اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

في الحليب معرفش , في النطاح يا سلام

 

في احد الأيام روى لي صديق حكاية أضحكتني كثيراً وبقت في ذاكرتي كمثل أشبهه بكثير من الظواهر التي تنطبق عليها تلك الحكاية الظريفة, كان صديقي هذا وبسبب تقاعده من الوظيفة بعد خدمة طويلة خرج منها خالي الوفاض بتقاعد زهيد, يمارس الأعمال الحرة المختلفة تجارية منها وعقارية وزراعية , فكر في احد الأيام بشراء بقرة لإضافتها إلى قطيع الأبقار والأغنام التي كانت في مزرعته الخاصة, وعند نزوله إلى السوق الذي تباع وتشترى فيه الأبقار عثر على ضالته بقرة يعرضها للبيع مزارع مصري ممن عملوا في بلدنا خلال النصف الثاني من السبعينيات من القرن الماضي والنصف الأول من الثمانينيات منه, قال صديقي: أعجبتني جداً تلك البقرة, فسألت صاحبها أخونا المصري, كيف هي بقرتك يا معلم؟ أجابني فوراً: (بقرتي في الحليب معرفش ولكن في النطاح يا سلام), ضحكت معه كثيراً على إجابة المعلم المصري السريعة والخفيفة كخفة دم أخواننا المصريين. 

تمر الأيام والسنون على هذه الحكاية وأنا أراها واقعاً حقيقياً على كثير من الناس في بلادنا وخصوصاً في هذه الأيام فهم في الحليب منعرفش ولكن في النطاح يا سلام, أعود لأقول وبصورة أوضح إن كثيراً من الناس في بلدنا هذه الأيام يجيد الكلام وينمقه ولكنه لا يفعل شيئـاً ليؤكده كواقع حال هو قادر على تحقيقه, كثير من الناس كثيرو التبجح بإمكانيتهم العظيمة وقدرتهم الفائقة على تحقيق ما لم تستطع تحقيقه الأوائل, وعند استلامه دفة الأمور تجده غير قادر على فعل أي شيء (ان لم يخيط ويخربط كما يقول المثل العراقي), كثير من الناس لا ينفع ولا يفيد ولا يؤدي عملاً صالحاً ولكنه في النفاق والشغب يا سلام, كثير من الناس لدينا في هذه الأيام أصبح عندهم الإجرام والاعتداء والإيذاء بأية صورة كانت دينه وديدنه لا رحمة ولا شفقة في قلبه أو دماغه أو لسانه وكثير كثير من الناس لا أحب ان أسهب واسرد الأمثلة عليهم ولكنهم كبقرة صاحبنا المصري في الحليب ما ينفعوش ولكنهم في النطاح يا رب سترك.

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

»

اكتب تعليقا