اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الـدرهم والدينــار والـفـلس والمـلـيار

 

حتى بدايات الخمسينات من القرن الماضي لم يكن العراق قد شهد أهتماماً بلعبة كرة القدم ولم تكن هناك مباريات دولية هامة تجري داخله وخارجه، ولكن في سنة 1953 ( كما أتذكر ) كانت مباراة منتخب الجيش العراقي ومنتخب الجيش المصري كانت النتيجة التعادل حتى دقيقتها الأخيرة حيث أحرز لاعب المنتخب المصري حنفي بسطان الهدف الثالث لفريقه وكسر التعادل بفوز المنتخب المصري، ولكن تلك المباراة تركت أثارها العميقة في تطور لعبة كرة القدم واهتمام الشباب العراقي خصوصاً والشعب العراقي عموماً بتلك اللعبة، واستمرت الفرق والمنتخبات العراقية التي قادها المدرب المرحوم عادل بشير باللعب هنا وهناك داخل العراق وخارجه ولكن هذه الفرق كانت أهم ما يميزها هو وجود لاعبين أكفاء يتمتعون بمهارات فردية عالية جداً وفي مقدمتهم عمو بابا الذي بزغ نجمه في تلك اللعبة الشهيرة التي ذكرتها في مقدمتي هذه وغيره كيورا وجليل شهاب واديسون وكوركيس اسماعيل وجميل عباس ( جمولي ) وقاسم زوية وغيرهم الكثير، ولكن أهم ما يعاب عليه عدم إتقانه اللعب الجماعي كفريق واحد وعدم إتقانه تطبيق خطة لعب جيدة من بداية اللعب حتى نهايته، لذلك فأن حقق فوزاً فذلك بفضل ما يتميز به من مهارات فردية وان اخفق بخسارة ( وغالباً ما كان يحدث ذلك أمام الفرق القوية المدربة والتي تجيد تطبيق الخطط بصورة دقيقة جداً ) فان سبب ذلك هو عدم لعبه الجماعي وعدم تطبيقه خطة لعب جديدة، وفي عام 1963 سافر منتخبنا الى مصر ولعب مباراة انتهت بخسارته الكبيرة أمام المنتخب المصري بثلاثة أهداف لهدف واحد وكانت أسباب الخسارة هي كما ذكرته سلفاً، وعندما سأل المعلق الرياضي بجريدة الأهرام الملقب جهينة ( وهو احد لاعبي المنتخبات المصرية سابقاً ) عن رأيه في المنتخب العراقي قال انه يصرف دينار ليحصل على درهم، وقد كان دقيقاً ومركزاً في هذا الوصف المختصر، لأن فرقنا وحتى الوقت الحاضر ( كما أعتقد ) ما زالت على هذا الحال ولم يتطور لعبها بما يقتضي ان تكون عليه الفرق المتقدمة ليكون لعبها كفريق متكامل يلعب ويؤدي خططاً كفوءة ومتكاملة شاملة كذلك أعتقد ان تقويم جهينة ما يزال قائماً عليها وهي ما زالت تصرف ديناراً وتحصل على درهم .

تذكرت حالة فرق كرة القدم هذا وسألت نفسي ترى أليس انها أفضل حالاً من الكثير الكثير مما جرى ويجري علينا أليس هي أفضل بكثير مما حصل في منشأتنا، أليس هي أفضل بكثير مما حصل في بلدنا في عسكره، في اقتصاده، في أمواله، في إدارته، في كل شيء وهي ما زالت تصرف الدينار لتحصل على درهم كما قالها جهينة سنة 1963، فان جميع ما حصل في بلدنا وما يجري حتى الان وكأننا نصرف المليار وليس الدينار لنحصل على الفلس وليس الدرهم، فأسفاً على جيش صرفت عليه مئات المليارات ولم نحصل منه على شيء يساوي فلساً وأسفاً على اقتصاد كان يمكن ان يكون من أفضل أقتصادات المنطقة وأصبح لا يساوي فلساً وأسفاً على أموال كانت فائضة بعشرات المليارات ولم يبق منها فلساً، وعجباً عجباً على الكثير الكثير الذي كان أثمن من المليارات وأضحت لا تساوي الفلس، وعجباً على نفوس كانت أغلى من المليارات وأضحت لا تساوي الفلس .

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا