصه (التأريخ الاقتصادي الاسلامي) بارعًا في كفايته الادارية؛ لخبرته الطويلة في هذا المجال وخلال مدة رئاسته لجامعة بغداد الطويلة كان يخطط ليس فقط لتعزيز رصانتها العلمية, ولكن لمستلزماتها العلمية والعملية ومبانيها الجامعية , إذ استطاع الحصول على منطقة واسعة تمتد من باب المعظم, وحتى الوزيرية لتكون خاصة لمباني جامعة بغداد, ومازال ذلك مؤشرًا على خرائط هذه المنطقة في دائرة التسجيل العقاري – الرصافة واستطاع الحصول على تخصيصات مالية لانشاء ابنية كلية الصيدلة , والاقسام الداخلية في الوزيرية ومتحف التأريخ الطبيعي وكلية الطب البيطري في مبانيها الحالية, فضلاً عن كثير جدًا من الابنية والتوسعات اللازمة لمتطلبات نمو الجامعة. هذا, واجدني مضطرًا لتكرار القول مرة اخرى بان هذا العالم العملاق المتميز في علمه وكفايته كان وراء انشاء جامعة البصرة, وجامعة الموصل, والجامعة المستنصرية, ومجلس البحث العلمي, وفي منتصف الستينيات من القرن الماضي ترك منصبه بشجاعة بسبب تجاوز حصل على صلاحياته ومسؤولياته . اعود الى اثرهم ودورهم في رصانة جامعة بغداد, فضلاً عما ذكرت احب ان اركز على موضوعين هامين: اولهما ان هؤلاء الرؤساء كان يساعدهم اساتذة اكفاء, سواء في رئاسة الجامعة, واذكر منهم: سعدي الدبوتي, والدكتور عباس الصراف,والدكتور حمدي يونس, والدكتور ابراهيم شوكت, والدكتور احمد شاكر شلال, والدكتور حازم سليمان في الامانة العامة اما المساعدون فاذكر منهم: الدكتور صلاح عزت تحسين, والدكتور فاضل الطائي, والدكتور تقي الدباغ, والدكتور علي الزبيدي. هذا في رئاسة الجامعة, وقد اكون نسيت بعضهم, اما في عمادات الكليات فقد اسندت في تلك الفترة الى اساتذة علماء اجلاء اذكر من اتذكرهم دون تحديد في أي مدة, ومع أي من هؤلاء الرؤساء عملوا, قدر ما استطيع: ففي كلية الاداب كان الدكتور مهدي المخزومي, والدكتور ابراهيم السامرائي, وناجي معروف, وفي الادارة والاقتصاد كان الدكتور فوزي القيسي, والدكتور اسماعيل مرزة, والدكتور محمد علي ال ياسين, والدكتور محمد علي رضا الجاسم, وفي كلية التربية الدكتور كمال ابراهيم, والدكتور يوسف عبود, والدكتور محمود غناوي الزهيري, وفي كلية القانون عبد الجبار عريم, وفي كلية العلوم الدكتور فاضل الطائي, والدكتور محمد واصل الظاهر, وفي كلية الشريعة الدكتور رشيد العبيدي, وفي كلية الطب الدكتور احمد ناجي القيسي, والدكتور عبد الجبار العماري, والدكتور عبد اللطيف البدري, وفي طب الاسنان الدكتور باريت (انكليزي الجنسية) والدكتور يوسف مرزة, والدكتور فاضل القدسي, وفي كلية الهندسة الدكتور مهدي حنتوش, والدكتور ناجي عبد القادر, وفي كلية التحرير (وغير اسمها الى كلية البنات) الدكتور روز خدوري, والدكتور سعاد خليل اسماعيل, وفي كلية الطب البيطري الدكتور صادق الخياط, وفي كلية الزراعة الدكتور عبد الكريم الخضيري, والدكتور حسين العاني, وفي المعهد العالي للتربية الرياضية (كلية التربية الرياضية لاحقـًا) نجم الدين السهروردي, وفي معهد الهندسة الصناعية محمد احمد, وفي اكاديمية الفنون الجميلة الدكتور خالد الجادر, ولربما نسيت ذكر بعض منهم, فعشرات السنين تؤدي الى شيء من النسيان. هذا ولا يفوتني أن ذكر ان في ذلك الوقت كان في كل كلية او معهد اساتذة كبار في علمهم وخلقهم وعملهم, كان يمكن لأي واحد منهم تولي المسؤولية العلمية والتربوية بكفاية عالية, ولاتوجد مشكلة في اختيار البديل لضمان استمرار المسيرة العلمية ونموها. هذا ومما ينبغي ذكره ان جميعهم اعتمدوا في تولي الوظائف الادارية والمالية في رئاسة الجامعة على مجموعة من الموظفين خبراء وذوي اخلاق وكفاية عالية لم يلجأ أي منهم الى تغيير او اعفاء أي منهم ثقة بهم وبنزاهتهم وكفايتهم, ومنهم جميل صالح العبيدي, ومحمد وديع الشهابي, ويوسف حنا, ومحمد جواد جعفر, وفؤاد زكو, وصبحي عبد القادر, ورديف عبد الغفور, وعلي الحاني وسلمان الباجه جي والسيدة تماضر الخالدي, وثابت العاني, ومالك الجوهر, وغيرهم قد يكون نسيت ذكرهم. اما الامر الثاني الذي كان يميز جامعة بغداد عند توليهم رئاسة الجامعة أنهم وبالرغم من توفر الاساتذة والتدريسيين العراقيين بمستويات عالية واغلبهم حصلوا على شهاداتهم من جامعات عربية واجنبية رصينة وعالية المستوى, وللحاجة الماسة لتدريسيين آخرين في اختصاصات مختلفة , تعاقدوا مع اساتذة عرب واجانب معروفين في مستواهم العلمي العالي, سبق أن عملوا في جامعات عالمية رصينة ليعملوا في كليات جامعة بغداد, ومن ثم في فروعها المختلفة في البصرة, والموصل خصوصًا, ومنهم المستر باريت في كلية طب الاسنان, مع اساتذة امريكان واستراليين ومصريين في كلية الطب, وهانس وزوجته في كلية الاداب, وكريشنا مورتي في كلية العلوم, وابو المبشر صديقي في كلية الزراعة, واحمد علي بكير والمستر برو, والمستر نايير في كلية التجارة والاقتصاد, والالمانيان سيمون وفرنر كلاتة في معهد الهندسة الصناعية. وقد تضاعف استخدام الاساتذة العرب والاجانب في جامعة بغداد عند ادارة الدكتور الدوري لها حتى بلغ عددهم ثلاثمائة وخمسين استاذاً في كليات الجامعة في بغداد فقط, ومنهم الشيخ الدكتور محمد الطنطاوي مفتي الازهر الحالي . عند استفساري من امين خزانة الجامعة في تلك السنين المرحوم فؤاد زكو إن كان الاساتذة العرب والاجانب يشملون بالنسبة المئوية المحددة من الراتب لاجور المحاضرات؟ اجابني بان الدكتور الدوري أوصى بعدم شمولهم بها, لعدم وجود نص في عقودهم يوصي بذلك, فضلاً عن ضرورة الافادة منهم بافضل واعلى مستوى في التدريس والاشراف العلمي, وعند حصول ذلك ستكون كلفة استخدامهم (التي هي عالية في ذلك الحين) اقل وهذا يحقق وفرة لموازنة الجامعة, عند ذاك ايقنت انه مفكر اقتصادي وليس مؤرخـًا فقط (وهذا هو اختصاصه تأريخ اقتصادي). يا ترى هل اعطيت الثلاثة العظام من رؤساء جامعة بغداد حقهم في خاطرتي القصيرة هذه ؟. في بناء هذا الصرح العلمي العالي؟ ولا يفوتني في الختام ان اقول اننا ينبغي ان نجعل مسارهم منارًا لنا في اختبار القيادات الجامعية من رؤساء جامعات او عمداء الكليات اومعاهد حتى رؤساء الاقسام بهذا المستوى المتألق الذي كان قبل خمسين او اربعين سنة أديرت جامعاتنا باعلى المستويات في الاخلاق والعلم والكفاية العلمية والادارية بالاساتذة من ذوي الخبرة الواسعة في اختصاصاتهم ومسؤولياتهم . أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
مؤتمـرات وندواتمنذ انهيار النظام السابق وحتى الان، سمعنا الكثير جداً من دول عربية منها خليجية نفطية وغير نفطية ودول اسلامية وغير اسلامية ودول أجنبية ولربما غيرها لم أسمع بها أو فاتني ذكرها لا بل هناك أشخاص أعلنوا عن تخصيص أموال لمساعدة الشعب العراقي المظلوم بقطاعاته ومحافظاته وفئاته المختلفة وأطيافه . حسناً أنتظرنا وقلنا الحمد لله سينزل علينا المن والسلوى بعد طول عذاب وحرمان وحصار، كان المرء يتمنى فيه او يحلم الطفل بقطعة حلوى او لبان، ويتعطش فيه الناس الى علبة ( سفن آب )، لا بل أضحت هذه العلبة أفضل رشوة تقدمها لهذا الموظف أو ذاك لا سيما إذا كنت قادماً من عمان الى طريبيل خان . حسناً أنتظرنا بعد سماعنا لهذه الاخبار المطمئنة لكل انسان عاش عصر الحرمان وقلنا سينزل المن والسلوى ولمَ لا؟ اليس المن والسلوى أنزلهما رب العباد لعباده في العراق، اليس الماء الذي جعل منه كل شئ حياً أوفر من أية بقعة في أي مكان غير العراق فكان أخصب البلدان، اولم يكن نفطه أوفر منذ الازل حتى الان ونار بابا كركر الازلية خير برهان، شكراً ايها الاخوان والاصدقاء والزملاء لمساعداتكم وهباتكم ( صدقاتكم ) ايها الشرفاء، أنتظرنا وطال الانتظار ولم يصلنا يورو او دولار، واذا الامر يحتاج لبحوث ودراسات تليها مؤتمرات وندوات وسفرات وزيارات لمسؤولي هذه الدول او العراق، وسافرت وفود و زارتنا وفود وانعقد مؤتمر الصدقات في بلاد الاسبان وتبارى الاخوان للتبرع لإعادة اعمار ما خربه الاخيار ( الاشرار ) ونزلت المليارات كالمطر المدرار فكانت ثلاثة وثلاثين اكثر من نصفها من الامريكان، وقلنا خلاص جاء الفرج الان وتوكلنا على رب الانام، سيتحول العراق من بلد الخراب الى بلد الاحلام والاطمئنان ومضت الايام والسنون، وإذا لا هذا ولا ذاك لا مساعدات ولا صدقات ، اكاذيب وأفتراءات والحجج غياب الامان وشيوع الفساد، ولا أطمئنان على الاموال والارواح، مثل هذه الحجج او هي من بيوت العناكب ومغارات الفئران، غياب الامان ام لا مجال مؤكد ( للتلفلف واللغف والخمط ) وإذ كذبت يا دول التحالف او الاحتلال قابعة جنودك في العراق بكل أمان فلماذا فلوسكم يخاف عليها من السرقات، وهل سيعيش شعب العراق ينتظر السراب بوعود معسولة لا صحة لها ولا ضمان وانتم يامسؤولي العراق الى متى الانتظار لوصول هذه الصدقات، اليس العراق وافر الاموال والامكانيات اليس شعب العراق من اكفاء خلق الله، أقول يا مسؤولي العراق يا من كنتم على سدة الحكم قادمين اتكلوا على الله وعلى ابناء شعب العراق من المتخصصين والاكفاء فهم القادرون على وضع أفضل خطط لتنمية الاقتصاد ورفعه لأجل مقام باقصر زمان، وشواهد ذلك شاخصة للعيان، لا اشير الى خطط الروس او الالمان او الطليان، بل الى شواهد ذلك في العراق في اواسط الخمسينات واواسط السبعينات واتركوا هذه الندوات والمؤتمرات وشكراً للسيد الوزير على صراحته عندما أعلن إن المنح والمساعدات التي خصصت لوزارته أنفقت على المؤتمرات والندوات وأعتقد كذلك الايفادات والولائم والحفلات .
أ. د. ماهر موسى العبيدي اكاديمي عراقي
كفاءة الموظف الأدنى وثقة المسؤول الأعلى وأهميتها في كفاءة الأداء الأداريأرى أن من أهم العوامل التي تحقق كفاءة الأداء الادارية في وحدتنا الاقتصادية في العراق هي كفاءة الموظفين التنفيذيين ومستوياتهم المختلفة .أي من كان مستواه يقع في الدرجة الاخيره من سلم الدرجات الوظيفية أو من كان في درجات الوظيفية أو من كان درجاته الأولى وحسب أحكام قانون الخدمة المدنية والملاك ,او حسب المواقع أو المسؤوليات الوظيفية الادارية الرسمية التي يشغلها او تلك التي كلف بادارتها استثناءا او وكالة .فالمستوى العلمي المناسب لمن يشغلون هذه الوظائف ,ورغبتهم في العمل ,لا بل شغفهم فيه يدفعهم بلا شك للعمل بحرص ودقة كبيرين ,فيؤدي ذلك الى زيادة خبرتهم العملية ايضاً ,وتنعكس بصورة مباشرة على مستوى أدائهم وأداء مؤسساتهم عموماً ,ذلك لان مثل هؤلاء الموظفين يؤدون أعمالهم بمسؤولية تامة , ويتحملون دون خوف او شك النتائج الناجحة عنها ,كما ويتحاشون رفع الأعمال التي تقع ضمن مسؤولياتهم الى المسؤول الأعلى عنهم تخلصاً من المسؤولية ,كما ويستطيعون المبادرة للقيام بما يتطلب لتنفيذ اعمالهم بكفاءة عالية جداً وبنفس الوقت يمكنهم تفهم التوجيهات الصادرة لهم من المسؤول الأعلى بسرعة كبيرة تعفيه من الخوض في التفاصيل والجزيئات اللازمة لتنفيذها , كما وأنهم لايرفعوا مطالعاتهم الى ألما فوق مختصرة أو مبترة أو غامضة غير مفهومة ومختومة بجملة للتفضل بالتنسيب او التفضل بالتوجيه .بل تكون واضحة ومركزه مفهومة ومسببه معروض فيها رأيهم الرسمي لمساعدة رؤسائهم لاتخاذ القرار المناسب والصحيح . هذا ما اراه بخصوص كفاءة الموظف الأدنى ,اما من ناحية المسؤول الأعلى فنرى أن كفاءة الموظفين التابعين لأدارته ستتخلف لديه الثقة لاتخاذ قراراته في ضوء مطالعاتهم وأرائهم فتحقق له تلك القرارات كفاءة وتميزاً في الادارة والأداء ,فالأعلى المسؤول الذي لم يكلف بمسؤولية ادارة أي وحده اقتصادية أن لم يكن مؤهل لها .ينبغي أن يتحقق من كفاءة الموظفين في المستويات الدنيا التابعين لأمرته , فأن كانوا أكفاء ومثابرين ومتميزين في العمل , كان عليه أن يزيد من ثقتةِ وأحترامهِ لهم وأن لم يكونوا كذلك فأن من أهم مسؤولياته أما تغييرهم وأما رفع كفاءتهم وبعكسه فأنه اثار ذلك ستنعكس على أداءه وأدارته ,التي لا تتوقع أن تكون متميزة , كما وأن اغلب قراراته قد تكون موافق وحسب التعليمات أوموافق وحسب الأصول . أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
عـجـيـب أمور غـريــب قــضـــيةيقال إن المثل الذي شاع لدى العراقيين منذ الثمانينات وحتى الان شاع بفضل الممثل المسرحي الكبير المرحوم ( جعفر السعدي ) الذي استعمله في احدى المسرحيات او مسلسلات التلفزة أسهم بها أسهاماً رئيساً وبما اني لا أهوى مشاهدة مسلسلات التلفزة لذلك أعتذر عن ذكر اسمها في خاطرتي هذه ولكن أقول إن هذا المثل طالما سمعته وردده الكثيرون من زملائي في مدينة الحلة، وربما كان شائعاً في تلك المدينة منذ الخمسينات ومنها شاع الى مدن اخرى او قد يكون هو شائعاً في اغلب مدن العراق ومنه افاد كاتب تلك المسلسلة في مسلسلته ولكننا إذا أردنا أن نفهم المعنى المقصود من هذا المثل يمكن القول انه ينحصر في بيان استغراب المتكلم من امور متناقضة تثير العجب وقضايا غريبة من المؤكد انه تثير الاستغراب . إن ما ذكرته في مقدمتي هذه هو مقدمة لحديثي عن أمور عجيبة وقضايا غريبة تسود في اوساط تعليمنا العالي وبحثنا العلمي وارى قبل الدخول الى جوهر القضية التي في خاطرتي والتي أود التحدث عنها أن أعود بذاكرتي الى الستينات من القرن الماضي حيث كانت جامعة بغداد وحدها هي التعليم العالي والبحث العلمي فكانت هذه الجامعة متيمزة بأساتذتها وعلمائها الاجلاء – أغلبهم يرحمهم الله والبعض منهم يعطيهم الله طول العمر – إلا إن رؤساء هذه الجامعة وعمدائها ولعلو علمهم وبصيرتهم حرصوا دائماً على الافادة من خبرات وعلوم الاساتذة الكبار من العرب والاجانب المعروفين في جامعاتهم بأبحاثهم ومؤلفاتهم في بلدانهم وبلدان أخرى كذلك وقد وصلت أعداد هؤلاء الاساتذة العلماء عدة مئات أفاد منهم طلبة العراق فائدة كبيرة وعظيمة وعميقة وكان وجودهم أفضل فرصة للأساتذة والعلماء العراقيين لتلاحم العلوم والنظريات والافكار فكانت مخرجات جهود هؤلاء العلماء عراقيين وعرب وأجانب في جامعة بغداد وبعدها جامعات القطر الاخرى التي أنشأت في سنة 1967 كجامعة البصرة وجامعة الموصل خير مخرجات من طلبة دراسات أولية او دراسات عليا، لقد كانت خدمات الاساتذة العرب والاجانب مكلفة مادياً لأنها تساوي ثلاثة أضعاف رواتب الأساتذة العراقيين الا انها مربحة جدا بما يحصل عليها العراق من علوم نظرية عميقة أو تطبيقية هندسية او عملية طبية وصيدلانية وطب أسنان أو علوم إنسانية من لغة وفقه وشريعة وأدب واقتصاد ومحاسبة وغيرها ولتقليل الكلفة المالية وتعظيم الفائدة العلمية، قرر مجلس جامعة بغداد الذي كان يتراسة الاستاذ الدكتور ( عبد العزيز الدوري ) ان يعطي الاساتذة العرب والأجانب الفرصة المتكاملة لالقاء المحاضرات العلمية والاشراف على اطروحات طلبة الدراسات العليا . أن المتغيرات التي شهدتها الظروف السياسية والاقتصادية والمالية في العراق أدت ألى استقدام أساتذة عرب واجانب اقل كفاءة وخبرة من السابقين, ألا أن ألظروف التي استمرت بالتدهور أدت ألى هجرة مدمرة للأساتذة والتدريسيين العراقيين من مختلف الجامعات وبمختلف الألقاب والرتب العلمية, وحتى انتبهت الدولة ( في ذلك الحين ) و وزارة التعليم والبحث العلمي لذالك الحال جرت ندوة لأصلاح التعليم العالي والبحث العلمي سنة 1992 حيث تقرر فيها توسيع الدراسات العليا في الجامعات العراقية وبين مؤيد ومعارض لهذا القرار – لكنة كان في نظري عين الصواب – جرى تطبيقيه وكان ثمرته هذة الأفواج من حملة الماجستير والدكتوراه ولكنها لم تصب في صالح البلاد بل أغلبهم حطوا الرحال في ( بلاد العربان ) الاردن واليمن وليبيا والسودان ولربما وصلوا الصومال ودفعوا ما عليهم من مبالغ كفالات الاف او مئات الالاف او ملايين الدنانير ولسد هذه الفجوة في ملاكات الجامعات وأقسامها اضطرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للعمل على أستقطاب الكفاءات والحيلولة دون استمرار هجرة الكفاءات فاصدرت القرارات تلو القرارات لزيادة الرواتب والمخصصات ولكن غالباً ما كان ذلك بعد فوات الاوان، وعلى كل حال فأن بعضها قد نفع وأفاد في استقرار وأستمرار بعض أساتذة الجامعات للبقاء في اقسامهم والكليات بفضل واحد من تلك القرارات وهو القرار ذي العدد 230 لسنة 2001م الذي ينص على الاتي :- (( الفقرة الرابعة :- يتقاضى موظف الخدمة الجامعية مخصصات شهرية بنسبة 50% ” خمسين في المئة ” من راتبه ومخصصاته إذا أستمر في الخدمة بعد أكمال السن القانونية للاحالة على التقاعد )) فبقى هذا النص من القرار مستقطباً لجزء ليس بالقليل من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات لكنه بعد سقوط النظام السابق وتغير ادارات الكليات والجامعات، بأنا نسمع العجب العجاب كيف ؟ منها لا تتوافر الدرجات لتعيين العاطلين من حملة الشهادات على الرغم من وجود الحاجة الماسة في الملاكات العلمية التي أقرتها النسب والمعادلات على وفق عدد الطلبة في كل من الاقسام، كيف أختفت تلك الدرجات المالية التي كانت أكداساً واحمال ؟ والخبر عند الامريكان الذين دسوا انوفهم في كل مكان، ولم يحصل اصحاب الشهادات على الدرجات الا من كان ذا حظ ومقام او كانت الحاجة اليه ماسة واضحة البيان وبقى الكثير ممن هم في الداخل يبحثون عن التعيين بعينين زائغتين، اما الذين هم في الخارج فترددوا في أخذ القرار وكان ذلك عين الصواب فلا أمان ولا ضمان ان رجع للعراق فهل سيسري الترحاب وتوافر الرواتب والدرجات وكان كذلك قلة منهم ذا حضوة ومقام ومنهم من كان او ادعى انه قد أضطهده النظام، وعلى الرغم من ذلك فقد بقى جلهم خارج العراق ولعدم توفر التدريسيين كما تنص عليه التعليمات علقت الوزارة مئة وأربعة وثلاثين أختصاصاً والمصيبة انها كانت في مرحلة الماجستير والدكتوراه والسبب الرئيس لذلك هو عدم توافر الاساتذة بالاختصاص . حسناً لماذا لا نعين من يبحثون في الداخل والخارج من حملة الشهادات فكان الجواب هو عدم توفر الدرجات فاذا كان الامر كذلك فلماذا تخطط الوزارة لعقد مؤتمر لعودة ذوي الكفاءات من خارج البلاد ولماذا لا نخطط لمؤتمر لتعيين من هم في داخل العراق، اليس القربى اولى بالعرفان . هذا واذا كان علينا أن نصم الاذان عما ذكرته في الكلمات السابقة أعود للكلام عما يدور في الاروقة والقاعات ان تنفيذ تعديل قانون الخدمة الجامعية بمنح المخصصات ومميزات التقاعد والضمان فأنهم سيخلون المكان لغيرهم من الباحثين عن الوظيفة من قديم الزمان ولا تمديد ولا أستمرار للتدريسيين الذين مددت خدمتهم بموجب ذلك القرار ( عجيب أمور غريب قضية ) في الوقت بدأت تستقطب دول الجوار الاساتذة الكبار لفتح عالي الدراسات بدء التلويج بالتقاعد وانهاء العمل بذلك ( القرار ) هذا هو الحال تستقطب كفاءات ونفرط بأفضل وارقى الكفاءات ونحن في التعليم العالي بأشد الازمات اولها الحاجة لأعلى المستويات في مختلف الاختصاصات لكافة الدراسات، و في مستقبل الزمان أرى ان صورة الوضع سوداء الالوان، فأن خططنا لرفد البلد بافضل الاختصاصات لحرق مراحل ما الحقه النظام السابق من تخلف وفوضى وغياب الامان فمن اين سنوفر الان الاختصاصات لرفد الجامعات، يقال ان الوزارة قد خصصت مئة مليون دينار لأيفاد البعثات وحتى الان لا بيان عنها ولا أعلان وحتى أن يسافر هؤلاء الى ( بلاد العربان ) ويعودون بشهادات نحتاج على الاقل لسبع سنوات أذاً كيف السبيل لنهضة عظيمة في العراق في ظل ما ذكرته من اجراءات وأوضاع أنها حقاً ( لعجيب أمور وغريب قضية ) ورحمك الله يافنانا الكبير جعفر السعدي . أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
شيوعي – بعثي – سني – شيعي
كنا ندرك منذ طفولتنا ان في عراقنا العزيز أقواما و طوائف متعددة , يحمل كل منها عقيدة أو ديناً أو مذهباً يعتز به, و يفخر بانتسابه إليه, ولكن هيهات ان نجد من ينتسب إلى أي قوم أو طائفة أو مذهب لا ينضح طيبة و محبة تتجمع لتكون نهراً ينهل منه أهل العراق جميعاً بشماله و جنوبه و شرقه و غربه , حتى ان هذا الاختلاف أشبه ما يكون باختلاف السمن عن العسل, لا يكون مذاقهما ألذ و لا طعمهما أشهى إلا إذا مزجا معًا , و زد عليهما إذا شئت الجوز و اللوز و الفستق , و انظر ماذا ترى؟ هكذا كانت صورة أهل العراق و لاسيما عند المراجع العظام لجميع طوائفه و أطيافه, وهذا ما نتذكره في العهد الملكي البائد الذي كان أسوأ نظام في السياسة و الإدارة و الاقتصاد, إلا ان صورتنا نحن العراقيين كانت بالشكل الذي تقدم, أما عند ساسة ذلك النظام فقد كان الاختلاف و كانت الطائفية سلاحاً يحمل للاستحواذ على المناصب أو لأجل الانتفاع به من الإقطاعيين و البرجوازيين و المنافقين الذين كانوا يتوزعون على حزبين ظاهر اهد افهما خدمة البلاد, و باطنهما غير ذلك. و لم يكن دأبها الا التباري في خدمة الإنكليز و التسابق في محاربة القوى الوطنية و الأحرار من شيوعيين و بعثيين و قوميين ناصريين عرب و أكراد و غيرهم, لقد ر بطوا البلاد و قيدوها بأحلاف عسكرية بعد ان سلموا الإنكليز أفضل الموارد الاقتصادية فلم تكن في عراقنا أيام الحكم الملكي سوى الطائفية السياسية القائمة على المصلحة, و هي بعيدة كل البعد عن الطائفية الدينية. و مع ذلك فان هذه الطائفية السياسية لم تكن ظاهرة للعيان و هي في اغلب الأحيان مستترة لا يجاهرون بها , و يتخذونها ورقة ضغط كلما فقدت المناصب و الكراسي, و تضررت المصالح , و لم يكونوا ليحرصوا على أكثر من ذلك ,فجلهم طلاب ولاية . وبعد انبثاق ثورة 14 تموز العظيمة و القضاء على ذلك الحكم الذي كان فاقدًا للسيادة و لحكم الدستور فضلاً عن غياب أي وجه للديمقراطية فيه, و بعدما ظهر للرجعية العراقية التي كانت إلى وقت قريب مرتبطة بالإنكليز, و بعد انتباه الدول الرأسمالية إلى ما حصل في العراق من ثورة تحررية جبارة و إدراك إسرائيل و الصهيونية العالمية ان هذه الثورة ستكون بداية نهايتها بما يمكن ان تحققه من مكاسب و إنجازات على مختلف الصعد , و ان شعب العراق سيعيد تاريخه المجيد مرة أخرى مثلما أعاده مرات, و سيضع نصب عينيه تحرير فلسطين من الصهاينة لتعود إلى أبنائها الصابرين, بعد كل ذلك بدأ دهاقنة اليهود و أعوانهم بتقليب الأمور على جوانبها المختلفة للحد من هذا السيل الثوري المدمر لإسرائيل و عملائها , فوجدوا ضالتهم من دون عناء , فهذا الشعب العراقي ينقسم في الحال, فالعسكريون الثوريون لم يضعوا خطة واضحة المعالم للسير على وفقها بأمان و سلام, و لا أحزابه القابعة في السراديب و خلف القضبان تجيد العمل السياسي تحت نورالشمس في وضح النهار, فكان قاسم ينفرد بالسلطة و القرار , و كان عارف متحمسًا لناصر, فحدث الانقسام و كانوا يسعون للسلطة من اجل رفعة العراق و نهضته ولكن بانقسامهم هذا أسسوا لتدمير العراق أما الحزب الشيوعي فرفع شعار ( اتحاد فدرالي صداقة سوفيتية ) اما حزب البعث فرفع شعار (وحدة وحدة عربية لا شرقية و لا غربية) , فكان قاسم يقول ان العراق جزء من كل, و كان عارف يسعى إلى وحدة فورية مع الجمهورية العربية, و هكذا بدأ الشقاق و الافتراق بين قادة الثورة و شعب العراق فحصلت الفتنة و ما جرت إليه من فوضى و نفاق و استثمرت القوى الصهيونية و الاستعمار هذا الحال فصبت الزيت على النار من وراء الستار فحصل ما حصل من هرج و مرج,و تمزق البلد و لم يعد يدور على السنة الناس إلا أسئلة من مثل:( هل أنت شيوعي) تؤيد الحزب الشيوعي و شعاره ( اسألوا الشعب و ماذا يريد وطن حر و شعب سعيد ) ؟ أم أنت بعثي ترفع شعار ( وحدة وحدة عربية لا شرقية و لا غربية)؟ ! أو( وحدة وحدة عربية فلتسقط الشيوعية) هذا هو حال العراق بعد العهد الملكي المباد. و في السنتين الأوليين من عمر الثورة المعطاء هكذا كان أمر الناس يسألونك عن اتجاهك السياسي و انتمائك الحزبي أشيوعي أنت ام بعثي؟! ليكون التعامل معك على أساس مذهبك السياسي الجديد الذي كان يعتنق في السراديب و أصبح يجاهر به على قارعة الطريق,..أما المظاهرات و المسيرات و الاحتفالات و المناشدات و المعارك بالأيدي في النوادي و الكليات و حتى المعسكرات كانت من الظواهر الواضحة في المجتمع, و كلها كانت بسبب تأييد هذا الحزب الشيوعي او ذاك البعثي .و لم يكن لهذا التيار الجارف من الشعارات المتباينة و الاختلاف في وجهات النظر اية علاقة بالأديان و الطوائف و القوميات , اللهم إلا شعار واحد رفعة الشيوعيون في ذلك الحين و كانوا يرددونه , و هو قولهم حرية عرب و أكراد حطمنا حلف بغداد إلا ان عبد الكريم قاسم حول ذلك الشعار بعد سنتين إلى نار صبّها على رؤوس الأكراد , عندما طالب زعيمهم الأسطوري مصطفى البر زاني بمزيد من الاستثمار في بلاد الأكراد لم يكن خلال سني ثورة تموز أي توجه للفرقة الدينية أو الطائفية إلا ما ندر, و ذلك لان أعداء الشعب و ثورته من رجعيين و استعماريين و صهاينة وجدوا ما يفرق صفوف العراقيين باختلاف حزبي الجبهة الوطنية قبل الثورة واستعداء احدهما على الأخر بعد انبثاقها , فكان الخلاف بين الشيوعيين و البعثيين . وكان ذلك كافيًا للحد من تحقيق أهداف ثورة تموز العظيمة في بناء عراق متطور , قوي , مزدهر. و أما في عهد الأخوين عبد السلام و عبد الرحمن فقد هدأت الأمور السياسية بعد المذابح التي جرت بسبب انقلاب 8 شباط و انتهاء عصفه الدموي الذي استمر تسعة اشهر و أطفئت هذه الفتنة التي لا يعلم إلا الله ماذا كانت ستفعل بالعراقيين لو استمرت أكثر من ذلك ، المهم انه لم يحصل خلال الحكم العارفي أي توجهات طائفية تذكر, ربما كانت هناك بعض الشطحات أو بعض الأخطاء أو الهفوات التي قد يفهم منها مثل هذه التوجهات , إلا ان أنها لم تكن ظاهرة للعيان , وليست ذات تأثير يذكر و لا حضور واضح في عقول الناس و نفوسهم . عند حصول انقلاب 1968 و تولي حزب البعث السلطة في العراق , لم يجد هذا الحزب إمامه إلا اللعب بالورقة الطائفية, فمنذ الشهور الأولى شن حملته المعروفة على الطائفة السنية , كان استشهاد الشيخ عبد العزيز البدري من نتائجها إذ شهد كل من صلى على جنازته في ضريح الإمام الأعظم ببشاعة معذبيه.( كما علمت في حينه )و عندما كان هذا النظام يحارب هذه الطائفة, والأخوان المسلمين بكل ضراوة كان في الوقت نفسه يغازل الطائفة الشيعية بتشجيعه إقامة المواكب الحسينية و إذاعة المراثي التي تمجد حادثة استشهاد الحسين(عليه السلام) في الإذاعة والتلفزيون. إلا ان هذا الحال لم يستمر و سرعان ما انقلبت الأوضاع و أصبح الحزب يحارب كل القوميات والأديان في العراق, و بدأ الحزب القائد يستأثر بكل العقائد , فلا فكر و لا دين ولا مذهب إلا البعث الذي وضعه عفلق , الذي لا يفهم منه دين و لا سياسة و لا اقتصاد, كل ما جاء فيه, وحدة قادت إلى فرقة نسأل الله ان لا تدوم إلى آخر الزمان, و حرية وضعت الشعب خلف القضبان و في غياهب المعتقلات و اشتراكية لا مثال لها في أقوى دول الرأسمال، على هذه الصورة كانت دولة البعث عنصرية لا طائفية ، بل سعت إلى تأجيج نار الطائفية وشيوعها ، لتحقيق مآربها ومنافعها المادية ، ونهب ثروات البلد الاقتصادية ، ودفعت بالملايين من الناس ليكونوا حطياً لحروب شنتها لأسباب تافهة ، أين شط العرب الذي ضيعه قائد المسيرة ( إلى الوراء )؟ وأين سيف سعد وزين القوس ؟ أين شباب العراق الذين أحرقتهم حربه التي سماها (القادسية الثانية ) والقادسية والإسلام منه براء ، لماذا شن حربه على إيران ؟ الم تكن هناك حلول وفرص للتفاوض والاتفاق على كل المشاكل ، ام ان الإيعاز صدر من أسياده الأمريكان الذين وظفوه في خدمتهم منذ زمن ؟! فشن حربه الطائفية العنصرية لخدمة أسياده الصهاينة ، فأزاح قائده المغفل الذي سلم له راية الخزي والعار ولا ندري ان كان يدري أو لا يدري بان الأمر كله حيلة ومكيدة له ولا تباعه المغفلين الذين اعتقدوا ان في هذا الحزب مركزية وديمقراطية ، فسلمت زمام الأمور في سويعات إلى اعتى طاغية عرفته البشرية على مر العصور والأزمان فجرهم كالخرفان إلى مذبح الأحزان متهماً إياهم بالتآمر على العراق ، وما حطت حربه اللا مقدسة رحالها حتى بدأ يهيئ نفسه ويعد العدة ليحصل على مغانم حربه الطائفية واستلام الجائزة الموعودة جوهرة الخليج ( الكويت ) . واستمر الحال على هذا المنوال وبدأت سني الحصار وما خلفه من دمار ولم يعي هذا المغفل إلى أين الأمور تسير وما هو المصير؟ سنوات عجاف ودمار في كل نواحي الحياة باال استثناء وحروب ومناوشات واغتيالات لعلماء المسلمين في العراق كان لنصيب الشيعة الجزء الأكبر يسلم السنة من نارها أبداً .المهم الصفحة الأخيرة من هذا المخطط الاستعماري الصهيوني لتدمير العراق وشعبه الأصيل وهو ما بدأت تعدّه دوائر الصهاينة والاستعمار بما سيحصل للعراق بعد إزاحة قائده الجبار ، ستحل الفرقة وسيحل الدمار وكأنهما لم يكونا ، وسيتمزق البلد بين عرب وأكراد وكأنه لم يحصل بعد ، ومن ثم – وهذا هو الأهم – ستحصل مذابح ما بين شيعة وسنة وهذا الذي لم يكن ولم يحصل في تاريخنا الحديث منذ قيام الدولة العراقية بكل السلبيات التي تتصف بها ، ان من يروج لحصول حرب طائفية في العراق بعد انهيار النظام هي الجهات والدوائر الصهيونية والاستعمارية نفسها التي طبّلت وزمرت لذلك النظام عندما تجاوز حدود ما كان ينبغي له ان يتجاوزها هي نفسها التي تريد سقوطه بأي صورة أو ثمن كان ، والعجيب هي نفسها التي تتباكى على حقوق القابع في قفص المحاكمة ينتظر جزاء ما اقترفت يداه من ذبح وقتل وتشريد في أبناء شعبه من كوارث ونكبات ، ان هذه الأجهزة والجهات الصهيونية والاستعمارية لا يهمها من كل هذا إلا تدمير شعب العراق بإثارة حرب طائفية لا موجب لها ولا مبرر ، فبعد ان دمرت جيشه وسياستة واقتصاده بدأت تعزف على اللحن الأخير أو باشرت في هدفها الأخير بإثارة الأحقاد وتدمير البلاد بما تثيره من تأجيج طائفي غريب عن شعب العراق وطوائفه ولم يدر في خلدها إنها ستقف يوماً على حافة هذا المنزلق تشجع على تأجيجه جهات وأحزاب وصحف وقنوات فضائية عراقية وغير عراقية صباح ومساء بنغمة ما زال الجزء الأعظم من شعب العراق يرفضها ولا يقبلها لأنها لا هدف منها إلا تدميره و تفتيته لتكون الصهيونية العالمية في منأى عن قوة العراق وصولاته الموجعة لها على مد التاريخ فكان الضرب على وتر شيعي سني ، بعد ان عزفت قبل خمسين عاماً على وتر ( شيوعي – بعثي )هي ورقتها الأخيرة فهل بلّغت يا أهل العراق في ورقتي هذه ما هي حقيقة الأوضاع التي نمر بها وما هي أهدافها اللهم فاشهد .
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي رّمانتان بيد واحدةلمع اسم المطرب الشعبي حمدان الساحر في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي, واشتهرت اغانيه , وكان صوته ساحرًا مثل اسمه, وكانت اغانيه ريفية شعبية لطيفة , واظن انه عاش عمرًا طويلاً في الكويت واستمرت اغانيه تذاع من اذاعة الكويت واذاعة بغداد , وقبل سنتين عندما ذكرت اسمه في مجلس , قال لي احدهم انه قرأ لافته تنعى المطرب حمدان الساحر, فان صح ذلك فالى رحمة الله. واريد هنا ان اعلّق على مطلع لاحدى اغانيه الشعبية الجميلة المستقاة من مثل شعبي مشهور , اغنيته تلك كانت بعنوان ( رمانتين افد ايد ما تلّزم ) وكان مضمونها عتاب لطيف, يعاتب فيه الحبيب حبيبه الذي احب اخر غيره فكان يخالط العتب بالنصح بالابتعاد عنه, معللاً ذلك بأن هذا الامر لا يمكن ادراكه, فـ (رمانتين افد ايد ما تلزّم) على حد تعبير الاغنية.. ترد على البال هذه الاغنية واتذكرها عندما ارى كثيرًا من الشباب في هذه الايام يسعى للامساك باكثر من عمل او مهمة او امتياز في ان واحد, وعلى الشباب ان يفهموا ان الامساك برمانتين في وقت واحد امر يصعب القيام به. اما الشباب في السنين الخوالي (وانا منهم) فلم يكونوا على هذه الشاكلة, اذ كانوا مؤمنين بهذا المثل. كانت القناعة تملؤنا, ونعلم جيدًا ان الحياة تتطلب الحصول على الشهادة اولاً, ثم البحث عن العمل او الوظيفة التي تناسب الشهادة ثم التفكير في الحصول على قطعة ارض سكنية ( وفي الغالب من الجمعية التعاونية ) ،وبعد ذلك التفكير في بنائها ،او شراء سيارة صغيرة وما الى ذلك من الطموح الذي يراود كل واحد منا ،الذي غالبا ما ينتهي بالزواج ،اما السفر الى خارج العراق فهو امر لانفكر به إلا لأجل الدراسة والحصول على بعثة علمية او زمالة . فمطلع هذه الاغنية كان صحيحا ، فالامساك برمانة بعد الاخرى امر ممكن اما ان تكون رمانتان بيد واحدة فهذا امر فيه من العسر الكثير ان لم يكن مستحيلاً , وفي سنواتنا العجيبة هذه التي نعيشها يتملكني العجب والحيرة من اغلب شبابنا الذين لا يعترفون بمفهوم هذا المثل, وليسوا مستعدين لتطبيقه, وربما فكر احدهم بالامساك بعشرين رمانة بيد واحدة, ويريد ان يلتهم الرمان التهامًا لا ان يأكل الواحدة تلو الاخرى كما يقتضيه المنطق ويقره العقل. والاغرب من ذلك كله ان الشباب الذين يسعون جاهدين لتحقيق كل هذه الاهداف, ويرغبون بهذه الطريقة من التحصيل, نجدهم يتركون كل شيْ, بعد تحقيقه ليتركوا البلاد لرب العباد على حين غرّة, فهم في الهزيمة كالغزال. أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
رأسان أقوى…..حية أم رأسين أضعفيبدو أن جميع شعوب العالم (حسب علمي واطلاعي) لديها من الأمثلة والأقوال المعبرة والدالة عن كثير من الأفعال والحالات ؛ الايجابية أو السلبية. باختصار وتركيز دقيق وبليغ, وفي عراقنا العزيز الكثير من الأمثال والأقوال الجميلة والحكيمة، والصيغة الدالة أو الناقدة (أو الساخرة) وبلغة رقيقة وأدبية جميلة؛ محزنة أو مفرحة أو مضحكة حتى! وتشترك المجتمعات العربية اغلبها في الكثير من هذه الأمثلة التي تعبر عن الكثير من وقائع تأريخها وماضيها ومستقبلها: أفراحها ومآسيها, تطلعاتها وأمانيها. وتدور خاطرتي هذه حول موضوع فائق الأهمية وينطبق على أحوال وحالات كثيرة في مجتمعاتنا العربية عموما، ومجتمعنا العراقي على وجه الخصوص, وعنوان خاطرتي هذه وليد مثلين وحّدا بمثل واحد، وهما مثلان غير عربيين ولا عراقيين، بل مثلان روسيان. يذكرهما الروس ويتندرون بترديدهما, ولاشك أن هذا المثل (أو المثلين) واضح من عنوانه، فهو يتعلق بالتشاور واتخاذ القرار, ولاشك، أيضا، أن قرائي الأعزاء يعلمون جميعًا أن شريعتنا الإسلامية أكدت أهميته في قرآننا الكريم بالآية القرآنية (وأمرهم شورى بينهم) لتكون الفصل في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤوليات. وهذه الآية تشمل جميع نواحي الحياة ووحداتها الاجتماعية، فهي تشمل العائلة, والعشيرة, والمحلة, والمجلس؛ أي مجلس يكون: مجالس الأحزاب، أو مجالس الحكم، أو مجالس الوزارات، أو مجالس النواب، ذلك لان الشورى تؤدي إلى دقة وسلامة القرار المتّخذ، وتُحمّل الجميع مسؤولية صحته أو خطأه، ومن ثمّ لا يتحمل هذه المسؤولية فرد واحد. ومن الواضح أنه غالبًا ما أدى تحمل فرد واحد لمسؤولية اتخاذ القرارات (وخاصة إذا كان بصورة مطلقة) وان كان صحيح بعضها، لكن الخطأ في اتخاذ قرار واحد منها يؤدي غالبًا إلى نتائج عكسية كارثية في الغالب. أعود إلى عنوان خاطرتي هذه، وماذا تعني الرؤوس فيها. فمن الواضح أن الرأسين عُنيَ بهما أن اجتماع إنسانين على رأي يجعل من هذا الرأي رأيا أقوى وأفضل من رأي لا يجتمع عليه سوى رأس صاحبه، ولربما يكون اجتماع رؤوس ثلاثة، كما أرى، أقوى، ذلك لان الرؤوس من المكن أن تحقق الإجماع والأغلبية في اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية، فان كانوا اثنين من ثلاثة؛ فهذا دليل الديمقراطية بتنفيذ قرار الإجماع أو الأغلبية الذي يؤكد رجاحة الرأي المجمع عليه. وهذا ما يدلّ عليه المثل الروسي في سطره الأول؛ بأن رأسين أقوى, أما الجزء الثاني، الذي يقول إن حية أم رأسين اضعف, فيشير بوضوح إلى أن تولي الأمور ودقتها من قبل شخصين (يتشاطرون) القيادة، والحسم في صغير الأمور وكبيرها، ويتنازعون القيادة هذه ستؤدي إلى أن تكون إدارتهم وأداؤهم ضعيفـًا؛ بسبب تشتت القرار، إذ أن كلاً منهم ينحى بالأمور، في اتجاهه. وقد تسألني عزيزي القارئ عن حقيقة ودقة هذا الأمر وفقا للواقع المعاش، لذا ابين لحضرتكم أن المثل دقيق وسليم, فلطالما شاهدت الحيّة أم رأسين، أيام كنت أعيش في الريف، أي في طفولتي، حيث المزارع، والبساتين، والأنهار، والأفاعي,لقد شاهدت كيف أن رأسيها يتجه كل واحد منهما باتجاه يخالف اتجاه الآخر؛ الرأس الأيمن يميل إلى السير نحو اليمين، والرأس الأيسر يميل إلى السير نحو اليسار، وبسبب من هذا الاختلاف نرى حركة جسدها بطيئة، فبدلاً من أن تكون، كغيرها من الحيات من ذوات الرأس الواحد، كما شاهدتها أيضا، سريعة، قادرة على اللف والدوران بسهولة , نرى أن الحية أم رأسين وبسبب اختلاف وجهة رأسيها (قيادييها) ضعيفة بطيئة الحركة، لا تستطيع اللف والدوران. من هذا أتت دقة المثل الروسي هذا وحكمته. لعل ما ذكرته في هذه السطور أصبح واضح المراد منه لقارئي العزيز، وهدفي منه بين أيضا, وان شابه شيء من الغموض، فليس لي إلا أن أعود لأذكر لحضرتك بوضوح أكبر هدفي منها: يجب أن تكون أعمالنا وقراراتنا في جميع أوجه حياتنا: العائلية، والعشائرية، ومجالسنا الاجتماعية. في منظماتنا السياسية، ومجالس عمل إداراتنا، ومؤسساتنا، ووزارتنا ومجالسها ومجالس نوابنا، أو غيرها، خاضعة في تسييرها للشورى التي أمرنا الله بأن نجعلها الفيصل، وان لم تكن كذلك، فسيكون حالنا أشبه بحالة الحية أم رأسين، كل رأس ينحو نحوا مختلفا عن الآخر، فهما رأسان لا يتفقان على رأي موحد، هذا الاختلاف ينعكس على جسدهما، لذا نراه لايتحرك، وان تحرك قليلاً نحو الأمام، فهو لن يكون سريعًا ولا حكيمًا أو حاسمًا. فتتأخر أو تتعثر المسيرة وتتسع الهوة أو الفجوة بينهم وبين من يستطيع اتخاذ القرارات الحاسمة والمؤثرة والمنتجة التي اتخذها مقرروها بمسؤولية ودقة. وعلى هذا عزيزي القارئ إن بقيت أمورنا يديرها الكثيرون ممن يعدون أنفسهم رؤوس السلطة، وهم في موضع المسؤولية، واتخاذ القرار، لكن يرى كل واحد منهم في نفسه أنه هو فقط رأس السلطة وصاحب المسؤولية، نرى أن جسم الدولة ككل سينحو كل في اتجاه: يعارض أو يغاير، يتقاطع، أو يتناقض، لكون كل واحد منهم (المسؤولين) لا يسير إلا على وفق ما يرى ويعتقد ويرغب، لسبب أو بدون سبب أو لألف سبب. فيختلط الحابل بالنابل ويكون (وقد يكون هو الحال فعلاً) كسفينة تتلاطمها الأمواج، وان كان المرحوم (المنلوجست) عزيز علي قد قال في إحدى منلوجاته الشهيرة التي غناها في مطلع الخمسينيات، والتي جاء فيها. ياعرب كثروا الملاليح وسفينتنه غرفت مي فوكاها الريح معاكسنه وهذا الروج اليطوي طي ولا اعلم ما عساه سيغني، أو يقول لو كان حيًا يرزق حتى هذه اللحظة، فهل سيعجب من كثرة الملاليح، أو كثرة البلامة أو كثرة الرعيان أو من كثرة الرؤوس التي تدير الأمور، حتى أصبحنا كحية أم رأسين بل قد تكون اشبه بحية لها مئة رأس والله قادر على كل شيء قدير.
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
تدريب ام تهريبلا أعتقد أن هناك من يختلف معي فيما أرى بأنه كان للتعليم العالي وتطوره في العراق ( بالرغم مما عاناه من مصاعب وعقبات ) فضلاً كبيراً على التطور الاقتصادي والاجتماعي بشتى صوره ونواحيه، وحصل ذلك بفضل مخرجاته الكثيرة من الخريجيين في مختلف الاختصاصات العلمية والانسانية التي رفد بها جميع مؤسسات القطاعات الاقتصادية العامة منها او الخاصة وسواء كان ذلك بالخريجيين المؤهلين بالشهادات الاولية الجامعية او الشهادات العليا بمختلف مستوياتها وتخصصاتها، كما وشهدت فترة ما يسمى بالحصار الذي مر بالعراق تطوراً نوعياً في الاستفادة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمعاهد الفنية سواء بالاتفاق المباشر على وفق آلية التعاون التي أقرت بصيغ معينة او بوساطة مكاتبها الاستشارية العلمية التخصصية، مما ساعد ذلك في فك الكثير من أختناقات تلك المؤسسات المستفيدة في كثير من جوانب نشاطاتها المختلفة وتعزيز كفاية أعضاء هيئة التدريس المتعاقدين او العاملين في المكاتب الاستشارية بالجوانب التطبيقية لمعلوماتهم النظرية هذا كله كان في ظل النظام السابق، اما في الفترة اللاحقة له فأننا شهدنا قدوماً كبيراً لمؤسسات ومعاهد وخبراء من كل حدب وصوب أو من كل دول الائتلاف او الاحتلال معهم عراقيين كانوا هاربين او مهاجرين بعضهم كان يعمل في العراق في هذه المؤسسة او الجامعة او تلك وقد نسى كل ما يعرفه عن بلده او يكاد وبعضهم لا يعرف شيئاً على الاطلاق بدأوا يقدمون المشورة والخبرة لهذه الوزارة او المؤسسة او تلك التي قبلها بعضها مرغماً لا بطلاً وبعضها أعتقدت ان هذه المعاهد او المكاتب او ما يسمى بالمستشارين او الخبراء يملكون من العلم والخبرة ما سيكون فعله كالسحر في تطوير أدائها وأعمالها، فماذا كانت النتيجة لا خبرة ولا معرفة بالقوانين والانظمة والتعليمات السابقة او النافذة ولا بالمتعارف عليها ولا بالمعتاد ولم ينظم شيئاً او يطور بل أغلب دراستها ومقترحاتها ( خيط وخرابيط ) ولم تحصل وزارتنا على شيءٍ ينفع أن لم تتراجع ولم تبال هذه المؤسسات او المعاهد او المنظمات من التحقق عن ما قدمت أو إفادات وإنما حصلت ( أو لطشت ) الملايين من الدولارات مما خصص لنا من المساعدات ( صدقات ) بعد أن صرفت القليل منها إلى خبراء أو متخصصين عراقيين استغلتهم مع الاسف بأبخس الاثمان وكان هذا وجهاً من أوجه تهريب الاموال أما الوجه الاخر منه فهو دورات التدريب التي تعقد في هذا البلد الشقيق المجاور او ذاك الصديق البعيد وإيفاد الاعداد من العراقيين أليها والذي قد يكون لهم علاقة بأمر الدورة أو لمحسوبين على هذا المسؤول او ذاك او من عشاق السفر والرحلات ( أو ملئ الجناط ) وجودو ما بعد سقوط النظام للاستحواذ والاستغلال والحصول على الاموال، وأذا رجعنا او تحققنا من كلفة هذه الدورات لنجدها بملايين الدولارات أما علميتها أو مستواها وفائدتها وانعكاساتها على الموفدين والملتحقين بها فأنها ( كما أطلعت وأعتقد ) لا تساوي شيئاً فأي وسيلة لتهريب اموال العراق أفضل من هذه الوسيلة لأنها مباشرة من المنبع وليس من المقلع وبجهود أقل وأسهل لمحسوبين أو منسوبين في هذا النظام أو ذاك وهذه الدولة أو تلك لا بل لمسؤول في هذا البلد أو ذاك، وإذا ما رجعنا إلى جامعتنا وهيئات تدريسها ومكاتبها الاستشارية وإمكانياتها التي هي تفوق بكثير قدرة تلك المؤسسات سواء من عملت داخل البلد أو خارجه فان حصتها لم تكن الا الجفاء ونكران الجميل لما غنمت به هذه الوزارات ومسؤليها من علم ومعرفة وأفاق وليس في الحصول على جزء من هذه المغانم والاموال لأنهم يعرفون جيداً كيف يساومون أبناء جلدتهم ( بلدهم ) ولكنهم لا يجيدون فن المفاوضة ( أو المساومة ) مع الاجانب أقول ان حرمانهم ( أي أساتذة الجامعات ) من شرف الاستمرار في رفد مؤسساتنا بالعلم والمعرفة التي يتميزون بها عن جميع دول المنطقة لا بل عن الكثير من المستشارين غير الفاهمين عمل بعضهم بعشرات آلاف من الدورات وحصدت مؤسساتهم ملايين الدولارات فهل مغنية الحي لا تطرب ؟ أم هو تهريب بحجة التدريب ؟
… والله أعلم … أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
“نيه سمارويه نيه يادو” او “الميدهن مياكل ” أحد أهم أسباب الفساد الإداري والماليلاشك أن قارئي العزيز قد يستغرب من عنوان خاطرتي هذه مع أني قد وضعت معناه بين قوسين كذلك وذكرت انه احد اهم اسباب الفساد الاداري والمالي ليس في العراق فحسب بل في جميع اقطار العالم كما ثبتته النشرات المتخصصة في الرقابة والتدقيق والادارة والقانون وغيرها. أما من أين أتيت بهذا العنوان وبأية لغة كان فأود أن اذكر لحضرتك ان هذا المصطلح هو باللغة البولونية وهو مثل متعارف عليه لدى البولون عرفناه عندما كنا طلابًا للعلم في بولندا خلال السبعينيات من القرن الماضي عندما كانت بولندا شعبية واشتراكية ضمن اقطار المعسكر الاشتراكي ومقر حلف وارشو. يعلم جميع زملائي كم نحن نحترم جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية وقدرات تدريسيها التي لا تقل عن قدرة تدريسي أرقى الجامعات الغربية إن لم تتفوق عليها ولكن يعلم جميع زملائنا ايضًا كم نحن نؤيد ونؤكد ضرورة البعثات العلمية خارج القطر وضرورة استمرارها على الدوام لاهمية رفد مؤسساتنا بالمتخصصين في الدراسات التي لا يتوفر في بلدنا مثلها فضلاً عن الاطلاع والافادة من احدث النظريات والاساليب العلمية القائمة في تلك الجامعات, كما ولهذه البعثات العلمية مزايا جمة اخرى منها الاطلاع على ثقافات وعلوم وفنون تلك المجتمعات واخلاقها ومن المؤكد ان العائدين يحملون معهم افضل تلك الاخلاق والعادات الجيدة وينشرونها في مجتمعاتنا ولكن في الوقت نفسه ان من مزايا هذه البعوث والاقامة والاختلاط مع تلك المجتمعات ان تعرف سلبيات ما يسود في تلك المجتمعات ورأيهم فيها, فالنظام الاشتراكي بحسب افكار الاحزاب الشيوعية او العالمية التي كانت حاكمة لاقطارها على الرغم من كل ما حققته لشعوبها من تقدم اقتصادي واجتماعي كانت ترافقه دائمًا وبسبب التخطيط المركزي لكل صغيرة وكبيرة وبسبب الشمولية في الحكم وقيادة الحزب القائد او الحاكم, افرز هذا النظام البيروقراطية البطيئة في العمل والتنفيذ والتباطؤ في الادارة وعدم تحديثها وتطوير قدرتها في اداء الاعمال وكفايتها, وقلة في عرض السلع لا يتناسب مع الطلب الفعال الذي اوجده النظام الاشتراكي وسياسة التشغيل الكامل أو لابطاله في المجتمع على الرغم من ضعف الاجور, افرزت هذه الظواهر او الاسباب شيوع ظاهرة الرشوة وتفشيها في مؤسسات الدولة واداراتها طول مدة اربعين عامًا ساد فيها النظام الاشتراكي وحكم الحزب الشيوعي, وكم كان يمتعض ويتذمر ابناء الشعب البولوني من هذه الظاهرة وغالبًا ما كان يسخرون من الرشوة في مؤسسات الدولة وادارتها بأن الاعمال فيها لا تسير الا بالرشوة بمختلف صورها او كانوا يلمحون الى ضرورتها بالمثل الدارج لديهم (نيه سمارويه نيه يادو) ( الميدهن ما ياكل). أراني اسهبت في توضيح ذلك المثل الساخر الشائع في بولونيا كما سمعته ورأيته بعيني ولكن مقدمتي هذه ذكرتها لاوضح لقارئي العزيز , اني عند مغادرتي العراق في بداية السبعينيات لم يكن للرشوة في بلادنا أي وجود, وهي إن وجدت فكانت ظاهرة محدودة ومنبوذة لا يمارسها ولا يقبل بها إلاّ ضعاف النفوس في مؤسساتنا الحكومية ولكننا بعد عودتنا الى القطر وجدناها شائعة ومقبولة في العديد من مؤسسات الدولة او بدت متعارفـًا عليها ليست معيبة بل محرمة كما كانت ايام زمان, هذا في بدايات الثمانينات وكان العراق مايزال في مقدمة الدول الغنية بثرواتها النفطية الوافرة في موجوداتها النقدية, لكن الحرب ها قد بدأت وباشرت في اكل الاخضر واليابس وتحول ابناء الشعب العراقي شيبًا وشبانًا وقودًا لها وهكذا احرقت المليارات من الاموال وازهقت الملايين من الارواح, فشحت الاموال وبدأنا بالتقشف والاقتصاد بعد ان كان الهدر والتبذير هو الشعار, فتحولت الامور من رشاوى وحصص على اكبر الصفقات حتى بدأت الرشاوى تقبل بأبخس الاثمان , ومن حرب الى حرب ومن تقشف الى حصار دام سنوات ومن ايرادات او موازنة لا تعرف كيف تصرف او تدار وبدأت ظاهرة الرشوى تعم وتزداد وتصبح عرفــًا وثقافة وليس فسادًا, وفي ظل رقابة ادارية ومالية ضعيفة غير كفوءة ولا يؤخذ لها أي حساب اصبحت الرشوة تعم البلاد, واصبحت ادلتها لا تحتاج الى اثبات, وشاع عرف او مثله بين المتعاملين بها من عاملين في الدولة او متعاملين بها (مشيلي ومشيلك) او (طلع لي وطلع لك) او غيرها من المصطلحات التي لا تختلف عن المثل البولوني (نيه سمارويه نيه يادو) وأن تنوعت واختلفت أشكال الرشوة في ذلك النظام وبعد ان تنفسنا الصعداء بعد انهياره مازالت الرشوة والاتفاقات والتواطؤ والانتفاع بين العاملين والمتعاملين في اجهزة الدولة قائمـًا على قدم وساق لا تتمكن من كبح جماحه أية رقابة كانت أو نوع تفتيش, ومايزال مبدأ (مشيلي ومشيلك) مطلقـًا له العنان, وبعد ان غاب مثل البولون (نيه سمارويه نيه يادو) عن الاذهان مايزال مبدأ (الميدهن ما ياكل) في مؤسساتنا سيد الامثال (كما اعتقد) وعن هذه الحال لدى البولون مثل اخر لو ترجمته لك عزيزي القارىء لانقلبت على قفاك من الضحك الذي هو امر من البكاء.
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
الوساطة احدى أسباب الفساد الإداري
لا يشك الإداري الناجح في الوساطة بانها هي احد أهم أسباب الفساد الإداري الذي ينخر بجسد الدولة العراقية في معظم مفاصلها وأجهزتها ودوائرها ، والحقيقة ان هذا الأمر لا يقتصر على العراق وحده بل يمتد ليشمل أقطار العالم الثالث كلها ، وأسوق هنا مثالاً على استفحالها ، إذ كانت إحدى الطالبات الذكيات من طالباتي في جامعة من الجامعات العربية ترغب في إجراء بحث تقارن فيه بين كفاية طلبة فروع المحاسبة في تلك الدولة لتقف على الأكفأ من بينها ، وكان احد أسئلتها يتضمن الكشف عن المفاضلة بين خريجي الفروع التي تدرس المواضيع المحاسبية باللغة العربية والفروع التي تدرسها باللغة الإنكليزية من حيث تفضيل دوائر الدولة لأحدهما على الآخر ، فكان جواب الطلبة جميعهم بأن التعيين لا علاقة له بهذا الأمر ، وإنما يعتمد على الوساطة ، واتفق جميع الذين شاركوا في الاستبيان على هذه الإجابة بنسبة 100% . أما الوساطة في بلدنا ، فكانت في العهد الملكي تتعكز على الطابع العشائري وأصحاب النفوذ المقربين من العائلة المالكة أو المحسوبين عليها ، وغالباً ما كان فقراء الناس يحاولون الحصول على مبتغاهم عن طريق الوساطة التي يقوم بها هؤلاء ، وكان أصحاب النفوذ في الوقت نفسه يتخذون من فقراء الناس وسائط لهم لدعمهم في الانتخابات الزائفة أو في كيل المديح والتسبيح بعظمة هذا المتنفذ أو ذاك المتطلع للصعود على الأكتاف للوصول إلى مواقع السلطة والنفوذ . وعندما انقلبت الأمور وثار الجيش والشعب في 14/تموز /1958 ، انحسرت هذه الظاهرة ولم يعد للوساطة نفوذ مثلما كان, لأن تطلعات القيادة والشعب لتحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه لتامين العدالة والمساواة قلل من حضور الوساطة في التعامل الإداري ، وذلك لان الثورة وفرت فرص التشغيل والدراسة والعمل والعيش لعموم أبناء الشعب ، فلم يعد للناس حاجة للوساطة بعد ذلك بأي صورة كانت . وقبل الاسترسال في الموضوع علينا ان نشير إلى قضية مهمة جداً وهي ان الوساطة لا يمكن حمل معانيها على الجوانب السيئة فقط وانما أرى أنها ضرورية في أحيان كثيرة ، ولا ضرر فيها ولا سوء ولا سيما إذا كانت غايتها نبيلة مثل إصلاح ذات البين أو لتوضيح الغموض في بعض المسائل الخلافية أو لإعادة حق مسلوب أو إعطاء كل ذي حق حقه . ولكن مع الاسف ان اغلب الوساطات في بلدنا كانت عكس ذلك فهي تهدف الى تغليب المصلحة الخاصة بدون وجه حق, وغالبًا ما تناصر القريب او المعارف الذين لا يستحقون وليسوا ذوي كفاية لاستلام هذه المسؤولية او تلك او الاستحواذ على المناصب من اجل المغانم والمكاسب , كما وانها غالبًا ما تكون لوصول اشخاص الى غايات او اهداف هم ليسوا اهلاً او اكفاء لها . ونجدها تتخذ إبان حكم حزب البعث الطابع الحزبي, والاقليمي الضيق وكانت وسيلة لتبوء الكثير لمناصب او مراتب هم ليسوا اهلاً لها, كما كانت وسيلة للاستحواذ على الكثير مما لا يستحقون وبعد سقوط النظام السابق توقعنا خيرًا بانهاء هذه الظاهرة المفسدة للامور بصورة خطيرة, لاحظناها تعود (بعد سقوطه) شيئًا فشيئًا وبلبوس ومظاهر مختلفة لتستفحل مرة اخرى على اداء اغلب اجهزة الدولة وتعود لتظهر بوجهها القمى واحدة من اهم اسباب الفساد الاداري المستشري في بلدنا مع الاسف, فيا ايها المسؤولون في بلدنا العزيز انبذوا الوساطة التي تبغي اعطاء حق لمن لا يستحق واعملوا على ان تكون الوساطة احدى وسائل اعطاء الحق لمن يستحقه واداة لانهاء الفساد الاداري وليس الى استشرافه. اللهم وفق الجميع في التوسط لما هو فيه خير الجميع ورقي عراقنا العظيم أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
إصلاح التعليم العالي في تركيا وإصلاح التعليم العالي في العراقلطالما كانت ليلة الخميس ليلة سعيدة لي لأن اليوم الذي يليها يكون يوم الجمعة ، فأستطيع خلالها السهر حتى ساعة متأخرة ، ولا أفكر في الاستيقاظ مبكرا . كنت أستغل ذلك المساء في القراءة ، ومراجعة بحوث الطلبة ، وتصحيح أوراقهم الامتحانية ، وغيرها من النشاطات، وغالباً ما كنت أضع الراديو الصغير بالقرب مني لسماع الأخبار ، وخاصة خلال عقد الثمانينات في القرن الماضي ، حيث كانت الاوضاع الساخنة والحرب العراقية الايرانية مستمرة ومستعرة . في أحد الليالي توقف مؤشر الراديو على محطة صوت العرب ، حيث نشرة الاخبار ونبه المذيع المستمعين قائلاً :- ( وبعد نشرة الاخبار أعزائي المستمعين سنستمع الى تقرير مراسلنا العلمي في تركيا وسيكون موضوع حديثه هذه الليلة أصلاح التعليم العالي في تركيا ) وضعت الكتاب جانباً وانصرفت لمتابعة الأخبار ، متشوقاً لسماع التقرير الذي يتناول موضوع مهم لدينا في العراق ، وهو أصلاح التعليم العالي والبحث العلمي . أنتهت النشرة وبدأ مراسل إذاعة صوت العرب العلمي بالحديث فقال :- فكرت الحكومة التركية بإصلاح التعليم العالي لأهمية هذا القطاع ودوره الحيوي في النهوض الاقتصادي والاجتماعي ، واتفقت على تكليف الاستاذ الدكتورأحسان الدوه غرمجي في إجراء ذلك ، ومنحته الصلاحيات كافة ، ووفرت له الامكانيات اللازمة كافة ، والأستاذ إحسان الدوه غرمجي هذا أستاذ الطب في جامعة السوربون ، ذو ثروة مالية جيدة ، وهو عراقي الأصل من مدينة كركوك ، ولطالما استضافه الدكتور عبد العزيز الدوري رئيس جامعة بغداد سابقاً خلال فترة الستينيات من القرن الماضي أستاذاً زائراً فيها ، للإفادة من خبرته بمحاضرات مهمة يلقيها على طلبة جامعة بغداد. فماذا عمل الأستاذ احسان الدوه غرجي ؟ وماذا خطط ؟ عزيزي القارئ كما كان يقول مراسل صوت العرب، يملك الدكتورأحسان الدوه غرجي جامعة خاصة هي جامعة (حاجة تبة) للطب والهندسة ، فقام بإعادة تأهيلها وأستكمل ملاكها العلمي والفني والاداري بأفضل الاساتذة والمتخصصين والفنيين ، وجهزها بأفضل الأجهزة والمعدات والمواد والكتب والمجلات العلمية وكل ما تحتاجه مثل هذه الجامعة من مواد ومستلزمات ، وحرص على أن تكون نسبة الطلبة للتدريسيين في كلية الهندسة عشرة طلاب فقط في الشعبة الواحدة ، والطب ستة طلاب فقط ، وأضاف المراسل أن هذا العدد القليل او الذي هو وفق النسبة العلمية الصحيحة جعل التدريسي أخاً للطلبة ، ثم وقف الدوه غرمجي جميع ممتلكاته وثروته لهذه الجامعة ، ولم يبق يملك سوى بيته الصغير الذي اوصى ان يكون بعد وفاته ملكاً للجامعة . هذا هو الأنموذج الرائع الذي أقامه الدكتور أحسان الدوه غرجي لأصلاح التعليم العالي في تركيا ، ثم أوصى الحكومة التركية ان تكون جامعة ( حاجة تبة ) جامعة حكومية ان استطاعت الحكومة ان تجعل مستوى جامعاتها الحكومية بمستوى جامعته جامعة ( حاجة تبة ) وبذلك أنهى مراسل اذاعة صوت العرب العلمي في تركيا حديثه العلمي . لا اخفي عليك عزيزي القارئ ألمي الشديد على حال التعليم العالي والبحث العلمي في العراق عند سماعي الحديث ، والذي لا زال كما هو حتى ألان ، وأنا في ذلك لا أنتقص أبداً من كفاءة وعلمية هيئات التدريس في جامعاتنا ـ شيباً و شباباً ، أساتذة أو مدرسين مساعدين ـ ولا من كفاءة وشوق طلبتنا للدراسة والبحث ، بل العكس فأني دائم الثقة بما يتمتع به تدريسيونا من إمكانيات علمية وما يمتلكه طلبتنا من رغبة في نهل العلم مهما صعب او صعبت الظروف، وانا على علم وثيق بذلك طيلة نصف قرن قضيتها في التعليم العالي ـ هي عمر التعليم العالي الحديث في العراق بالتمام والكمال ـ إنما ألمي وحسرتي كانت ـ ولا زالت ـ على ما أعده ذلك العبقري التركي العراقي الاصل من أنموذج رائع لاصلاح التعليم العالي في تركيا، فأين هو أنموذجنا في العراق . ولن أحدثك عزيزي القارئ عن إصلاح التعليم العالي الاهلي او الخاص ، بل إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي الحكومي في العراق ، لأن التعليم الخاص في العراق مازال يحبو ويزحف خلف التعليم العام او الحكومي ، ولن يصل إلى مستواه إلا بجهد جهيد من جميع جوانبه ونواحيه لعشر سنوات قادمة ( وهذا رأيي الخاص ) اما التعليم العالي العام فهو مشكلة المشاكل. وسأتحدث عنها بالتفصيل لأورخ هذا الجانب الذي بات خطيراً ، والذي أعتقد أن الحديث فيه واقتراح الحلول له بات ضرورياً ، فضلا عن انه واجب علمي ووطني ينبغي ان يتصدى له مسئولو وأساتذة التعليم العالي كلهم ، وأصحاب القرار في الدولة والحكومة ، وعلماء العراق في الاختصاصات المختلفة التي لها علاقة ومساس بمؤسسات التعليم العالي ومؤسسات القطاعات الأخرى ، وذلك لوضع استراتيجية متكاملة وهادفة لأصلاح التعليم العالي والبحث العلمي ، يكون بعدها قادراً على السير في الطريق الصحيح ، ولا يحتاج إلى ندوات وسياسات أو مؤتمرات او أوراق لإصلاحه ، لأن هدف هذا القطاع ومؤسساته بجامعاته وهيئاته هو اصلاح جميع قطاعات المجتمع الاقتصادية الانتاجية والخدمية ، ورفدها بالموارد البشرية المؤهلة . وإن سألتني عزيزي القارئ : وما هو رأيك ؟ أو أدلو بدلوك وبيان ما تقترحه لاصلاح هذا القطاع الذي قضيت نصف قرن من عمرك في خدمته ؟ فسأوجز ما لدي بالآتي : أولاً / مسيرة التعليم العالي في العراق ومحاولات الإصلاح لم يكن التعليم العالي في العراق ممثلاً بجامعة بغداد ومن ثم بجامعة الموصل وجامعة البصرة وحتى أستحداث وزارة التعليم العالي والبحث العلمي سنة 1970م بحاجة إلى أصلاح ، وبغض النظر عن بعض السلبيات البسيطة التي ليس لها شأن ، لأن مسيرة تلك الجامعات منذ تأسيس أمها جامعة بغداد سنة 1957 وحتى انفصالهما ( الموصل والبصرة ) في 1/4/1967 لم تكن ـ جميعاً ـ بحاجة إلى إصلاح ، ومسيرتها عموماً رصينة وقويمة وذلك بفضل ما كانت ترصده لها الدولة من منح مالية ( وليس تخصيصات كما صار لاحقاً ) والاهم بفضل مسؤوليها جميعاً ،الأساتذة العلماء حملة أرقى الشهادات من مختلف الجامعات الرصينة من مختلف البلدان الراقية ، ولا أنسى أن اذكر ان جامعة بغداد التي بدأت بعض اقسامها تمنح الماجستير والدكتوراه قبل اكثر من اربعين سنة، ورغم ما أصاب جامعة بغداد من خلل في هيكليتها الجامعية وتشكيلتها الادارية بسبب دراسة خاطئة نفذت سنة 1968. وبالرغم من بدء التسلق الحزبي للقيادات العلمية في الجامعات ولكنها لم تكن واسعة وحذرة ، وذلك لثقل وعلو مستوى هيئات التدريس فيها ـ بما فيهم غير العراقيين ـ فبقي مستوى التعليم العالي عالياً ، وحتى بعد تأسيس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي سنة 1970 وصدور قانونها الاول الرصين فأن واقع التعليم العالي والبحث العلمي بقى رصيناً . وجاء المؤتمر العلمي الاول للتعليم العالي والبحث العلمي سنة 1972 لترصين التعليم العالي وتعميق البحث العلمي . ثانياً / ندوة اصلاح التعليم العالي الاولى سنة 1981 بعد عقد السبعينيات وما مر بالعراق من أحداث ، وبعد بدء الحزب القائد والواحد في حملة التسييس والكسب الحزبي وابتعاث وعودة الكثير من الكفاءات التي كان ينبغي عليها أن تقدم الطاعة والولاء ، وبعد اندلاع حرب عرفت بدايتها و لم تعرف نهايتها ، عقدت في ربيع سنة 1981 ندوة اصلاح التعليم العالي والبحث العلمي الأولى ، وما تمخض عنها كان واضحاً لا يحتاج الى برهان ، فهي لم تحقق الا تغيير الوزير الذي وعد بلامركزية التعليم العالي ، فإذا به يحول التعليم الى ادارته المركزية ، وكذلك العودة الى النظام التعليمي السنوي والغاء نظام الفصول ، فكان ذلك القرار رجعة سريعة الى الوراء ، ولم يتحقق خلال فترة الخمس سنوات في عقد الثمانينات أي شي يمكن ان يذكر لصالح ندوة الإصلاح ، أما ما لحق بأعضاء هيئة التدريس من شتى صفوف الخوف والارهاب السلطوي فهو ما يحتاج الى الف مقال . ثالثاً / ورقة اصلاح التعليم العالي والبحث العلمي سنة 1989 اما هذه الورقة التي اعدتها دوائر وزارة التعليم العالي من مسؤولي ديوانها ، أو بمساهمة من كانوا يعلمون ان ما سوف يكتب يجب أن يكون ـ حسب المرام ـ فأنها ( وحسب رأيي ) من اكبر مهازل الوزارة في ظل ذلك النظام، وان كان من المؤكد ان هناك نسخا من ذلك الكتاب الذي يحتوي تفاصيلها تجدها عزيزي القارئ تتركز في محاور ثلاثة هي :- 1 . جامعة بغداد . 2 . التدريسيون من خريجي الدول الاشتراكية . 3 . التدريسيون من خريجي الجامعات العراقية . لقد كانت تلك الورقة تشير الى ان اصل البلاء في التعليم العالي وتخلفه هو جامعة بغداد ( فتصور ذلك ) لأن ضخامتها وتوزعها على أنحاء مختلفة في بغداد يجعلها متخلفة في الاداء ، ولا اعلم ما علاقة هذا بذاك ؟ ولماذا نسى واضع الورقة أن جامعة بغداد أدارت جامعة الموصل والبصرة قبل تأسيسهما ؟ وأدارت لاحقاً ـ لفترة ـ جامعة السليمانية ، وولدت من رحمها مؤسسة البحث العلمي وهيئة المعاهد الفنية ( كما كانت تسمى آنذاك ) . أما مسألة التدريسيين خريجي الدول الاشتراكية ، وعدَ وجود نسبة كبيرة منهم في الجامعات العراقية أحد أسباب هبوط كفاءة التعليم ، فلم تأتي هذه الورقة بجديد ، بل سارت على نهج ذلك النظام ، وكأن الوزارة نفسها لم تكن هي التي بعثت اغلب هؤلاء الذين تعزو الورقة ضعف التعليم العالي إليهم إلى تلك البلدان ، أو أنها لم تقبل ايدي مسؤولي تلك البلدان لعقد الاتفاقيات، الا اذا كانت تلك الاتفاقيات هدفها السفرات وقضاء اجمل الأوقات في مصايف أو مشاتي تلك البلدان . أما السبب الثالث الذي ذكرته الورقة فلم يكن الا مثيراً للعجب والاستغراب، فبدلاً من ان تشيد الورقة بجهود الجامعات العراقية ورصانتها وكفاءة اساتذتها وجهودهم في الاشراف وتخرج حملة شهادة الماجستير والدكتوراه لرفد الجامعات والمؤسسات وبأعلى الكفاءات ، عدت كل خريجيها من اوطأ المستويات، وبما يثير أكثر العجب والاستغراب أن أغلب معدي الورقة قد ساهموا وشاركوا في الاشراف وقبضوا اجور المحاضرات والمكافآت على جهودهم المضنية في الاشراف ، إلا إنهم اتهموا الخريجين بضعف المستوى في تلك الورقة البائسة ، وإنهم من احد اسباب هبوط كفاءة الأداء عند ذاك . ولا أخفيك عزيزي القارئ ان اغلب من دعي للمشاركة ( كما سمعت ) قد صفق لذلك الهراء “ مع الأسف “ لان من لا يصفق سوف يلحق به ما يلحق من شر وبلاء ، كما ولا اخفيك عزيزي القارئ اني حمدت ربي كثيراً الذي انقذني من شر واضع تلك الورقة ، الذي كاد ان يقتلني خنقاً في إحدى ليالي آب اللهاب لأني لم اصفق لورقته ووجهت لها الكثير من الانتقاد ، وقد علمت أن الوزير الذي امضى ثلاث سنوات ولم ينجز الا تلك الورقة ( التي امر الوزير الذي تلاه ان ترمى في صندوق القمامة كالأزبال ) عندما عرضها على رئيس او قائد النظام وسأله إن أردنا تنفيذها فكم نحتاج من الاموال ؟ اجابه الوزير بأنه لا يعلم فطلب منه رئيس ذلك النظام ان يحسب الحساب ويجلب الارقام فاستلمت أمراً بأعداد الحساب ولكنني بطبيعة الحال لا أستطيع الاعتذار فأجهدت نفسي اسبوعين من الزمان بعمل متواصل ليل نهار لتحديد المقدار ولكن ما خصص لتنفيذها لم يكن ولا حتى افلاس( جمع فلس) . رابعاً / خطة اصلاح التعليم العالي سنة 1992 بعد فرض الحصار على ابناء هذا الشعب الفقراء ، وبعد أن بدأ التدريسيون يفكرون بالهروب، وبعد ظهور الحاجة لفتح جامعات جديدة ، وتوقف قبول الطلبة المبعوثين خارج العراق ، ولحصول كثير من الاخفاقات في مسيرة التعليم العالي ـ وقد تكون هناك اسباب اخرى لا يعلمها الا الله ـ عقدت تلك الندوة الشهيرة والخاصة بأصلاح التعليم العالي والبحث العلمي ، والتي ترأس جميع جلساتها رئيس ذلك النظام ، ودار فيها ما دار من كلام في اصلاح التعليم العالي في العراق ، ورغم سخونة الحوارات وتحمس المشاركين للأصلاح وتحدي الحصار ، ورغم ما أوصى به رئيس ذلك النظام بضرورة رعاية اعضاء هيئة التدريس والاغداق عليهم بالرواتب والمخصصات وغيرها من المكرمات ، إلا أن ما حصل هو منحهم حفنة من الدنانير التي كانت قيمتها تتطاير في الهواء ( أو أنها أشبه ببيض اللقلق الذي يباع للأطفال ) اما بقية ما اوصى به من أغداق ، فلم يعر احد له بال واعتقد انه لو قال لهم اجمعوا اعضاء هيئة التدريس وكبلوهم بالأغلال لنفذوا ذلك بلحظات . لم تسفر تلك الندوة عن نتائج ايجابية الا التوسع في الدراسات العليا للتعويض عن البعثات ، ورغم المعارضة الشديدة لكن اعتمد هذا المساق لتحمس رئيس النظام له ، ولكن هل استفادت الجامعات العراقية من مخرجات هذا التوسع ؟ وهل تحقق له ما كان يجب من إمكانات ؟ إني اعتقد أن ما تحقق من نجاح كان بفضل جهود التدريسيين والطلاب اولاً ، وللجامعات نفسها وبموازنتها الشحيحة ثانياً، ولكن كان اغلب الخريجين من حملة الماجستير والدكتوراه ـ ومنهم عدد لا يستهان به من النساء ـ قد اعد العدة والحساب للسفر في اول فرصة ممكنة للعمل في دول الجوار . خامساً / المؤتمرات والندوات المعقودة للفترة من 1992 ولغاية الوقت الحاضر عندما كنت اعمل في احدى الجامعات خارج العراق ـ حتى قبل انهيار النظام بشهر من الزمان حيث عدت للعراق لمشاركة الاهل والاقرباء في قد ما يصيبهم من بلاء ـ سمعت أن مؤتمراً قد عقد في احدى السنوات ولكنه لم يعن التعليم العالي والبحث العلمي على الخروج مما هو عليه من حال ، أما ما جلب له من اتفاقيات النهب مقابل الغذاء ، أو بفضل تهريب الاموال فأن اغلبه من أسوأ المناشئ والماركات، وكان المسؤولون عن ذلك الاستيراد والتسويق او طرائق التجارة والمفاوضات ثم ابرام الاتفاقيات قليلو الخبرة والاختصاص ، وهذا هو السبب الرئيس لعدم كفاءة الاجهزة والالات والمواد التي وردت للجامعات والهيئات بموجب تلك الاتفاقيات ، ولا أتهم احداً بسبب اخر من الاسباب . أما بعد انهيار النظام وقيام نظام آخر ، فقد عقدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مؤتمراً سنة 2004 واستطيع أن أؤكد جازماً انه كان كلاماً في كلام ، لان الجامعات والهيئات وكلياتها واقسامها العلمية بقيت بحاجة إلى كل شئ خاصة بعد ما أصابها من خراب وان ما حصلت عليه من اموال ومساعدات أعانها على الوقوف على يديها ـ وليس على رجليها ـ بعد أن كانت تقف على راسها في سنوات ذلك النظام المنهار . هذا وان طلبت مني عزيزي القارئ إيضاح ماذا حصل بعد ذلك من جهود ومحاولات لاصلاح التعليم العالي والبحث العلمي في العراق فأني سوف اذكرها ضمن مقترحاتي في الإصلاح ، التي تحتاج لتنفيذها عقدا من الزمان ـ في أقل تقدير ـ وليس لأسابيع أو أشهر من الزمان ، لأن ذلك ضرب من الخيال ، لذلك أرى أننا إن رغبنا في أصلاح التعليم العالي والبحث العلمي فينبغي ان نعمل بالاتي :- 1. اختيار القيادات العلمية والادارية المسؤولة في ديوان الوزارة والجامعات والهيئات إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي ـ وكما تحدثت في المقدمة ـ يتطلب أن يكون من يكفل له قيادة التعليم العالي في ديوان الوزارة ، أو في الجامعات والهيئات والكليات والأقسام العلمية ، ممن هم في اعلى المستويات والرتب العلمية ـ وكما ذكرت ذلك بصورة مفصلة في مقالتي الموسومة ( أستقلالية الجامعات العراقية بين الواقع والطموح ) ـ وبدون ذلك سيحصل لبس او أرتباك لقلة تجربة من يتولون ادارة التعليم العالي ، فأن لم يكونوا من ارقى المستويات ـ بالنزاهة والعلم والانضباط والخبرة المتكاملة بالقانون والادارة والمال ـ فلا فائدة من اسناد هذه المناصب لأي منهم ، سواء أكان ذلك بالانتخابات الحزبية ، أم المحاصصات ، أو المخاصصات ، أو أي نوع من انواع الولاءات ، لأن على من ينبغي أن يشغل مثل هذه المناصب أن يكون متكامل الكفاءات وليس الولاءات او غيرها ، كما حدث في عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات ، حيث انيطت بالحزبيين قليلي الخبرة والكفاءة . وما حصل بعد انهيار النظام فأغلب هذه المناصب في قيادة التعليم العالي والبحث العلمي سلمت على وفق انتخابات لا قانون لها ولا أساس ولا أي باب، وفاز بها غير قليل ممن لا خبرة ولا مؤهلات ، ولا زالت أغلب التعيينات لا تعتمد الشروط القانونية ولا الاعراف الجامعية ، وما دواء هذه المشكلة الا بأعتماد مبادئ الانتخاب التي سطرت في قانون التعليم العالي والبحث العلمي الموضوع أمام انظار مجلس شورى الدولة لبيان الرأي وليأخذ دوره للتشريع في مجلس النواب .
2. مستوى الطلبة مخرجات وزارة التربية ومدخلات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ان مخرجات قطاع التربية من الطلبة هي نفسها مدخلات التعليم العالي ، لذلك لا يمكن ان تكون مخرجات التعليم العالي عالية المستوى حين تكون مخرجات التربية هابطة المستوى والعكس بالعكس . وهذا يعني أن يرتفع مستوى التربية في المدارس الابتدائية والمدارس الاعدادية لأفضل مستوى ممكن ، وان يدخل الطلبة الجامعة وقد استوعبوا دروسهم في الاعدادية بأفضل المستويات ، وان يكون أستعدادهم واهتمامهم بالدراسة الجامعية وأختيارهم مناسبا لمؤهلاتهم ، وان يعلموا أنهم في الجامعة في حرم آمن ، وان الجامعة أخت الجامع ، لذا يجب أن يتصفوا بأعلى مستويات الأخلاق ، وان ينكبوا على الدرس والبحث بالعقلية الجامعية المتميزة ، لا بالتلقين والحفظ دون التفكير والتأمل والمناقشة والحوار مع أساتذته وبكل ادب واحترام ، وبعكسه لا يمكن ان يكون هناك استعداد علمي مناسب للدراسة الجامعية ، وهو ما سوف يؤثر على مستوى المخرجات من الجامعات أو الهيئات . 3. أعضاء هيئة التدريس ومستواهم العلمي لا شك ان هناك عوامل كثيرة أثرت على مستوى هذه الهيئات منها شمول البعثات والزمالات والاجازات الدراسية غير المؤهلين لها بمستوى عال ، ولثلاث عقود مضت ، ومثل ذلك يقال عن بعض من قبلوا في الدراسات العليا داخل العراق ولم يكونوا مؤهلين لها، لذلك يقتضي الامر أن نرفع مستوى أعضاء هيئة التدريس لأعلى مستوى ممكن ، من خلال الدورات التطويرية داخل العراق وخارجه ، وتهيئة السبل المختلفة التي تساعد على رفع مستوياتهم العلمية والتعليمية، فضلاً عن ان يكون أعداد التدريسيين موافقاً للنسب العلمية المعتمدة عالمياً ، والتي أصبحت من البديهيات ، وهي التي تؤكد على أن تكون نسبة التدريسيين الى الطلبة (1/20 ) في الدراسات الانسانية و ( 1/10 ) في الدراسات العلمية والتطبيقية و ( 1/6 ) في العلوم التطبيقية، وهذا ما يتطلب ان يتوفر في جامعاتنا الاتي :- 1. التدريسيون الموافقون لتلك النسب . ومن المعروف أن جامعتنا كانت لحد سنة 2005 تعاني من قلة التدريسيين الى درجة كبيرة ، وان اغلب التدريسيين الذين على الملاك كانوا يعانون كثيراً من كثرة المحاضرات الاضافية يكلفون بها ، أو التي يرغبون تدريسها لأسباب مختلفة ، في حين كان هناك الآلاف من حملة شهادة الدكتوراه والماجستير دون عمل ، على الرغم من الحاجة الماسة لخدماتهم في الجامعات والهيئات . إلا أن قيام وزارة التعليم العالي سنة 2005 و2006 بحملتها الواسعة والموفقة في التعيينات خفف كثيراً من قلة اعضاء هيئة التدريس ، وهو الأمر الذي يتطلب أن ينظر له من زاوية الحاجة المستقبلية لهم ، بهدف رفع مستوى التعليم العالي لأفضل صورة ممكنة ، من خلال إجراء الآتي :- أولا : التوسع في الدراسات العليا مع ضمان رصانتها لأرقى مقام . ثانياً : التوسع في البعثات والزمالات الدراسية والاجازات الدراسية خارج العراق خصوصاً ، والإسراع في تنفيذ البرنامج القائم الان . ثالثاً : تحديد احتياجات التعليم العالي بصورة مستمرة ، وحسب التوسعات الحاصلة او التي تحصل فيه ، لتكون مخرجات تلك الدراسات قادرة على توفير التدريسيين المناسبين بصورة مستمرة . رابعاً : الاخذ بنظر الاعتبار احتياجات القطاعات الاقتصادية والخدمية الحكومية والخاصة في القطر لحملة الشهادات العليا ن والعمل على توفيرها . ولا ننسى ضرورة سد الشواغر في الملاكات العلمية بجامعاتنا بالأساتذة الكبار من الجامعات العربية والأجنبية ، تعيينا أو استضافة كأساتذة زائرين ، للإفادة من خبراتهم وعلو مستوياتهم العلمية ، واطلاع التدريسيين العراقيين على تلك الخبرات . 4. الفنيون والاداريون تخطئ الكثير من قيادات التعليم العالي والبحث العلمي في العراق عندما يعتقد القائمون عليها أن لا أهمية لأن يكون العاملون في ديوان الوزارة او في الجامعات والكليات والمعاهد ودواوينها من الفنيين والاداريين . وقد كان لهذا الاعتقاد اثره السلبي جداً في هبوط كفاءة أداء هذه المؤسسات ، فهي التي ترفد جميع القطاعات الاقتصادية بالمؤهلين من حملة الشهادات ، فهل يعقل أن تُدار أعمالها بمن لايمتلكون القدرة والتأهيل الكافيين ، في حين لايجد الأوائل من خريجيها مكانا للتعيين فيها في حين تعج بفنيين وإداريين بمستويات هابطة في التأهيل والأداء . إن ما قامت به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السنتين الاخيريتين بتعيين العشرة الأوائل من الخريجين ، قد حقق وسيحقق رفع كفاءة اداء الجامعات للأعمال الفنية والإدارية ، وسيكون في الوقت نفسه خير رافد للدراسات العليا في الداخل والبعثات خارج العراق مستقبلاً. 5.الاستقلالية العلمية والادارية والمالية يخطئ من يظن ان الجامعات والهيئات العراقية ليست لديها استقلالية علمية او ادارية او مالية، أو لم تكن قوانينها وانظمتها تتضمن الأحكام الكفيلة بتحقيق تلك الاستقلالية . ولو نظرنا إلى قانون التعليم العالي والبحث العلمي النافذ ، أو القانون الذي ينتظر دوره للتشريع ، نجد ذلك واضحاً بصورة لا لبس عليها ولا غبار، وقد تناولت ذلك بالتفصيل في مقالتي الموسومة ( استقلالية الجامعات العراقية بين الواقع والطموح ) حيث كانت تتضمن التفاصيل والمعلومات والمقترحات كاملة في هذا الموضوع ، ولكني أعود وأؤكد أن رفع مستوى التعليم العالي والبحث العلمي ان ترصن هذه الاستقلالية ويمارسها الذين منحت لهم ولا يكتفون فقط المناداة بمنحها ، فهي موجودة واضحة في القوانين ، إلا إني اقر بأن بقاء الجامعات والهيئات بموازنة مالية سنوية شحيحة سيكون له أسوأ الآثار على الأداء ، وأسوأ الآثار على حقيقة استقلالية هذه الجامعات والهيئات العلمية والادارية ، وليس المالية فحسب . 6.استراتيجية الوزارة في المستقبل فيما عدا ما يتطلب تحقيقه من اهداف استراتيجية في قانون التعليم العالي والبحث العلمي إلا هناك ما يتطلب سرعة الانجاز :- 1- الاستمرار في استكمال الملاكات العلمية من التدريسيين حملة شهادة الدكتوراه . 2- الاستمرار بالتخطيط والتنفيذ لفتح جامعات وكليات ومعاهد حسب احتياجات المحافظات ومناطق مختلفة في العراق . 3- الاستمرار في اطلاق البعثات العلمية خارج العراق للاختصاصات عالية التخصص والمجالات . 4- الاستمرار في فتح الدراسات العليا لمستويات الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه، وترصين مستواها بما يرفد الحاجة اليها في التعليم العالي وقطاعات الدولة المختلفة الاخرى . 5- العمل على تحسين وزيادة ما يخصص في موازنة الدولة من تخصيصات استثمارية لتوفير المباني والمنشآت الجديدة التي تحتاجها الجامعات والهيئات واعادة تأهيل القديم منها . 6- العمل على أنهاء معاناة الجامعات والهيئات من شحة التخصيصات المالية في الموازنات التشغيلية ( عدا الرواتب ) التي باتت تؤثر بشكل سلبي على مسيرة التعليم العالي والبحث العلمي . هذا وفي ادناه احتياجات الجامعات والهيئات التابعة للوزارة والتي ينبغي توفيرها عن طريق تخصيص الاموال في موازنة الدولة .
7. تحفيز وتشجيع الأنشطة العلمية والجامعية الأخرى إن التعليم العالي والبحث العلمي لا تقتصر أنشطته على ما ذكرنا في الفقرات السابقة أعلاه، بل لإصلاحه بصورة شاملة ما ذكرنا في الفقرات السابقة أعلاه، لكن ينبغي عدم إغفال تحفيز الأنشطة العلمية والجامعية الأخرى ، في تخصيص الأموال في موازنات الجامعات والهيئات اللازمة لتنفيذها فضلاً عن تكليف مسئولين علميين وإداريين أكفاء ومتميزين للإشراف على التنفيذ ، وإشراك جميع التدريسيين في الجامعات والهيئات لتفعيلها ، ويمكن ذكرها بتركيز كالآتي :- 1- وجود تعليمات مناسبة لاستضافة الأساتذة والخبراء الزائرين من الجامعات الرصينة وصرف الأجور والمكافآت والاستضافة اللائقة . 2- تشجيع التفرغ العلمي داخل العراق وخارجه ، وشموله بمخصصات التفرغ الجامعي ، وكذلك أجور السفر من والى الدولة التي يجري بها التفرغ الجامعي . 3- إصدار ـ ودعم إصدار ـ المجلات العلمية المتخصصة الرصينة ، والعمل على إدامة إصدارها وبصورة مستمرة . 4- تحقيق آلية الترابط والتنسيق بين المؤسسات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية العامة والخاصة في إجراء البحوث العلمية من قبل أعضاء هيئة التدريس والفنيين فيها . 5- إقامة المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة في الجامعات والكليات والمراكز العلمية وتوفير التخصيصات المالية اللازمة . 6- تشجيع الأنشطة الرياضية والفنية والمسرحية وغيرها ، وذلك لانعكاساتها المهمة على الأجواء الطلابية ، والتخفيف من الضغوط العلمية والدراسية والاجتماعية عليهم . 7- توثيق الروابط العلمية والأكاديمية بين الجامعات العالمية الرصينة والجامعات والهيئات العراقية وعقد اللقاءات والندوات المشتركة لتأمين الاستفادة من التقدم العلمي المتحقق لديها . هذا ما وددت قوله باختصار ونرجو من الله ان يهدي الجميع لتحسين أحوال التعليم العالي في العراق الذي هو محط اهتمام جميع مسؤولي أبناء العراق ، ولا أعلم ما هو السر في عدم تأمين الأموال اللازمة له ليرقى لأعلى مقام ، رغم وفرة الأموال .
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
أوباما ونبوءة عراقي
ليست الأزمات التي يشدها العراق وشعبه هذهِ السنوات بجديدة عليه فنهاك الكثير منها التي شدها عبر التأريخ ثم تكررت وأن كان ذلك يحدث بعد مئه سنه أو مئتان أو أكثر , الإ أنها بدأت تتكرر خلال سنوات قليله فلذلك كانت أزمة البانزين وأستعمال السياره فردي وزوجي حصلت في بداية الثمانينيات عند قيام الحرب العراقية الإيرانية حيث فرضت تلك الإجراءات لذلك أتفقت في حينها مع أحد الزملاء في نفس الكليه التي كنا نعمل فيها أن نستعمل سيارته في اليوم الذي يسمح فيه للسياره ذات الرقم الفردي بالسير وأن نستعمل سيارتي في اليوم الذي يسمح فيه السياره ذات الرقم الزوجي . كانت تلك الحاله فرصه مناسبه وجميله للتحدث خلال ساعه الأنتقال في السياره من دارينا حتى موقع الكليه ,كانت أحاديثنا في قضايا كثيره ومتنوعه منها ظروف الحرب والأقتصاد العراقي وأمور التدريس والطلبة ووضع الجامعه والكليه والقسم العلمي فضلاً عن المناهج التدريسية وكيفية تحديتها وتطوريها , كما وكانت هذهِ الساعه فرصه أخرى لأطلع منه عن طبيعة الحياة الأقتصاديه والأجتماعيه في أمريكا وكذلك كان يسمع مني الكثير عن طبيعة الحياه الأقتصاديه والأجتماعيه في بولونيا والدول الأشتراكية . في أحد الأيام ذكرت له أننا طلبة قسم الأقتصاد في بداية الستينيات سمعنا كثيراً عن درس التخلف الأقتصادي بأن الأقتصاديون الغربيين يعتقدون أن سبب تقدمهم هو طبيعة أجناسهم البيضاء تتميز بالكفاءة والذكاء وصفات أخرى ساعدتهم أو جعلتهم في قمة التطور الأقتصادي والأجتماعي والرخاء , أما المجتماعات السوداء والصفراء والسمراء فهي تتصف بالكسل والغباء لذلك هي متخلفه وستبقى متخلفه , وأضفت في كلامي أعتقد أن هذهِ الأراء عنصرية هدفها تبرير مامر على هذهِ الشعوب من قهر وظلم وحرمان , في حين أن الشواهد والتأريخ يروي العكس من ذلك , لأن هذهِ الشعوب التي يصفونها بالكسل والغباء قامت فيها حضارات وأنجبت الكثير من المفكرين والمبدعين والعلماء , أجابني بنعم أن ماتقوله صحيح , أنهم غالباً مايسوقون هذهِ الأفكار للأستهلاك المحلي وللتصدير للتبرير أضطادهم لأبناء الشعوب الأخرى سواء بالأستعمار أو الأستعباد كما حصل بالنسبة لزنوج أمريكا , هل تعلم أن هؤلاء الزنوج الذين بنوا أمريكا كم كانوا مستعبدين ومضطهدين ومحرومين في أمريكا التي بنوها ولكن بحكم ماأنعم الرب العظيم على عبده المسكين بنعمة التفكير في مكمنة بالدماغ الذي لايختلف في الخلق بين أبيض أو أصفر أو أسود , أستطاعوا وبعد نيل حريتهم وأنسانيتهم التامة بتأريخ غير بعيد حيث كما نعلم وتعلم أنت أيضاً كان ذلك في أواخر الستينات أي قبل ثلاث عشر عاماً فقط أستمر صاحبي في الحديث وقال لطالما كان هذا الأمر موضوع الحديث والنقاش مع زملائي الأستاذه الأمريكان في الجامعه التي كنت وأقول لهم أن أمريكان السود سيحرقون المراحل والسنين وسينتقمون منكم أنتم على مالاقوة منكم في ظلم وجور وحرمان وتوقعوا أن يكون رئيس ليس ببعيد أن يكون رئيساً لأمريكا من السود , قلت له عجيب غريب , قال سوف نرى ذلك في يوم ليس ببعيد . مرت السنون والأيام ولم تكن طويلة وأنا أتذكر ماقوله صديقي العزيز , سبع وعشرون عاماً فقط وأنا أتذكر نبؤئهِ وتوقعه وها قد حصل ماتوقعه في هذا اليوم 4/6/2008 ليعلن (أوباما) فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي للمنافسه للفوزعلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وسوف لن تنته هذه السنة الآ (وأوباما ) قد أصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية . أن نبؤه صديقي هذهِ كانت من رجل فاهماً وعارفاً بمجريات أمور الأمريكان , ولو كان هنا في العراق لزرته وهنأته على ذكاءه ونبؤته هذهِ التي كان متميزاً في التقدير , ولكنه بعد أن ضاق الأمرين هنا خلال سنتين من عودته من هناك ذو كفاءه علمية عالية المستوى سواء في الشهادة التي حصل عليها من أفضل الجامعات أو الخبره في التدريس حيث عمل لسنوات طوال أستاذ في نفس الجامعة التي تخرج فيها هناك ,عاد الى العراق ليوفي بالعهد ويؤدي نداءه الآ أنه فؤجى بتعيينه براتب بخس وظروف صعبه حيث كانت الحرب تحرق الأخضر واليابس , وكهرباء بين أنقطاع وأرجاع وقصف طيران وزخات الرصاص ويعمل في الكليه يقضي الغرض فيها وقوفاً في الممرات ودولة تصرف المليارات على القصف والدمار ولاتوفر لعلمائها وتدريسيها أبسط متطلبات العمل والإداء , وبعد أن وفروا له منضده كانت في حمام أشتريت في الستينات بثلاثة دينارات , أخبر بأنه في أمكانه أستعمال وجه تلك المنضدة دون المجرات لأن فيها أوراق زميل أخر كان في خارج العراق يعالج من مرض السرطان . عند أنتهاء العام الدراسي حزم أمره وترك كل مالديه من أملاك أوأموال وشد الرحال مره اخرى من حيث أتى وسافر إلى بلاد الأمريكان سود كانوا أم بيض أم حمران ليعمل في نفس الجامعه التي تخرج منها أستاذاً لأداره الأعمال وترك العراق باكياً غير منتظر تكريم أو تؤنين كفاءات مكتفياً بمالاقاه وماراه من عجب عجاب وسيفرح كثيراً عندما تحقق نبؤته ويرى أوباما الأسود رئيساً لأمريكان .
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
ج , ف , م : أخطر أسباب الفساد الاداري والمالي
لم اشأ ان اضع الكلمات صريحة عنوانًا لمقالتي هذه على الرغم من انها حقيقة, كونها عوامل خطيرة تتسبب في الفساد الاداري والمالي في مؤسسات الدولة, وقد لمست ذلك وتحققت منه, وشهدته طيلة مدة خدمتي الطويلة جدًا في الدولة. ولكي لا أطيل على القارئ وادعه يفكر فيما تعنيه تلك الاحرف, اقول , ان الـ (ج) يعني الجنس, والـ (ف) يعني الفلوس والـ (م) يعني المنصب. لقد وضعت المنظمات والجمعيات والمعاهد العالمية المتخصصة في ادارة الاعمال بلدنا في مؤخرة البلدان بسبب الفساد الاداري والمالي , اذ لم ينفع مع هذا السرطان المتفشي ما تضمنته كتب الادارة او المحاضرات الكثيرة التي القيت او البحوث والمقالات التي نشرت فأصبحت اجهزتنا الادارية والمالية في ثلاثين عامًا اشبه ما تكون شجرة نخرتها حشرة الارضة حتى خوى جوفها ولم يتبق على سقوطها الا ريح خفيفة لتقتلعها من جذورها. اعود الى عنوان الموضوع لأوضح كيف ان الجنس يمثل احد الاسباب الرئيسة في الفساد الاداري والمالي, وذلك لان هناك من يولى المسؤولية في بلدنا من دون التحقق من اخلاقه وادبه وانضباطه, ولان هذه المقاييس هي التي تحدد شرف ونبل المسؤول, فلا يلبث بعض المسؤولين ان ينزلقوا في مهاوي الرذيلة, فيخططوا ويسخّروا جهودهم وافكارهم لارضاء الغريزة, فتهمل شؤون المؤسسة او الدائرة, وينصرف مسؤولها الى شؤون اخرى يعدّها اهم بكثير من مسؤولياته التي اؤتمن عليها , وتصبح واجباته الاساسية ثانوية وليست ذات اهمية, ويترتب على ذلك كلة الانصراف والاهمال وعدم الاكتراث للمصلحة العامة, فيبدأ المسؤول بالتغافل عن هفوات مرؤوسيه الذين يتشجعوا على التجاوز والتواطؤ والمخالفة وهذه هي مرتكزات الفساد الاداري والمالي الذي يستشري في المؤسسة وقد يكون هذا المسؤول داريًا بما يجري فيغض الطرف وقد لا يكون داريًا كل ذلك بسبب غرقه بما هو افضع واشنع . ومع ان هذا السلوك قليل الحدوث في مؤسساتنا ودوائرنا لاسباب دينية او اجتماعية الا انه قد يحصل في هذه المؤسسة او تلك وغالبًا ما يسعى من يقع في هذه الرذيلة الى ان يجر امثاله اليه, فشبيه الشئ منجذب اليه. اما السبب الثاني فهو (الفلوس) وهو اشنع من سابقه تاثيراً في الفساد الاداري في مجتمعنا المغلوب على امره ،المقهور على مر دهوره وازمانه ،فالفلوس هي التي نخرت عقول الكثير من مسؤولينا فباتوا لا يميزون بين الحلال والحرام وبين الحق والباطل, او بين رشوة وهدية المهم عندهم الحصول على الفلوس من أي مصدر كان وبأية وسيلة كانت. فان كان المسؤول ممن يبحث عن ارضاء غريزته فهو واقع لا محالة في مهاوي الرذيلة الاخرى, وهي الرغبة في الحصول على الاموال التي لا يكاد يشبع منها, فيبدأ بالتواطؤ والارتشاء, ثم ما يلبث سلوكه هذا ان ينتشر عند من هم على شاكلته في مؤسسته, وهؤلاء يجدونها فرصة ذهبية لاشباع غرائزهم المادية وغير المادية, ويبتعد عنه اصحاب الاخلاق العالية والضمائر الحية , الذين لا يجدون ألذ وامتع من ابقاء نفوسهم طاهرة نقية يباهون العالم بنزاهتهم وعلو همتهم وثباتهم على المبادىء السامية. اما السبب الثالث من اسباب الفساد الاداري التي يحيق بمؤسساتنا, فهو (المنصب) الذي يلهث الكثيرون من اجل تسنمه وارتقائه من دون حق, اصحاب هذا المنهج هم طلاب الولاية الذين يسعون جاهدين للحصول عليها وهم ليسوا اهلاً لها ولا يستحقونها واغلب هؤلاء من الفاسدين المفسدين, هدفهم من المنصب يختصر في المال والجنس. اما اصحاب الحق في شغل المناصب فيأبى احدهم ان يصرح او حتى يلمح بسعيه الى تسنمها وهم يعدون المنصب مسؤولية ثقيلة قد ينوء بحملها الكثيرون, هؤلاء هم الذين يتشرف المنصب بهم ولا يتشرفون به, بل ينظرون اليه على انه امانة في اعناقهم عليهم ان يؤدوها حفاظًا على مكانتهم عند الله والمجتمع. ان هذه الاسباب الثلاثة التي تعد الارضة التي تنخر جسد الجهاز الاداري هي التي تؤدي في نهاية المطاف الى خراب اجهزة الدولة ومن ثم الدولة برمتها. اما اذا سأل سائل عن العلاج الناجح لهذه الاسباب, فان تشخيصها اولاً يعد خطوة اساسية من العلاج فالتشخيص نصف العلاج كما يقولون, وان الدواء في نظري هو ان الوظيفة العامة عمومًا ووظائف ادارة الاعمال خصوصًا ينبغي ان تسنم على وفق اسس ثلاثة اساسية وهي:
1- ان لا يعهد بالوظيفة العامة الا الى اناس شرفاء وذوي ضمائر حية ومن المعروفين بالخلق القويم والسيرة الحسنة. 2- الكفاءة والتخصص العلمي العالي المستوى والموافق لطبيعة العمل والمهمة التي سيكلف بها. 3- الانضباط والالتزام العالي بالقوانين والانظمة الصحيحة لتسيير الامور وضبطها بما يكفل رقي مستوى اداء عمله عمومًا.
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
ماذا سيحصل لو نضب نفط العراق؟
كان ينبغي ان نكتب هذه المقالة عقب قرار زيادة اسعار المشتقات النفطية في العراق التي اثارت الكثير من الجدل والنقاش بين الاطراف الحكومية التي اقرتها قبل شهر من تنفيذها ثم اختلف بعضهم عنها بعد بدء التنفيذ ورفض الاكثرية العظمى من ابناء الشعب هذه القرارات التي لا تعلم بأنها مفروضة على الحكومة بسبب السياسات الاقتصادية التي تضعها الجهات الخارجية المانحة للمساعدات او التي تعمل على خفض الديون والالتزامات على الدولة العراقية المنهار اقتصادها اصلا منذ عقدين من الزمن في الاقل , سواء بسبب الحصار الاقتصادي التي فرض عليه رغمًا عنه ام بسبب السياسة الاقتصادية المتخبطة للنظام السابق الذي انهار في ظله كل شيء تقريبًا. ان الديون المتراكمة والاقتصاد المنهار واستمرار انخفاض العملة العراقية تجاه النقدي الاجنبي سواء الدولار ام غيره فضلاً عن استمرار حالة الفساد الاداري والمالي لجهاز الدولة الذي يستغيث منه كل الشرفاء في العراق ولا تجد اذانـًا صاغية للذين تعودوا او عودوا عليه او الذين ينتظروا اية فرصة لنهش لقمتهم الحرام منه، فأي حال و أي وضع يسعى الكثير من اعداد الشعب العراقي سواء من داخله ام خارجه الى تدمير هذا البلد , هدفهم الاساس الان هو اجاعة الشعب العراقي مرة اخرى والاجهاز على أي جهد لاستعادة الاوضاع الى طبيعتها الاساس واستقرار وضع الاقتصاد لتتمكن أية حكومة شريفة ونزيهة من دفعه الى الامام, حتى يسعد ابناء الشعب جميعًا باقتصاد حر ومزدهر يوفر فرص العيش المناسبة لجميع ابنائه كهوله وشبابه بعد ان أعياهم طول الانتظار. خص الله العراق بثروات كثيرة لا تعد ولا تحصى واهمها ماء الرافدين الذي كان الاساس لنشوء حضارات وادي الرافدين وكان لانسانيته وفكره المبدع عامل لقيام هذه الحضارات التي تفوقت في حينها على جميع الاجناس البشرية, اما النفط الذي هو موضوع مقالتنا هذه فلم نقرأ حتى الان وفي أي مكان ٍ كان أن نارًا ازلية تواجدت فيه بسبب وفرة النفط وانبعاثها من تحت الارض لتوقد نارًا غير نار بابا كركر الازلية, وهذا هو الدليل الاكيد على وفرة النفط فيه منذ الازل . لم تكن بريطانيا هادفة الى تحرير العراق أو احتلاله وإنما كما قال الجنرال (مود) قائد حملة بريطانيا إن احتلال العراق ليس لاجل سواد عيون ابنائه أو لسمار بشرتهم ولكن لنفتش دائمًا في المصالح الاقتصادية التي تهدفها اكبر دول العالم الاستعمارية في ذلك الزمان التي اقتصت ثروات دول العالم التي استعمرتها وشيدت بها حضارتها الاستعبادية لشعوب الدول التي استعبدت بفضل قوتها الضاربة ودهائها السياسي المحنك. نال العراق ومنذ احتلاله أسوء استغلال من دولة بريطانيا العظمى, فأمنت لنفسها اهم ما ينفع اقتصادها من مواد خام بأسعار بخسة لا تسمن شعبه ولا تغنيه من جوع, فكان برميل النفط بشلن واحد فقط (أي ما يعادل درهمًا او خمسين فلسًَا بالعملة العراقية) فهل صحيح هذا سعر النفط في العالم في ذلك الحين والذي أصبح محركـًا لكل الة صناعية او عسكرية, والذي بدا يلـّوح للدول الصناعية بأن مستقبلها واقتصادها معقود له النمو على لواء النفط. هكذا كان سوء حظ العراق وشعبه في ان تنهب ثرواته بأبخس الاثمان وسواء كان الشلن يساوي قيمته ذهبًا وهو ما يذكر لصالح الحكومة العراقية من قبل هذا او ذاك فهو ليبقى أبخس سعر لاثمن سلعه حتى لا يقال انها تنهب ببلاش اذا ما اتى التضخم الاقتصادي الذي يعم اقتصاديات البلدان المتهيأة للحرب او الخائضة لغمارها, عجيب لثروات هذا البلد المسكين وشعبه الصابر لسنين طويلة, واذا ما تنبهت الحكومة او نُبهت الى ان وقف الحساب اتٍ لقريب سارعت للمطالبة بالمناصفة في الارباح فلبي لها هذا المراد بعد ان حصدوا من الارباح ما ملئت الحسابات لشركة نفط العراق (الشركة الاستعمارية) والذي منها العراق ببراء, وبدأت تتوافر الاموال وحولت الى مجلس وزارة الاعمار لبناء قواعد ارتكازية خالٍ منها العراق تمامًا وكان ذلك عين الصواب شهد فيها العراق بفضل ادارة علمية وتقنية شابة ومخلصة وممكنة افضل المشاريع والاعمار وكان في اسبوع الاعمار في كل عام تفتتح المشاريع المنجزة افضل انجاز عشرات وعشرات حتى بدا وكأن العراق قادم على مستقبل ينعم فيه الشعب بالازدهار والاستقرار, ولكن مع استمرار الاعمال على هذا المنوال وتوسع جهاز الدولة وآلاته بموظفين اكثر مما يقتضي الحال فضلاً عن التوجيه نحو تحديث الجيش وزيادة اعداده وآلافه بعد ثورة تموز الخالدة اخذت حصة الاعمار في الاموال بالانخفاض وحصة الاستهلاك بالازدياد فزادت تخصيصات الموازنة الاستهلاكية (الاعتيادية) على موازنة الخطة الاقتصادية (الموازنة الاستثمارية) عامًا بعد عام ولا يمكن وصف هذا الحال بأفضل من وصف الاقتصادي الكبير المرحوم ابراهيم كبة الذي قال عنه في محاضراته اوائل الستينات (بأننا بدأنا نأكل رأسمالنا), وحقـًا انه لوصف بليغ حيث بدأت الاستثمارات في اواسط الستينات وآواخرها وكأنها مجرد ارقام صماء لا تحركها وقائع حقيقية فأصبح اقتصاد العراق راكدًا تسوده حالة الانكماش بعد ان تحولت ايرادات النفط لتمويل موازنة رواتب واجور لموظفين متراكمين في دوائرهم, جزء ليس بقليل منهم يعدّ ايامًا ليقبض راتبًا.
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
سترة البالات وترشيد الانفاق
استرجعت ذكرياتي وارائي وحفزني على الكتابة برنامج الفضائية العراقية في احدى نشراتها الاخبارية ماقدمته من معلومات عن اسـواق البالات (اللنكات) ورخص اسعارها وجودة انواعها وتنوعها كونها واردة من بلاد اجنبية وتساهم في التخفيف من شدة الغلاء وتساعد الفقراء في تدبير امورهم المعاشية (ياسلام) وطبعا لم يتكلم المذيع عن مساوءها وخطورتها على الصحة فذلك شان اخر، وان تسمح لي عزيزي القارئ ببعض دقائق من وقت حضرتك الثمين لاقص عليك شئ من امور ملابس البالات (اللنكات) ففي اواخر الخمسينات وبداية الستينات سمعت من بعض زملائي الموظفين ان هناك مسؤول حكومي او اكثر مشهوران باناقتهما (شياكتهما) وكان الفضل في ذلك يعود الى انتقائهما جزء كبير من ملابسهما من البالات لانها كانت تحتوي على ملابس اوربية او امريكية وهي مفصلة حسب موديلات قد لاتكون موجودة او معروفة في حينها طبعا في العراق ،كما ان هناك شخصا كان ذائع الصيت في بغداد كلها وما زال بسبب غرابة الملابس التي يرتديها ايضا من البالات وجرئته في ارتدائها ،وفي شتاء عام 1964 حيث كان قارصا قاسيا ،شاهدت احد باعة ملابس البالات يعرض معطفا (بردسور) رائعا في اللون وجودة القماش ومطابقا تماما على المقاس وكان المكان قرب نفق الشورجة ولكننا اختلفنا في السعر حيث اصر البائع على سعره وكان اربعة دنانير واصريت انا على سعري وكان ثلاث دنانير وعندما غادرته ووصلت مقابل بناية البنك المركزي (التي احترقت هذا العام) شعرت بالندم حيث ان سعره كان فعلا اكثر من اربعة دنانير فعدت الى البائع لشراءه ولكن ياحسرتاه فقد تلقفه اخر كان افضل مني في تقدير قيمته وقال لي البائع الم اقل لك انه يساوي اكثر من اربعة دنانير ابلغته اسفي وانصرفت وكانت تلك احدى اخطائي حقا والتي لن انسها طيلة خمسة واربعون عاما تقريبا مضت . في احد ايام التسعينات رجوت صاحب محل الخياطة الفنان ان يخيط لي سترة من قماش جيد كحلي اللون ان وجده بعد شهرين اعتذر لعدم عثوره على القماش بالمواصفات المطلوبة فصرفت النظر عن ذلك، وفي اواسط التسعينات عندما كنت اسير في وسط البلد في عمان حيث تكون رقابة عمال الامانة معدومة يوم الجمعة فيخرج باعة البالات بضاعتهم على الارصفة، شاهدت احدهم يعرض سترة بالنوع المطلوب، تناولتها وتحققت انها على مقاسي تماما ،سالت البائع ان كانت من البالات المستعملة ام من البالات الستوك (غير المستعملة ولكنها كاسدة) فاكد انها غير مستعملة ، سالته عن السعر قال دينار اردني (ولو قال بعشرين لاشتريتها ايضا) قلت له غالية فضحكنا سوية ودفعت له الدينار وحملتها بكيس وذهبت الى الدار، وهناك سالؤني الاولاد ماذا اشتريت اعلمتهم سترة كحلية اللون لبستها امامهم وسالتهم هل هي جيدة قالوا جدا وكم ثمنها قلت ثلاثون دينارا، قالوا مناسب جدا حسب الموديل والقماش والاسواق اللندنية الشهيرة التي عليها علامتها، ارتحت من ذلك ولكن بعد ساعتين سالتهم مرة اخرى ان كانوا لازالوا على رايهم بجودة السترة وملائمة السعر، فأكدوا ذلك عند ذاك اعلمتهم بسعرها فقط دينار واحد فاندهشوا وضحكوا على ذلك، تكرر الأمر في الجامعة والكلية التي كنت اعمل بها في عمان واندهش الزملاء من رخصها بالرغم من نوعية القماش الجيدة والموديل والمخزن المشهور المجهز لها .
كنت ارتدي هذه السترة غالبا عندما يحين موعد محاضراتي في الدراسات الاولية او العليا وفي موضوع تخطيط الموازنات الحكومية ومنها موضوع التخطيط والبرمجة ،الموازنة الذي له قواعد متميزة في ترشيد الانفاق واضرب مثلا بتلك الستره وشراءها دليلا على ترشيد الانفاق لاني لو اشتريتها من احدى المحلات التي تعرض الملابس الاوربية لكان سعرها سبعون دولار وان كانت محلية لكان سعرها خمسون دولار ولكن اشتريتها بالصوره التي اوضحها لحضرتك عزيزي القارئ فكان سعرها دولار ونصف فقط وقدمت نفس الخدمات والمنافع المرجوة في الثلاث حالات ولكن فرق السعردليل على ترشيد الانفاق وتوفير الاموال . يبدو ان التجار والمستهلكين العراقين يجيدون تخطيط موازناتهم التجارية والبيتية وفي زمن الحصار وما تلاه من ظروف انفلات في الاقتصاد العام والخاص فلذلك انتشرت في زمن الحصار ولا زالت اطارات البالات وثلاجات البالات، ومكيفات البالات ، وطباخات البالات ، ومدافئ البالات، وغيرها الكثير من انواع البالات، ولكن ما يهمني هنا هي ملابس البالات (اللنكات) ففي الوقت الذي يجب ان تمنع الدولة بالات الملابس المستعملة لانها مليئة بالجراثيم والامراض، فاني ادعو الحكومة لفتح الباب على مصراعيه لاستيراد بالات الستوكات لانها جيدة ونظيفة وانيقة وترشد وتوفر الاموال لفقراء العراق ليشترو باسعار مناسبة لمداخيلهم (أو جيوبهم) كما اشار المذيع، ولحين ما تتفجر جيوبهم من كثرة الاموال التي بدات الحكومة تعدها لكل عام في موازنتها الانفجارية فعند ذاك سوف لن تجلب اسواق اللنكات اي اهتمام انشاء الله .
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
حقاً أن شاعرنا المتنبي غني عن التعريف على كل متعلم أو مثقف عراقي أو عربي أو إسلامي ( كما اعتقد) فهو الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بشعره وفلسفته وإن كان البعض يعده من أعظم الشعراء العرب ولكني لا أعده من أكثرهم سمواً بل إن الإمام علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) كان شعره الأسمى والأجل يليه الإمام الشافعي( رض) على الرغم من أنهما كانا يقولان الشعر لأجل الحكمة والموعظة وهذا رأيي وإن كنت لا احترف الشعر ولا أنظمه وقد كتبت قصيدة واحدة في حياتي قالت عنها الفتاة الماهرة التي طبعتها إن كتاباتك أفضل بكثير من شعرك فمزقت القصيدة وأقسمت أن لا انظم شعراً مرة أخرى. إن شاعرنا الكبير المتنبي الذي له قبر قرب مدينة النعمانية ويقام له مهرجان متواضع كل عام، أمَّا أنا فأتمنى أن يخلد بجامعة أو كلية على الأقل في تلك المدينة تكون باسم جامعة المتنبي للدراسات الأدبية وتكون هذه الجامعة مستقبلاً خالدة كخلود شارع المتنبي الذي لم يكتمل حتى الآن إعماره. كان حديث الأستاذ الدكتور سامي مكي العاني عميد كلية الآداب في الجامعة المستنصرية سابقاً الذي استمعت إليه من إذاعة الكويت في إحدى ليالي الخميس في أواخر الثمانينيات إذ أبدع في حديثه عن المتنبي وأجمل ما كان في ذلك الحديث الذي خصص عن المتنبي وأشعاره وبلاغته وغيرها من الصفات عندما سأله المذيع هل يرى الأستاذ مكي أن هناك في الوقت الحاضر شاعراً بمستوى المتنبي / أجابه مباشرة نعم، إنه الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري. أعود بك عزيزي القارئ إلى بيت شعره وهو عنوان مقالتي هذه ونصه الكامل هو :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم وإذا كان شاعرنا العظيم يدلنا في الشطر الأول من بيت شعره على أن ذوي العقول قد شقوا في زمانهم بعقلهم وهم يعيشون في نعيم وهذا يخفف علينا بالوقت نفسه ما نراه في عصرنا الحاضر من معاناة أصحاب العقول من شقاء وبلاء في بلد كان ينبغي أن يكون بلد نعيم ورخاء إن لم يكن هذا الحال أكثر شقاوة وعناء عليهم، وبما أن العقل هو صانع الفكر ومولده لذلك كان شقاء الفكر وأصحابه في زمننا المعاصر أكثر شقاء وبلاء ولربما أقسى من ذلك إذ عبر عنه شبيه المتنبي شاعريةً في وقتنا المعاصر ألا وهو المرحوم الجواهري عندما رثى الفيلسوف أبا العلاء المعري في حفل تخليده في سوريا في منتصف القرن الماضي عندما قال في قصيدته . قف بالمعرة وامسح خدها التربا واستوح من طوق الدنيا بما وهبا لثـــورة الفكــر تأريـخ يحدـثـنا بأن ألف مسيـــحٍ دونـها صُــلِبا إذ أعجب مطلع هذه القصيدة الأديب المصري طه حسين الذي كان حاضراً في المهرجان وقتذاك فطلب من الجواهري إعادته، فأعاده الجواهري وأضاف: قف بالمعرة وامسح خدها التربا واستوح ممن طوق الدنيا بما وهبا لثــورة الـفكـر تأريـخ يحــدثـنا بأن ألـف ألـف مسيـح دونها صلبا فقال له المرحوم طه حسين ، حقاً لأنك أشعر العرب . أعود إلى الشطر الثاني من بيت شعر المتنبي الذي يذكر فيه أن أخا الجهالة في الشقاوة ينعم فإني أرى أن هذا الشطر ليس غريباً في عصرنا الحاضر بل ما زال واقعاً حاضراً في حياتنا، ذلك لأن الجهل عاد وعم في مجتمعنا بعد أن توقعنا انحساره منذ سنوات وقد أفرزت أوضاع بلدنا ومجتمعنا وأزماته ظاهرة الجهل ووسعتها وقد تجد الملايين ينعمون في جهلهم وشقائهم في حين أن ذوي العقول يشقون في نعيمهم ، إلا أن الأمر الأدهى أنك تجد بعضا ممن يدعون العلم والمعرفة ويتبخترون بشهاداتهم العالية، جهلة لا يعرفون شيئا من العلم والمعرفة حتى وأن كانت لديهم عشرات الشهادات (أولية كانت أم عليا) وهم في حقيقتهم بلداء يجيدون الثرثرة والنفاق والرياء ، يضرون في أعمالهم ويلحقون بوطنهم وشعبهم أكبر الضرر، لأن عددهم فاق تصور العقل ، تخيل عزيزي القارئ كيف سيكون وضعنا لو تسلم هؤلاء البلداء مقاليد الأمور، بلا شك أنهم سينزلون البلاء على أبناء وطنهم وشعبهم، لأنهم لا يفقهون شيئا مما يصنعون ،واستميح المتنبي الكبير عذرا لأني سمحت لنفسي أن اتصرف ببيته لأقول: ذو العقل يشقى في النعيم بعقلهِ وأخو البلادة في غبائه ينعمُ
أ. د. ماهر موسى العبيدي أكاديمي عراقي
|
||
الرئيسية |
السيرة الذاتية |
مقالات |
مؤلفات |
البوم الصور |
رسائلكم |
رثاء |
ط§طھطµظ„ ط¨ظ†ط§
جميع الحقوق محفوظة لموقع الاستاذ الدكتور ماهر العبيدي ©2009 |