اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

أحيا وأموت على البصرة

 

مرة اخرى أجدُ في اغاني المطرب حضيري أبو عزيز مصدر الهام لكتابة خاطرة جديدة, فبعد أن كتبت خاطرتي الاولى التي استلهمتها من أغنيته (احنه بنات البلد والكهرباء عدنه) ذكرتني زيارتي الاخيرة لمدينة البصرة بأغنية هذا المطرب المشهور (أحيا وأموت على البصرة), والتي استمعت اليها كثيراً في خمسينيات القرن الماضي وأدركت مدى صدقها في الستينيات منه عند زيارتي الاولى لها في ربيع عام 1961, فقد كانت فردوسًا وجنة لله على أرضه, ما أجمل اسواقها وما أعذبَ ماءها واطيبه , ما أجمل عشارها الذي بقى اسمه الشاهد الوحيد على ضريبة العشر التي فرضها الخليفة عمر بن الخطاب (رض), ما أجمل أثلها وخورتها وأبا الخصيب فيها. وحقًا كان يردد هذا المطرب أن البصرة فيها الزبير وفيها التمر وفيها الخبر. اما اهلها فكانوا وما يزالون من أطيب الناس في العراق و اكرمهم, هادئين بطبعهم, صابرين على أمرهم, عابدين لربهم, هذه البصرة كما شاهدتها وعرفتها في سفرة طلابية في ذلك الربيع, وإن كان اهل البصرة بطباعهم المتميزة والكريمة هم على حالهم لم يتغيروا على الرغم مما أنزله نظام صدام بهم من كوارث نتيجة حروبه العبثية, لانهم اصلاء , أبناء عشائر عربية أصيلة , يمتد تأريخها ومجدها حتى تأريخ بناء هذه المدينة التي أدت خدماتها للعراق منذ نشوئها وحتى الان, فهي عين العراق على الخليج وعلى اهله وبفضلها نشأت افضل العلاقات الاقتصادية بين العراق وامم كثيرة, ومن يُرد الاستزادة من هذه المعلومات فليقرأ كتاب المرحوم صالح احمد العلي (تأريخ البصرة في القرن الاول الهجري) أو كتاب الدكتور عبد العزيز الدوري (تأريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري ) فسيجد المزيد من التفصيلات, اما في الفقه والاداب والفلسفة فأن لابناء البصرة باعًا طويلاً فيها, فهي التي انجبت الفلاسفة والعلماء مثل الجاحظ والفراهيدي والفارابي والبصري وغيرهم من فقهاء وأدباء وشعراء, ولعل من أبرزهم في عصرنا الحالي الشاعر المرحوم بدر شاكر السياب. 

أعود الى هدفي الرئيس من خاطرتي هذه , لاقول إن الشعب العراقي وحده يعرف مدى التضحيات التي قدمها ابناء هذه المدينة, والخراب الذي أصابها طيلة الاربعين عاماً الماضية , وعلى الرغم من مرور عامين على سقوط النظام , فأن البصرة التي تطفو على أكبر بحيرة نفطٍ وماءٍ في العالم تجد آثار الحروب مازالت قائمة فيها, ومعالمها مشوهة, وجمالها الفردوسي اصبح قاحلاً شاحبًا, والنظافة فيها معدومة بل تجد النفايات مكدسة في اهم شوارعها. أين محافظها من هذه الحالة المزرية؟ أين رئيس بلديتها؟ والتي هي من أولى واجباتهما. أين اعضاء مجالس المحافظة والبلدية؟ أين المنظمات الشعبية ؟ وأين التنظيمات الحزبية؟ لا أعلم! لماذا لا تخصص الاموال الكافية لتنظيف شوارع البصرة وساحاتها وانهارها, هل هذا جزاء البصرة واهلها الطيبين, وهل طيبتهم دفعت المسؤولين لاهمالهم واهمال مدينتهم العظيمة, أين الوفاء يا أيها المسؤولون في بغداد وفي البصرة لهذه المدينة المجاهدة.

اعود واقول إن الدكتور احمد الجلبي لم يكن جريئاً بما يكفي للوفاء للبصرة بما اقترحه من تخصيص 20% من موارد نفطها الاغزر في العالم كله لاقليم الجنوب ولكني اقترح تخصيص 50% للانفاق على البصرة واحيائها واهلها حتى تعود البصرة فردوس العراق, ولؤلؤة الخليج وأجمل مشتى ومدينة في العالم, مدينة أعراس العراقيين جميعًا, متى أصبحت البصرة هكذا ولكل حادثة حديث.

ختاماً يا ايها المسؤولون في بغداد وفي البصرة عليكم الاهتمام بالبصرة وبأهلها الكرام, يا أهالي البصرة الصابرين كفا صبرًا أطول من صبر النبي ايوب (عليه السلام) , فتضامنوا واعتصموا وتظاهروا من أجل البصرة وأنا سأبقى على الدوام شاكراً للمرحوم حضيري ابو عزيز لأغنيته الجميلة:

أحيا وأموت على البصرة

 

أ.د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

 

»

اكتب تعليقا