اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الـفــرس والـخـنفـســاء

 

عندما كانت مصلحة نقل الركاب في بغداد متميزة في خدماتها بنقل الركاب في بغداد ما بين مناطقها ومحلاتها المختلفة بفضل كفاءة مدرائها طيلة مدة الخمسينيات والستينيات ,فلم تكن هناك ضرورة لأقتناء سيارة صغيرة للتنقلات, إذ كانت مصلحة نقل الركاب الحمراء اللون ذات الطابقين خصوصاً بعد أن كانت درجتين وأصبحت درجة واحدة وبسعر زهيد خمسة عشر فلساً تقل المواطنين من منطقة الى اخرى التي قد تكلف أجرة النقل بينهما في الوقت الحاضر أكثر من الفي دينار او ما يعادل دولارين   تقريباً ان كانت نفس باصات هذه المصلحة ان بقيت لديها باصات أما أجرة باصات النقل الخاص فأن أسعارها ملتهبة كالتهاب اسعار النفط والبانزين والغاز والكاز.  

وقد وددت أن أكتب في مقالتي هذه صورة حية خزنتها ذاكرتي ليوم من الايام الذي عشته وأيقنته عيناي ,ففي احد ايام سنة من سنوات الستينات وعندما كنت راكباً في باص في الطابق الثاني في عودتي الى الدار كان هناك عدد من الركاب رجالاً ونساء ويبدو أنهم مثلي يفضلون الركوب في الطابق الثاني دائماً لأن الطابق الاول عادة مايكون مزدحم، صعدت إحدى النسوة وحال ما جلست في الامام باشرت بالكلام مدحاً وإشادة برئيس إحدى الجمهوريات وليس برئيس جمهورية العراق؛ ولاستمرار هذه المرأة بالكلام والاشادة بخصال ذلك الرئيس القائد الهمام، الذي ـ بحسب رأيها ـ  انه تفوق على الأولين والآخرين من الرؤساء في الشجاعة والاقدام وتحقيق الانتصارات بالمدافع والدبابات وحتى بالسيوف المصنوعة من الحديد او الاخشاب ، فضاقت ذرعاً إمراة إخرى منها لكثرة مديحها بذلك الرئيس المقدام ولربما من الثرثرة وكثرة الكلام ,قائلة لها :- ولماذا هذا المديح برئيس هو ليس رئيس العراق ؟ ولِمَ لا يكون المديح أولاً برئيس العراق وهو أيضاً من الابطال والشجعان والذي له صولات وجولات والكثير من الخصال الحميدة فما كان من هذه المرأة الثرثار، إلا وان نهرت الثانية التي طلبت توجيه المدح لرئيس العراق وليس للاجانب والغرباء :- اسكتي، فأنت كالخنفساء التي ترفع رجلها عندما يريدون تنعيل الفرس، اسكتي يا خنفساء.

وبين مد وجزر هاتين المرأتين ضحك الجالسون من الركاب وقد أعجبني  من هذا الحوار المثل الذي قالته المرأة ( أرادوا تنعيل الفرس فرفعت الخنفساء رجلها ) .

إذ لم اسمع سابقاً بهذا المثل البغدادي كما يبدو ولم أسمعه من أحد لاحقاً ،على الرغم من مرور اكثر من أربعين عاماً على سماعي هذا المثل البليغ يعود لذاكرتي أحياناً ولاسيما في  هذه السنين الطوال  ويعود لذاكرتي كثيراً في هذه الاحيان لكثرة الخنافس التي ترفع أرجلها كلما أرادوا تنعيل الفرس وكذلك الحصان. 

 

 أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا