اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الفساد الإداري والغش الامتحاني

 

في خاطرتي هذه سأتناول ظاهرتين كلتاهما شاعت في مجتمعنا في السنوات الاخيرة وما زالت كلتاهما في قطاعين او مفصلين مهمين في المجتمع العراقي الاول هو الجهاز الاداري والاخر هو قطاع التربية والتعليم العالي وأصبح الحديث عن هاتين الظاهرتين محط حديث المجتمع العراقي ومن حسن الحظ أن الغالبية العظمى منهم أعلن رفضه لكلتا الظاهرتين المقرفتين اللتين شاعتا ولا يوجد ما يدلل على قرب انتهائهما في الامد البعيد وان تعذر علينا ذلك في الامد القصير وإذا رجعنا إلى ظاهرة الفساد الإداري فان الفساد المالي الذي يلهث بأتجاهه الكثيرون كالكلاب ( لا بل كالذئاب الجائعة ) على الرغم من ان في جعبة معظمهم الملايين او المليارات هؤلاء المفسدون الماليون جميعهم بطبيعة الحال يحللون لأنفسهم نهب أموال الدولة بأية صورة من الصور ضاربين عرضاً المصلحة العامة التي أئتمنتهم الدول عليها لا بل هم خائنون للأمانة التي حرمت الاديان السماوية جميعها خيانتها ووصل بهم الحال بعدم المبالاة بالضرر الذي يصيب المال العام حتى ولو كان الاف المرات مما يقبضون او يستفيدون فإذا كان ما ذكرت وجه أو نوع واحد من أنواع الفساد المالي الذي شاع في أجهزة الدولة جميعها كما يبدو وأصبح حجمه بالمليارات بعد أن كان لا يسمح بهدر حتى الدينار ( أن لم يكن حتى الفلس الواحد ) فأن أوجهه الأخرى هي التواطئات والنسب في مجمل مبالغ الصفقات ( شيلني وأشيلك ) والرشاوى والهدايا ( الصيغة المهذبة للرشاوى ) والاختلاسات وغيرها، أما الصور الاخرى من صور الفساد الاداري التي صيغتها الظاهرية أدارية غير مالية والتي حقيقتها أو ما ينجم عنها منافع مادية تخريباً أقتصادياً خطيراً ضمنها المحسوبية والمنسوبية و التوسطات من دون وجه حق وتعيين او تكليف اناس غير مناسبين بوظائف او مناصب غير مناسبة او التكاسل او الاهمال وعدم الاهتمام المجاملات ( المنافقات ) على حساب المصلحة العامة وكذلك استغلال موجودات وأمكانية الدولة العامة للمصلحة الخاصة وغيرها الكثير الكثير من هذه الصور المخربة للجهاز الاداري للدولة والتي احالته كما توقعنا منذ بداية الثمانينات والتي يتذكرها طلبتنا حتى الان الى هيكل منخور تقلعه أي ريح تهب عليه حتى لو كانت ضعيفة القوة .

أعود الى استكمال الجانب الاخر من خاطرتي هذه وأتساءل من هم هؤلاء المفسدون مالياً ام أدارياً وما هو موقعهم وكيف وصلوا اليها انهم جميعاً حملة شهادات جامعية ( او قد تكون أعدادية على الاقل ) تدرجوا في وظائفهم الادارية حتى وصلوا الى مواقع عليا كانت او اقل يستطيعون فيها ممارسة فسادهم المالي او الاداري بمختلف انواعه ولكني أعتقد ( ان لم اكن واثقاً تماماً ) ان الحصول على الشهادة للزهو ببريقها والتشدق بقيمتها وهي في الحقيقة خاوية على عروشها لا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه، بل كانت جوازاً له للحصول على وظيفة ومن ثم موقع فمنصب يستطيع من خلاله النفوذ باي مستوى يتيح له ذلك الموقع او المنصب ليأخذ قسطه من الرشاوى او الاختلاس او التواطئ او الابتزاز او التوسط للحصول على مال او جاه والاهمال والهدر والتبذير والاستغلال وغيرها الكثير من انواع الفساد المالي و الاداري ولكن رب سائل يسألني كيف تستطيع ان تربط بين هذا وذاك فأجيب وكما ذكرت أبحث عن تاريخ هذا المفسد في جهاز الدولة تجده غشاشاً في مدرسته او جامعته كما ان ممارستي للعمل المهني التدقيقي والرقابي والتدريس الجامعي اوصلني الى قناعة تامة بترابط هاتين الحالتين وتزامنهما وأني إذ أُكد على ذلك واستطيع أثباته من خلال لفت أنظار الجميع بأننا في السنين الاخيرة شهدنا تفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي المقرفة في جهاز الدولة وهي ليست تهمة لذلك الجهاز وليس لجميع العاملين فيه بل يكفي ان كان هناك واحد يمارسه في أي مؤسسة سيسيء لسمعة تلك المؤسسة كما ان تفشي ظاهرة الغش الامتحاني او حتى الرغبة الجامحة للغش الامتحاني لدى طلبة الاعداديات او الجامعات هي من المظاهر الخطيرة جداً على النظام التربوي والتعليمي في البلد ومن ثم مستقبلاً على جهازه الاداري بكامله فأين سيذهب هؤلاء الغشاشون ؟ اليس جزء كبير منهم سيبحث عن الوظائف في دواءر الدولة ومؤسساتها ومن ثم يبدأ التبجج بكونه حاملاً لهذه الشهادة وتلك الدرجات او المستويات ثم يبدأ بالاستفادة بالانتفاع والابتزاز والارتشاء ومن ثم ممارسة الفساد في هذه المؤسسة او تلك الدائرة التي سيعمل بها انهما حتماً ظاهرتان متلازمتان واذا كنا نرفع اصوانتا عالياً بضرورة معالجة ظاهرة الفساد فاني أرفع صوتي عالياً بضرورة الوقاية من الفساد واهم وافضل وسيلة للوقاية من الفساد الاداري هي القضاء على الغش الامتحاني . 

 

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

    

»

اكتب تعليقا