اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

طالب الولاية لا يُولى

 

ونحن في الظروف السياسية والاقتصادية والإدارية التي يعيشها شعب العراق تدفعنا هذه الظروف السيئة التي طال أمدها وطال صبرنا عليها حتى سيكون صبر أيوب خمسة وثلاثون عاماً من الحكم الدكتاتوري وما سبقه من ظروف غير مستقرة ثم ما لحقنا من مآسي وكوارث بدءاً من الحرب التي شنتها أمريكا وحلفائها التي شعارها إسقاط رئيس النظام السابق وحقيقتها التهام ما تبقى من ثروات وخيرات هذا البلد وفاتحة لاستعمار جديد للمنطقة كلها عربية كانت أم إسلامية والتهام كل خيراتها فأن كان الاستعمار أعلى مراحل الرأسمالية فالرأسمالية الأمريكية الحديثة أعلى مراحل الاستعمار الحديث وان كانت مبرقعة بشعارات الديمقراطية والحرية الزائفة التي أضحت لا تنطلي على احد .

أرى أني أسهبت في مقدمتي هذه في التطرق الى الأمور السياسية ونسيت موضوع الخاطرة الا أنها في الحقيقة ذات صلة وثيقة بها ذلك لأني خدمت في الدولة العراقية منذ نصف قرن تقريباً وقرأت معظم قوانينها وأنظمتها درست جزء منها ودرستها وعرفت واطلعت على كفايات جميع رؤساء وزاراتها وكذلك عرفنا أغلب مسؤوليها ممن كانوا بدرجات خاصة أو عامة وأجزم أن أغلبهم كان ( حتى انقلاب حزب البعث وأستلامه السلطة ) رجلاً مناسباً في مكان مناسب سواء من حيث الخبرة العلمية او من حيث الشهادة العلمية، إلا ان منذ ذلك الانقلاب ومنذ أيامه الاولى حتى بدأنا نرى العجب العجاب في تسليم المناصب والإدارات وإذا ضربنا صفحاً عن القياديين واغلب الوزراء منهم الذين لم يكونوا أصحاب خبرة او معرفة او دراسة في أدارة الحكم بل كانت لديهم مرتباتهم الحزبية لو أتينا الى من ولوا الأمور الإدارية فقد بدأ الشطط والفوضى في هذا الجانب فأسندت وظائف كثيرة هامة وحساسة لحزبين او متملقين منافقين غير مناسبين لها فحصل أضرار كبيرة في كفاية الاداء لجهاز الدولة بسبب اداء هؤلاء غير المناسبين لوظائفهم، وإذا كان هذا النهج قد برر لهذا السبب او ذلك او لرغبة السلطة والحزب لتثبيت الأقدام وتعزيز سلطة الحزب كهدف سريع فأنها في الحقيقة لم تكن الا مقدمة لخراب الدولة وإدارتها بعد هذا الذي حصل في السنة الأولى او الثانية من قيام الانقلاب ( او عمر الثورة كما كانوا يقولون ) ماذا حصل وكيف أشغلت المناصب والوظائف في دولة فبدأت تتسع أعمالها ومهماتها السياسية والعسكرية والاقتصادية فبعد أن تربع القياديون على أهمها بدء البحث عن الولاء للحزب والثورة كهدف أساسي لكسب أوسع الجماهير المؤيدة او المصفقة وبعد أن انتهجت سياسة الترهيب للمعارضين والترغيب للمؤيدين بدأت تشعر هذه الفئة الأخيرة والتي أغلبها كان طالباً للولاية أن لا مناص من أن تغير جلدتها وتتظاهر ( أو تسجل الانتماء للحزب ) في سبيل الحصول على المناصب ثم بطبيعة الحال المكاسب فسارع كل من هب ودب من أنصاف المتعلمين وأنصاف المثقفين والمستعدين لتبني فكر او مبدأ في سبيل الحصول على المنافع وأستمر الحال على هذا المنوال لفترة طويلة من الزمان وبدء التدهور في كفاية الأداء في منشآت الإنتاج منها والخدمات وبعد تدهور أوضاع السياسة والاقتصاد كان من السهل على أغلب هؤلاء قبول التردي في الأوضاع وضياع الأموال وتدهور كفاية الأداء وغض الطرف عن الرشاوى والاختلاسات والهدر والتبذير في الأموال ما داموا هم في مناصب وادارات يكسبوا منها كل ما هو راغب فيه ويطمع ومع لجوء قائد النظام بالإغداق عليهم بالأوسمة والأنواط والأموال تحولت منشآت البلد وإدارته الى ارث او ملك صرف ( طابو ) لهم لا يدخلها أي ذو بصيرة وعلم الا ما ندر فعم الفساد حتى تآكل جهاز الدولة بسبب هذا الانحراف فعاث الفساد حتى أصبح كآفة العث في الثياب او الارضة في الاشجار تهوى حال هبوب اخف الرياح وهذا ما حدث لدولتنا في التاسع من نيسان فحلت الهزيمة وخارت العزيمة وسلمت الامور الى اللصوص وقطاع الطرق ممن أكرمهم القائد الهمام بالعفو المرام فعبثوا في ارض العراق واستولوا على ما تبقى من غال ونفيس ولم يتصدَ لهم الرفاق ولا أجهزة الأمن والمخابرات لأن الأوامر تقضي ان تحرق الأموال ويسحق العراق بعد هذا العرض لواقع الحال مما مضى من الزمان فما الذي حصل ايها الإخوان بعد أن احتلنا الأمريكان وأتباعهم من إنكليز وطليان ومجموعة من الخرفان لملموا من مختلف البلدان، الذي حدث يا إخوان ان جمع كبير من طالبي الولاية بدؤا الهرولة صوب بريمر الأمريكان عارضاً الخدمة بأبخس الاثمان آملاً في الحصول لاحقاً على المغانم والاطيان وتلقفهم الأمريكان ووضعوهم في مناصب لا علم لهم فيها ولا مكان فكانوا أشخاصاً غير مناسبين لمناصب غير مناسبة ولم تمض الا فترة شهور من الزمان حتى بدأت الفضائح تزكم الأنوف وتصم الأذان وبدأت الحقائق تعلن في كل مكان عن نهب ما كان بالإمكان ما دام هناك الأمان تحت مضلة الأمريكان وسنستمر على هذا الحال حتى تجري الانتخابات بقدرة سيد الأنام ويعم الوئام وتتولى زمام الأمور خيرة الأزلام هدفها ومبدئها خير الناس من نفع الناس وعند ذاك سيستلم الأمور مجموعة من أصحاب القيم والشهادات هدفها خدمة الناس وليس الركض على المغانم والكسب الحرام وعندها سأذكر الناس بأن ديننا عظيماً في الامر لزكاة النفس ورقابتها وأن نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) كان يحاسب الولاة على أدائهم ولا يستعمل الضعاف منهم وكم كان الخلفاء الراشدين عظاماً وكم كان الخليفة عمر بن الخطاب رائعاً في تنظيمه ( تخطيطه ) لسياسة الاقتصاد في الإسلام وكم كان عظيماً في تنظيمه لإدارة أموال المسلمين ومحاسبتها .

وأختم خاطرتي هذه بعنوانها قول الخليفة عمر بن الخطاب ( رض ) :-                                             

  (( طالب الولاية لا يولى ))

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا