اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

لكم الله يـا فـقراء العراق

 

لم يترك العثمانيون العراق بعد ان حكموه ( بل خربوه لقرون عدة ) إلا أرضاً يبابا فبعد ان كان من أرقى بقاع العالم في عهد العباسيين أقتصاداً وأجتماعاً وإن شاب مدة حكمهم ما شابه من مظالم وضعف وهوان ولكنها كانت فترات قصيرة غالباً ما تزول، المهم إننا بعد أن ذقنا ذرعاً بالعثمانيين والظلم الذي شهدناه منهم توافقنا ( تآمرنا ) مع الانكليز لننال حريتنا ونرقي اقتصادنا ومجتمعنا وإذ بنا نقع في فخ استعمار اشد ظلم من سابقه واشد بشاعة وان صبر إبائنا وأجدادنا أربعة قرون لم يطل صبرهم هذه المرة اكثر من أربعة اعوام فكانت ثورة العشرين التي حققت الحكم الوطني الملكي الدستوري لإرادة العراق وهكذا أستقرت الأمور وخلدت النفوس على امل أن يحقق العراق وشعبه العريق أماله في الحياة الحرة الرغيدة ولكنه لم يحقق هذا إذ استحوذت بريطانيا على جل خبراته وتركت له الفتات ولم تستطع الحكومات التي توالت على إدارة البلاد على عمل شيء يذكر لرفع مستوى معيشة الشعب الفقير بل سيطر على اقتصاده حفنة من الإقطاعيين والبرجوازيين الذين لو كشفت عن سجلات التسجيل العقاري في ذلك الزمان لوجدت جميع أراضي العراق ملكاً صرفاً بأسمائهم، أما السوق فيتحكم به هذا التاجر المحسوب على هذه المسؤول او ذاك أما الفقراء وهم جل أهل العراق فلم يحصلوا الا على بعض الفتات، الفلاح مغتصب حقه من الإقطاع والعامل كان أجره اليومي ربع دينار أي لا يساوي دولاراً اما الموظف الذي كان يتقاضى بعض وريقات فهو مهدد بالإقصاء بفضل ذيل هذا القانون او ذاك وبعد أن توافرت الأموال لحكومة العراق في السنوات الأخيرة من الحكم الملكي أنفقت أغلبها على البنى التحتية للبلاد والتي زادت من غنى الأغنياء وفقر الفقراء .

في فترة الحكم الجمهوري وتولي زعيم الثورة الزمام فانه اكثر من الكلام عن حبه للشعب والفقراء فكان ما أوحى به لأجهزة الحكم وما تصدره من أحكام أن تشمل الفقراء بأكثر ما يمكن من العطاء فحصل اغلب الفلاحين على قطعة الأرض التي قرت بها عيونهم وناموا أما العامل الذي نظم النقابات فزاد أجره وكذلك الموظف أقر له قانون محكم وتحسنت أحواله وزاد احترامه وحتى لا يفهم من الزعيم انه شيوعي الأفكار لم ينادي بمصادرة ثروة الأغنياء وتوزيعها على الفقراء بل أطلق شعار إننا سنرفع مستوى الفقراء ليكون بمستوى الأغنياء ولا أعلم كيف فكر بهذا الشعار لم نسمع من ينادي بمثله أي ثائر مغوار ولكنه كان يذكره بإصرار وأستمر هذا الزعيم الهمام بالدعوة لأنصاف الفقراء ولكنه قتل مما حال دون تحقيق هذا الشعار ولم نر أكان من الممكن تحقيقه أم أنه مجرد خيال بخيال .

 في فترة حكم الأخوين ساد العراق ركود في السياسة والاقتصاد وسلمت الأمور في سنة 1968 الى حزب شعاره الوحدة الحرية والاشتراكية فأمم النفط بعد مفاوضات ومناورات وتحقق حلم العراق بعودة الثروات لأبنائه الشرفاء وابتهج الجميع بما سمعوا من وعد وعهد سعيد ولم يكن ذلك عنهم ببعيد إذ اتخذت الإجراءات وعين العاطلون من حملة الشهادات في العلوم والفنون وباشرنا مرة أخرى في تشييد البنى التحتية ومحو ألامية واختفت البطالة وزادت العاطلة بما أصدرته وزارة التخطيط من تعيينات إلزامية في جهاز الإدارة والتحكم ومع زيادة الحاجة لليد العاملة بفضل تنمية البعث الانفجارية زحفت الينا اليد العاملة من أبناء الدول المجاورة والبعيدة فكان بلدنا مصدر رزق ملايين العمال والخبراء من كل حدب وصوب وعملوا أو انتجوا، المهم هو حصلوا ( أو حصدوا ) المليارات من الدولارات ولم يكن في تلك الفترة من يعارض او يستاء من هذا الزحف الذي هو كالجراد الى بلاد العراق لأن الجميع لديهم عمل او مرتب هنا وهناك من هذه المنشأة او تلك وأستمر الحال على هذا المنوال حتى زحفت الجيوش التي تبغي دك ايران واحتلال طهران فوقعنا في فخ الأمريكان فكانت النار التي أحرقت المليار بعد المليار وشربت من الدم أنهار والتي لم تنته الا بقدرة سيد الأنام، المهم أفلس العراق وغادرت أسراب الجرد وعاد أبناء العراق بعد ان أغمدت الحرب ليجدوه خراباً بعد أن عمته المآتم والأحزان خراب أعمال ولا أرزاق ولكن زاد الأغنياء غنا وثراء وزاد الفقر فقراً وخواء واستمر هذا الحال حتى جاء الحصار وصار ما صار وامتلأت بطون الحيتان بالمال السحت الحرام بحرمان الفقراء التي لولا بطاقة التموين ومكارم القائد العظيم بزيادتها كيلو او كيلوين لكانوا دون الموت قاب قوسين او أقل وهكذا صبر الفقراء في هذا البلد العظيم التاريخ والثروات وأنتظروا الفرج، وما أن حل الفرج وسقط الصنم أنتظر الفقراء في هذه الارض المعطاء وما سيحلون عليه من نعم ومغانم ومضت الشهور والسنون وإذ بالمسؤولين يحسنون التصريح ولا يجيدون التفعيل لشعاراتهم التي ملئوا بها الدنيا من الضجيج وان كانوا يفكرون بكل شفير ونقير ولكنهم نسوا الفقير الذي لم يبق لديه شيء لشروى نقير ولم يزل نائماً على حصير فكفوا يا مسؤولين بالانشغال في كل ما هو غير جدير وأهتموا بحال الفقراء أن هذا البلد الذي يملك من الثروات الكثيرة والتي صار نهبها أهتمام كل حقير من أبنائه او غريب فان أنجزتم أيها المسؤولون كل ما كنتم به منشغلين فعودوا – يرحمكم الله – يا من تجلسون على كراسي الحكم او أليها قادمون ( لاهثون ) عودوا الى ضمائركم وأهتموا بالفقير من ابناء هذا البلد العريق، وختاماً أقول لكم يا اخواني الفقراء لكم الله يافقراء العراق . 

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا